مرض شديد العدوى يسببه فايروس يهاجم الجهاز العصبي، يدخل جسم الطفل أو البالغ عن طريق الفم أحياناً، ويتكاثر في الأمعاء؛ ليؤثر بشكل رئيسي على الحبل النخاعي أو جذع المخ، ويؤدي إلى فقدان القدرة على تحريك أطراف معينة، ويتسبب في الإصابة بالشلل وصعوبة التنفس. وبحسب الدراسات العلمية والمختصين الصحيين، قد يتسبب الفايروس؛ الذي يسمى (سنجابية النخاع) بالموت. وفي إطار مكافحة مرض شلل الأطفال ولتعزيز الصحة العامة ورفع المناعة المجتمعية ضد المرض، يشارك أمراء المناطق في تدشين الحملات الوطنية للتطعيم ضد شلل الأطفال، التي تطلقها وزارة الصحة، وذلك بإعطاء اللقاح الفموي لأول طفل في الحملة، والتوقيع على أول شهادة تطعيم للحملة، وأثمرت تلك الحملات عن تسلم وزارة الصحة، في صفر 1428هـ، شهادة خلو من شلل الأطفال من منظمة الصحة العالمية. كما تشارك المملكة في الإسهام في تطوير المنظمات الصحية وتوفير الخدمات الطبية في الدول ذات الحاجة بتنفيذ مشاريع في الدول العربية والإسلامية والصديقة؛ لحماية الأطفال من مرض شلل الأطفال بالإسهام في تقديم اللقاحات الخاصة، وتشارك المملكة أيضاً؛ ممثلة بذراعها الإنساني مركز الملك سلمان للإغاثة، في الاحتفاء باليوم العالمي لشلل الأطفال والمساهمة في توفير الخدمات الطبية للدول المحتاجة.يصيب الكبار والصغار«عكاظ» التقت العديد من الأطباء المختصين، وتحاورت معهم بخصوص شلل الأطفال، بدءاً من التعريف به ومروراً بكيفية الإصابة به، وكشف مسبباته والوقاية منه، وكانت البداية مع استشاري الطب الجزيئي والفايروسات الدكتور المنذر الهرشان، الذي قال: «إن شلل الأطفال مرض شديد العدوى بسبب فايروس (poliovirus) الذي يهاجم الجهاز العصبي ويتكاثر في الأمعاء. ما يؤدي إلى الإصابة بالشلل، وفي حال إصابة العضلات المسؤولة عن التنفس بالشلل ينتج عنه فشل في عملية التنفس ثم الوفاة. وقد يقتل الفايروس الكثير ممن أصيبوا به ممن لم يتلقوا اللقاح، ويصيب الفايروس الأطفال دون الخامسة، ويمكن أن يصيب البالغين، ومن يعانون من نقص المناعة ويؤثر على العضلات ويؤدي إلى شللها في بعض أعضاء جسم الإنسان».شبيه بالإنفلونزا الموسميةعن أعراض المرض يقول الدكتور الهرشان: «النسبة العظمى من الحالات لا تظهر أعراض عليهم، وهناك بعض المصابين بنسبة تصل إلى 8% قد تظهر عليهم أعراض بسيطة تشابه أعراض الإنفلونزا الموسمية مثل اختلاف درجة الحرارة والتعب والإرهاق العام والصداع، وقد يكون مصحوباً بألم في الأطراف، وفي بعض الحالات تصل إلى ما بين 5 إلى 10%، وقد يؤثر الفايروس على العضلات الخاصة بالجهاز التنفسي تؤدي إلى شللها». وأضاف أن من أبرز المضاعفات الناتجة عن الإصابة بشلل الأطفال الضعف العام والوهن العضلي واختلاف التوازن، وقد تصاب حالة من كل 200 إصابة بشلل دائم عادة في الأطراف السفلية، وفي أقصى الحالات وبنسبة من 5 إلى 10% قد يسبب الوفاة إذا ما أصاب العضلات المسؤولة عن التنفس.ويضيف الهرشان: إنه لا يمكن العلاج من شلل الأطفال في حين يمكن الوقاية منه وتجنبه. وحول اللقاحات المخصصة لشلل الأطفال يقول: «يتوفر نوعان من اللقاح؛ لقاح يؤخذ على شكل حقن وآخر عن طريق الفم على شكل قطرات سائلة، ويستخدم فيه فايروس حيّ، ولكن ضعيف وموهّن».وحسب التوصيات، جرعة عند عمر شهرين، جرعة عند عمر أربعة أشهر، وجرعة عن عمر من ستة إلى ثمانية أشهر، وجرعة إضافية منشطة عند عمر أربع إلى ست سنوات.عالمياً.. انخفضت الحالاتطبيب الأطفال الدكتور خالد العتيبي يرى أن شلل الأطفال مرض فايروسي مُعدٍ يسببه فايروس البوليو، ويستهدف بشكل رئيسي الأطفال دون سن الخامسة، وقد يسبب هذا المرض وفاة العديد من الأطفال قبل اكتشاف اللقاح.