تم النشر في: 10 أبريل 2025, 8:10 صباحاً تتصاعد الأجواء السياسية حول التحركات العسكرية الأمريكية التي تضع إيران في دائرة المراقبة الدقيقة، فبينما تتداول الأوساط الإعلامية تصريحات بارزة من المسؤولين في الإدارة الأمريكية، في ظل حملة قصفٍ مكثّفة في اليمن وتوتراتٍ متصاعدة في الشرق الأوسط، يتصدَّر نشر قاذفات بي-2 الأمريكية المشهد، في خطوةٍ يُعتقد أنها تحمل رسائل خفية إلى العاصمة الإيرانية، وتكشف تفاصيل هذه الخطوة عن إعادة توزيع القوى والتوازنات الجيوسياسية في المنطقة؛ ما يفتح آفاقاً جديدة للمفاوضات والحركات العسكرية المحتملة. انتظارٌ وتحدٍ صرّح وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسث؛ بأن نقل قاذفات بي-2 إلى قاعدة عسكرية مشتركة بين الولايات المتحدة وبريطانيا تمَّ بمرونة تكتيكية من جهة الإدارة الأمريكية. وأوضح هيجسث؛ أن المسؤولية الحقيقية في تفسير هذه الخطوة تقع على عاتق إيران، حيث أكّد: "سنترك القرار لهم"، وهذا التصريح يعكس نهجاً يعتمد على الانتظار والتحدّي، إذ أشار إلى أن الولايات المتحدة لا تسعى لفرض موقفٍ هجومي واضحٍ؛ بل تترك لإيران حرية اتخاذ قراراتها مع ترقب ردود الفعل والتأثيرات المحتملة على برنامجها النووي، وفقاً لـ"رويترز". ونُقل ما يصل إلى ست قاذفات بي-2 خلال شهر مارس إلى قاعدة دييغو جارسيا الواقعة في المحيط الهندي، وهي قاعدة إستراتيجية يشترك فيها الأمريكيون والبريطانيون. وتُعَد هذه القاذفات من أرقى الطائرات في الأسطول الأمريكي، بمنزلة أصول إستراتيجية؛ نظراً لقدرتها على حمل أشد الأنواع من القنابل بما في ذلك الأسلحة النووية، ويمتلك الجيش الأمريكي فقط 20 قاذفة من طراز بي-2؛ ما يجعل استخدامها خطوة نادرة وحاسمة تُتمّم إستراتيجية الردع في المنطقة. ضغطٌ إستراتيجي ووفقاً لتصريحات هيجسث؛ تُرسل هذه التحركات رسالة واضحة لكل الأطراف ذات العلاقة، خاصةً في ظل التوترات المتصاعدة مع إيران حول البرنامج النووي. وفي خطابٍ صدر في زيارة إلى بنما، أكّد هيجسث؛ "أنها أصل مهم.. إنها تُرسل رسالة للجميع"، مشيراً إلى أن ما قامت به أمريكا لا يمكن تجاهله بسهولة. إن وجود الطائرات المتطوّرة في موقعٍ جغرافي قريبٍ من إيران يوجِد عامل ضغطٍ إستراتيجياً، حيث تُعَد هذه القاذفات منصةً محتملةً لهدم موارد إيران النووية، ولا سيما مع إمكانية حملها السلاح الفتاك "المخترق الضخم للذخائر" GBU-57 الذي يمكنه اختراق أهدافٍ عميقة تحت الأرض. ولم تقتصر ردود الفعل على الجانب الأمريكي فحسب؛ بل جاءت إيران بتصريحاتٍ تؤكّد أنها تعد التحركات جزءاً من سياسة ضاغطة تهدف إلى تفكيك أيّ طموحاتٍ نووية. ففي ظل الضغوط الأمريكية التي تتضمن مطالب واضحة، أعلن الرئيس الأمريكي ترامب؛ أخيراً، استعداد الولايات المتحدة لبدء مفاوضات مباشرة مع طهران؛ ما رفعت من حدّة التوقعات بإمكانية حل الأزمة النووية بالوسائل الدبلوماسية. كما تمّ التأكيد على أن أيّ محاولةٍ لتطوير سلاحٍ نووي من قِبل إيران ستواجه رداً أمريكياً صارماً، خاصة أن إدارة ترامب كانت قد شدَّدت مراراً على ضرورة عدم حصول إيران على هذه القدرات. التوازن المعلّق يعكس قرار نقل قاذفات بي-2 رسالةً ضمنية بأن التوازن الإستراتيجي في الشرق الأوسط لا يزال معلقاً على مصراعيه، وأن القوى الغربية تسعى إلى إنشاء عزلةٍ تضغط على إيران لدفعها نحو موقفٍ أكثر اعتدالاً. وتتزامن هذه الخطوة مع حملة قصف أمريكية في اليمن؛ ما يجعل المشهد الإقليمي مليئاً بالعوامل المتشابكة التي تؤثر في القرارات المستقبلية على كل من الجانبيْن. ويُتوقع أن تؤدي مثل هذه التحركات إلى مزيدٍ من حدّة المفاوضات، حيث يحاول الطرفان إيجاد مواقف تفاوضية تُسهم في إعادة رسم خريطة التحالفات في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أن استخدام قاذفات بي-2 في ضرب أهداف الحوثيين في اليمن كان له طابعٌ عملي، إلا أن النشر الأخير لهذه الطائرات يُشير إلى آفاقٍ أوسع لتطبيق إستراتيجيات الردع في مواجهة التهديدات النووية. وهذا الانتقال من العمليات القتالية الصرفة إلى إظهار القدرة والوجود العسكري في نقاط إستراتيجية يسلّط الضوء على جدية الولايات المتحدة في منع إيران من تجاوز الحدود المرسومة لطموحاتها النووية. يُعد هذا القرار جزءاً من سياقٍ أوسع يسعى من خلاله الرئيس دونالد ترامب؛ إلى وضع إيران في موقفٍ لا يسمح لها بتطوير برنامج نووي متقدّم دون مواجهة عواقب وخيمة على الصعيد الدولي. تهديدٌ وحوارٌ تتداخل هنا عوامل السياسة الدولية والأمن النووي في مشهدٍ متعدّد الأبعاد، حيث يكشف النظر في التحركات الأميركية عن إستراتيجية دقيقة تعتمد على مزيجٍ من التهديد والانتظار والحوار. وهذا التوازن يضع إيران أمام قرارٍ حاسمٍ؛ إن كانت ترغب في خفض وتيرة النزاعات من خلال مفاوضات دبلوماسية، أم ستختار مسار المواجهة العسكرية. فهل سيكون للحوار دورٌ في تغيير مجرى التصعيد العسكري أم ستستمر المشاحنات في إحاطة المنطقة بخطر دائم؟