أفاد نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون شبه الجزيرة العربية دانيال بنعيم في مقابلة مع “الشرق”، بأن الولايات المتحدة عززت تواجدها عسكرياً في منطقة الخليج بشكل مؤقت، مؤكداً أن بلاده لا تسعى للتصعيد أو الصراع في المنطقة، ولكن “من أجل حماية حرية الملاحة أمام تهديدات إيران”. ورداً على سؤال بشأن سبب زيادة الجيش الأميركي عدد أفراد قواته ومعدّاته بمنطقة الخليج، قال بنعيم “أرسلنا معدّات إضافية للمنطقة مثل المدمرة (USS Thomas Hudner) ومقاتلات من طرازي F-35 وF-16، كعمليات نشر مؤقتة، وليس بهدف السعي للصراع أو التصعيد، بل بسبب ما كنّا نراه من تهديد من قبل إيران”، مشدداً على أن “حرية الملاحة ذات منفعة عامة ودولية”. وأشار إلى أن “واشنطن لاحظت أن طهران تضايق وترهب وتستولي وتحاول الاستيلاء على سفن مدنية”، واصفاً هذا السلوك بـ”النادر حول العالم”، مضيفاً: “لذلك كان من المهم إرسال رسالة للاقتصاد العالمي ولجميع شركائنا بأن الولايات المتحدة تأخذ الأمر على محمل الجد”. وشدد نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي على أن “عمليات الانتشار في المنطقة تأتي لدعم حرية الملاحة”، مشيراً إلى هذا “الأمر ليس مجرد قضية أميركية بل عالمية وخليجية”. وأوضح: “25% من النفط الخام في العالم يمر عبر مضيق هرمز، بقيمة تريليون دولار”. ووصف بنعيم قضية حرية الملاحة بـ”الخطيرة جداً”، مشيراً إلى مشاركته في مؤتمر بحري عالمي مع 22 دولة و90 من كبار المسؤولين العسكريين والدبلوماسيين في أواخر يونيو الماضي بهدف دعم هذه القضية. وأوضح أن “إيران تتخذ إجراءات تهدد السلع العالمية وحرية الملاحة”، مشيراً إلى أن “واشنطن اتخذت خطوات مسؤولة ومدروسة للتأكد من الدفاع عن حرية الملاحة ودعمها”. وكانت القيادة المركزية الأميركية الوسطى “سنتكوم”، أعلنت في يوليو الماضي، نشر “قوة ردع برمائية/ وحدة مشاة بحرية” في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى القوات المتمركزة هناك، في أعقاب إرسال مقاتلات من طرازي F-35 وF-16، ومدمرة الصواريخ الموجهة (USS Thomas Hudner). ومنذ 2019، وقعت سلسلة من الهجمات على سفن في مياه الخليج الاستراتيجي في أوقات توتر بين الولايات المتحدة وإيران. “خفض التصعيد مع إيران”وفي سؤال بشأن مدى تغيّر السلوك الإيراني عقب عودة العلاقات مع السعودية والاتفاق مع الولايات المتحدة على “تبادل السجناء”، قال بنعيم إن “بعض الدول تستكشف إمكانية خفض التصعيد لمعرفة ما إذا كان بإمكانها تغيير السلوك الإيراني بطرق مختلفة، وفي الوقت نفسه التعامل مع الحقائق والاستعداد للمستقبل”. وأضاف بنعيم: “لذلك جميع الدول تشارك في الدفع بخطوات نحو خفض التصعيد، والعمل معاً على الردع الإقليمي”، مشيراً إلى أن “الجميع يسعى لتحقيق هذا الهدف”. واعتبر أن “ذلك يُعد سبباً إضافياً للاجتماع والتحدّث عن كيفية تحقيق التوازن بين هذه الفرص التي نسعى إليها، والضروريات التي نواصل تنفيذها بشكل منتظم جداً مع شركائنا في هذه المنطقة”. وتابع: “التهديدات مستمرة ولم تهدأ، ونحن نعمل على متابعة خفض التصعيد لمعرفة التهديدات التي يمكن التعامل معها من خلال الدبلوماسية، كما نتأكد من وجود دعم للتعاون الأمني العميق وطويل الأمد حتى نكون مستعدين”. وتوصلت طهران وواشنطن مؤخراً إلى اتفاق أسفر عن تبادل 5 محتجزين، الاثنين الماضي، وتضمن الإفراج عن 6 مليارات دولار من أموال طهران في كوريا الجنوبية. الاجتماع “الخليجي- الأميركي”وفي ما يتعلق بنتائج الاجتماع الذي عقد على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بين وزراء خارجية دول الخليج ونظيرهم الأميركي أنتوني بلينكن، اعتبر بنعيم أن الاجتماع الذي استمر ساعتين أظهر “الجدية والأولوية التي نوليها لهذا الأمر”. وأضاف: “بحث الوزراء مجموعة مختلفة من القضايا المنطقة المهمة، منها إيران، إذ تعمل دول المنطقة معاً لردع التهديدات المختلفة، وأيضاً مواصلة الجهود الدبلوماسية الساعية لخفض التصعيد في المنطقة”. وناقش الوزراء الملف اليمني و”كيفية تثبيت الهدنة” التي انتهت في أكتوبر الماضي، “وصولاً لمفاوضات يمنية– يمنية”، و”معاجلة الأزمة الإنسانية”، بحسب بنعيم الذي قال إنهم بحثوا أيضاً “القضية الفلسطينية- الإسرائيلية ومسار حل الدولتين”. ولفت إلى أن الاجتماع بحث كذلك “الفرص المتاحة للتكامل الإقليمي وعدداً من القضايا الأخرى”، واصفاً المناقشات بـ”الرائعة”، لكنه أضاف: “لم نرغب أيضاً في أن يتم حصرنا فقط في الأزمات الراهنة، فالشعوب تتطلع إلى الآفاق، وتفكر في مستقبلها وليس فقط الأزمات الراهنة”. وأضاف: “تفكر الشعوب في أهدافها على مدى السنوات 10 أو 20 أو 50 القادمة، ويبحث الناس عن مشاريع جديدة ومشاريع للتكامل، والتعاون التكنولوجي، وأخرى ومشاركة المرأة وقضايا أخرى”، مؤكداً دعم بلاده لذلك. وفي سؤاله عن مشاريع التكامل بين دول المنطقة، قال نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي، “ليس لدي جديد لأعلن عنه”، لكنه أكد أن أولوية إدارة الرئيس جو بايدن هي “الاتفاق التاريخي” لإنشاء “ممر اقتصادي جديد” يضم دولاً عدة، ويربط الهند والشرق الأوسط وأوروبا. ووصف الاتفاقية بـ”الكبيرة”، مرجحاً أن تكون ذات “تأثير تحويلي حقيقي” على المنطقة التي تشهد “تحركات دبلوماسية حساسة تسعى إلى إقامة علاقات إضافية تتجاوز ما نراه اليوم”. ولفت إلى أن كل تلك التحركات “ترسم صورة” عن طريقة “عمل الولايات المتحدة في الخليج والشرق الأوسط”، موضحاً أن الاتفاقية “جزء من مبادرة استراتيجية تهدف تشكيل مستقبل المنطقة كما نريدها أن تكون، وليس فقط التعامل مع التحديات الإقليمية كما نفعل اليوم”.