تم النشر في: 06 أبريل 2025, 5:46 صباحاً نقل المُعَلِّمات -سواء الداخلي والخارجي- معضلة تورق كل معلمة وذويها، بعكس المعلمين، فهم -وإن كانوا لا يعانون كثيرًا في مسألة النقل- أكثر تكيفًا من المعلمات، وأحسن ظروفًا منهن، مهما يكن مكان تعيينهم. ومن خلال متابعتي لحركة النقل في السنوات الماضية، لاحظت أن المعلمين أكثر حظًّا من المعلمات في ذلك، فالمعلم لا يأخذ من الوقت مثل ما تأخذه المعلمة حتى تُنقَل. وقد تَعَاقب كثير من الوزراء على وزارة التعليم، وكذلك الرؤساء، عندما كان تعليم البنات تحت مظلة الرئاسة العامة لتعليم البنات، وطرأ على التعليم كثير من التغييرات الإدارية، ومع ذلك، ما زال نقل المعلمات وإجراءاته بنفس الجمود، وكأنه نص قرآني منزل لا ينبغي تغيره. والمعمول به في كثير من الجهات الحكومية والخاصة، في التعامل مع طلبات نقل الموظفين بين فروع تلك الجهات، أن يكون من خلال معيار واحد، هو تاريخ تقديم طلب النقل، وبهذا يُنقَل الموظفون بشكل مُرْضٍ وعادل، بينما في المقابل يوضع كثير من المعايير لتقديم طلب نقل المعلمات، في وجهة نظري، لا علاقة لكثيرٍ منها بطلب النقل، ونتيجة لذلك، قد تُنقَل معلمة من أول طلب نقل، بينما زميلتها التي تقدمت بطلب النقل منذ عشر سنوات لم يحالفها الحظ بنقلها. تفاوت هذه النتائج يجعل من الضروري دراستها، وإعادة النظر في إجراءات حركة النقل، ودراسة مدى فاعليتها في الوقت الراهن، ومعالجة ذلك وَفق أحدث الممارسات؛ فوزارة التعليم تزخر بكثير من الكفاءات العلمية والإدارية، القادرة -بتوفيق الله- على وضع استراتيچية لحركة نقل المعلمين والمعلمات، تخدم العملية التعليمية، فمتى توافرت البيئة المناسبة للمعلمين والمعلمات، ينعكس ذلك على جودة مخرجات التعليم، ويصب ذلك في مصلحة الوطن. مع إعلان وزارة التعليم عن إطلاق برنامج «فرص»، الذي يهدف إلى تنظيم نقل شاغلي الوظائف التعليمية وفق ضوابط وشروط محددة، بدا للوهلة الأولى أن الوزارة قد وجدت حلاً لمشكلات نقل المعلمين والمعلمات. فوفق ما أُعلن، سيتم طرح الفرص المتاحة على مدار العام، مع تحديد يوم الاثنين 9/10/1446هـ موعدًا لانطلاق الإعلان عن تلك الفرص وفق القطاعات التعليمية، مما يتيح للمعلمين والمعلمات التقديم خلال الفترة الزمنية المحددة لكل إعلان. إلا أن الاطلاع على القواعد التنظيمية للبرنامج كشف أن عناصر المفاضلة لم تتغير عن إجراءات حركة النقل السابقة، كما ورد في المادة الحادية عشرة. بل على العكس، فقد أضيف إجراء جديد كما جاء في المادة الرابعة، وهو «المقابلة الشخصية»، التي تظل أداة جدلية بسبب انخفاض معامل صدقها وثبات نتائجها، مما قد يؤثر على عدالة المفاضلة بين المتقدمين. وعليه، فإن برنامج «فرص» لا يبدو مختلفًا عن الأنظمة السابقة لحركة النقل الداخلي والخارجي، سوى في الاسم. فالمشكلة الأساسية لا تزال قائمة، وتتمثل في عناصر المفاضلة التي شكلت عقبة أمام العديد من المعلمين والمعلمات في تحقيق رغباتهم في النقل. قد يرى البعض أن الحكم على البرنامج سابق لأوانه قبل أن تظهر نتائجه الفعلية، لكن كما يقول المثل الشعبي: «ليالي العيد تبان من عصاريها». فالمؤشرات الأولية تعكس استمرار التحديات ذاتها، مما يثير تساؤلات حول مدى قدرة «فرص» على إحداث تغيير حقيقي، أم أنه مجرد إعادة صياغة لنظام سابق بمسمى جديد. وَلَدَيَّ اقتراحان قد يساهمان في معالجة حركة النقل: أولهما: اعتماد معيار واحد للنقل، هو تاريخ تقديم طلب النقل، وبحِسْبة بسيطة لإحدى حركات النقل في فترة ماضية، نجد أن قرابة (٢٧) ألف معلمة تقدمت بطلبات نَقْل، نُقِلَ منهن (٩) آلاف معلمة. وعند تطبيق هذا الاقتراح، لن يتعدى انتظار المعلمة لتنفيذ نقلها ثلاث سنوات كحد أقصى. ويضاف إلى هذا الاقتراح، أن يكون إحلال المعلمات والمعلمين طالبي النقل على الوظائف الشاغرة بدل التعيين عليها مباشرة، وتعيين المعلمات والمعلمين الجدد على ما يشغر من حركتي النقل الخارجي والداخلي. والاقتراح الثاني يشابه «نظام بديل» الذي كان موجودًا في فترة سابقة، ولا أعلم هل كان مفعَّلًا في حينه أم لا. وتتمثل فكرة الاقتراح بإيجاد نظام دائم للنقل، يضاف إلى نظام «نور»؛ حيث يتعين على طالب النقل (معلمًا أو معلمة)، إدخال معلومات المدرسة التي يريد النقل إليها، فتظهر في صفحة حركة النقل بيانات المعلم أو المعلمة، متضمنة مدرسته الحالية -وَفق بياناته في «نور»- وبيانات المدرسة التي يريد النقل إليها، ليقوم النظام بمعالجة الطلبات، وتحديد المتوافق منها، وتأكيد موافقة طرفي النقل، ثم اعتماده من الجهة المختصة، على أن تكون بداية تنفيذ النقل مع بداية العام الدراسي التالي، تجنبًا لإرباك العملية التعليمية. ولا شك أن معالجة طلبات نقل المعلمين والمعلمات تسهم في تخفيف الزحام المروري الذي نشاهده كل يوم، وخاصةً في مدينة الرياض، فهناك من المعلمين والمعلمات الذين يسكنون في شرق المدينة ومدارسهم في غربها، وكذلك العكس، فالمعلمون والمعلمات شريحة كبيرة، والمدارس من المباني التي تنتشر في كل حي، والنقل بينها ممكن، بل سهل يسير، ويستطيع المعلم والمعلمة العمل في المدارس القريبة من مكان سكنه. إن حل هذه المعضلة يدعم أهداف «رؤية المملكة 2030»، وعلى رأسها الوصول إلى «مجتمع حيوي»، يعيش فيه الجميع حياة كريمة وسعيدة، من خلال «برنامج جودة الحياة» الذي يعمل على تحسين سبل العيش، وزيادة فرص العمل، والترفيه، وتحسين نمط الحياة، وبناء مجتمع مثالي للمواطنين والمقيمين والزائرين.