ورغم أنه يصيب الأطفال بالدرجة الأولى، إلا أنه قد يصيب البالغين؛ إذ يلقى نحو 5% إلى 10% من المصابين بالشلل حتفهم عندما تتوقف عضلاتهم التنفسية عن العمل. ومنذ 1988م، انخفض عدد حالات شلل الأطفال بأكثر من 99%، فقد تراجعت الإصابات من نحو 350,000 حالة مسجّلة في ذلك العام إلى 1,604 حالات أُبلغ عنها في عام 2009؛ نتيجة الجهود العالمية المستمرة لاستئصال المرض. وفي 2024م، لم يعد شلل الأطفال متوطناً إلا في بلدين فقط من بلدان العالم هما أفغانستان، وباكستان.ويأتي ذلك إثر مجهود عالمي استمر عقوداً، منذ إطلاق المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال 1988م، حين كان المرض متوطناً في أكثر من 125 دولة.تاريخ الفايروسعن تاريخ المرض، أوضح الدكتور العتيبي أن التعرُّف إلى شلل الأطفال بدأ منذ قرون، وأولى الحالات المسجلة تعود إلى القرن الثامن عشر. وتم تحديد الفايروس المسبب له (فيروس البوليو) في بدايات القرن العشرين. وشهد العالم موجات وباء واسعة في خمسينيات القرن الماضي، أدت إلى آلاف الإصابات بالشلل والوفيات بين الأطفال. وفي 1955م، تم تطوير أول لقاح فعّال ضد شلل الأطفال، مما غيّر مجرى التصدي للمرض، وينتقل الفايروس بشكل رئيسي عبر الفم، من خلال تناول طعام أو ماء ملوث. كما يمكن أن ينتشر بسهولة في البيئات التي تفتقر إلى النظافة والصرف الصحي الجيد. وتزداد خطورة الإصابة لدى الأطفال غير المطعّمين، والوقاية هي السلاح الأقوى، واللقاح متوفر وآمن؛ ويُعطى على مراحل ضمن جدول التطعيمات الأساسية للطفل، إضافة إلى تعزيز النظافة الشخصية، وغسل اليدين جيداً، وضمان نظافة الطعام والماء.مضيفاً: لا يوجد علاج يشفي من شلل الأطفال بعد الإصابة، لكن يمكن تقديم الرعاية الطبية والعلاج الطبيعي لتقليل آثار الشلل وتحسين جودة حياة الطفل، ويبقى التركيز الأساسي على الوقاية والتطعيم المبكر.وينوه العتيبي إلى أن شلل الأطفال مرض يمكن القضاء عليه نهائياً، كما نجحت كثير من الدول في ذلك. ولكن استمرار الوعي المجتمعي والالتزام بالتطعيمات هو المفتاح. مع أهمية تأكد الأسرة من استكمال جدول تطعيمات الأطفال دون تأخير لمنع عودة هذا المرض إلى مجتمعاتنا. كما دعا الجهات المعنية إلى الاستمرار في حملات التوعية، وتحسين خدمات الرعاية الصحية الأولية، والتأكد من وصول اللقاحات إلى جميع الأطفال، في المدن والقرى على حد سواء.نصيحة للمسافرين إلى هناكاستشاري طب الأطفال الدكتور محمد موعد، قال: إن شلل الأطفال يعد من الأمراض الخطيرة على صحة الفرد والمجتمع. وتراوح الأعراض ما بين حالات لا تظهر عليها أي أعراض إلى حالات صريحة، إذ يتسبب الفايروس بإعاقة دائمة، وفي الحالات الشديدة تؤدي إلى إصابة الجهاز التنفسي وعضلات الصدر بالضعف، مؤدياً بدوره إلى الوفاة، وجميع الفئات العمرية معرضة لالتقاط العدوى، وبشكل أدق فئة الأطفال ما دون عمر الخمسة عشر عاماً. وتظهر الإصابة بأعراض تشبه الإنفلونزا كحمى وآلام في العضلات، ألم الحلق، غثيان وصداع، وقد تتطور الحالة ليبدأ الضعف في العضلات العلوية من الأطراف ونزولاً وحدوث الشلل تباعاً. وينصح الدكتور محمد موعد، البالغين المسافرين إلى المناطق التي ترتفع فيها معدلات انتشار فايروس شلل الأطفال أو يعيشون فيها، بالحصول على جرعات معززة من اللقاح.هل ينتقل من الأم إلى الجنين؟نفت استشاري النساء والتوليد الدكتورة شوق عابدين، انتقال شلل الأطفال من الأم إلى الجنين عبر المشيمة، مبينة إصابة الطفل بعد الولادة، إذا تعرّض للفايروس، خصوصاً في بيئة غير صحية أو غير مطعّمة. مستدركة بقولها: هناك بعض الحالات النادرة التي تستحق الانتباه في حال أُصيبت الأم بفايروس شلل الأطفال أثناء الحمل، وقد يحدث انتقال نادر للفايروس إلى الجنين، لكن هذا غير شائع. ويظل الخطر الحقيقي بعد الولادة إذا لم يُطعّم الطفل. إضافة إلى ضعف مناعة الأم أو سوء التغذية أو تعرضها لسموم أثناء الحمل.. هذا لا يسبب شلل أطفال بحد ذاته، لكن قد يضعف مناعة الطفل بعد الولادة، مما يجعله أكثر عرضة لأي عدوى، من ضمنها شلل الأطفال. أخبار ذات صلة