اقتصاد / ارقام

كيف يوازن الإنسان بين العمل والاسترخاء؟

  • 1/2
  • 2/2

قد يمثل الانتقال من زخم الحياة العملية إلى هدوء التقاعد تحولاً جذريًا، ولكن هل يترتب على هذا التحول فوائد صحية ونفسية؟ وهل الانشغال الدائم هو الضامن لسعادة الإنسان، أم أن فترات الاسترخاء والراحة ضرورية لتحقيق التوازن المنشود؟

 

الطبيعة والحيوانات: دروس من المفترسات والفرائس

 

 

- تُظهر دراسة سلوك الحيوانات أن أنماط النشاط تختلف باختلاف النظام الغذائي، فالمفترسات، كالأسود، تتمتع بأوقات نوم طويلة -تصل إلى 16 ساعة يوميًا- بسبب استهلاكها للطاقة العالية من اللحوم.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

- على النقيض من ذلك، تقضي الفرائس، كالأنعام، معظم وقتها في الرعي وهضم الأعلاف منخفضة ، فلا تتجاوز ساعات نومها 6 إلى 8 ساعات.

 

- أما الإنسان، هذا الكائن الفريد، فيجمع بين صفات المفترسات والفرائس، ففي تاريخه الطويل، كان يجمع الثمار ويصطاد الحيوانات، ليجد لنفسه مكانًا وسط بين هذين العالمين، ينام ساعات معدودة، كافية لتجديد نشاطه واستقبال يوم جديد.

 

التاريخ المضني للعمل البشري

 

- انشغل الإنسان بشكل متزايد منذ الثورة الصناعية، فقد ساهمت إضاءة المصابيح في تمديد ساعات العمل إلى الليل، وفرضت ثقافة الإنتاجية نمطَ حياةٍ جديدًا يتطلب العمل المستمر.

 

- وعلى الرغم من أن التصنيع قد بلغ ذروة هذا الانشغال، إلا أن جذوره تمتد إلى الثورة الزراعية، حيث تكشف دراسات التحول الزراعي، كما في تجربة قبيلة الأجتا بالفلبين، أن الانتقال من نمط حياة الجمع والصيد إلى الزراعة المستقرة قد فرض على الأفراد جهداً مضاعفاً.

 

- فبينما كان تأمين الغذاء من الطبيعة أمراً يسيرًا نسبيًا، استلزم الإنتاج الزراعي عملاً شاقًا وطويل الأمد. وقد لوحظ أن أفراد قبيلة الأجتا زادوا ساعات عملهم بعد التحول الزراعي، مما قلل من أوقات فراغهم، خاصة الرجال مقارنةً بالنساء اللواتي تحملن أعباء رعاية الأطفال.

 

- وهذا يطرح تساؤلاً حول تأثير الزراعة على جودة حياة الفرد، إذ تتباين الآراء حول إيجابية أو سلبية هذا التحول. وقد أبدى الفيلسوف أرسطو رأيًا صريحًا في هذا الشأن.

 

رأي أرسطو: النشاط مصدر السعادة

 

 

- رأى الفيلسوف أرسطو أن السعادة الحقيقية لا تكمن في الملذات الحسية أو الثروة المادية، بل في النشاط الذهني المتواصل.

 

- عبر عن هذه الفكرة بقولته المشهورة: "إن السعادة هي نشاط الروح وفقًا للفضيلة".

 

- تؤكد الدراسات الحديثة على العلاقة الوثيقة بين النشاط والسعادة، فالأشخاص النشطون جسديا وعقليا يتمتعون بمزاج أفضل، بينما يعاني المصابون بالاكتئاب من الخمول والكسل.

 

- وتسعى العلاجات المختلفة إلى زيادة النشاط البدني كوسيلة للوقاية من الاكتئاب وعلاجه.

 

- والشاهد هنا أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي يحددان إلى حد كبير مستوى النشاط البدني للفرد. فالمزارعون، مثلاً، يضطرون إلى العمل لساعات طويلة لتوفير احتياجاتهم الأساسية، مما يجعلهم أكثر نشاطًا من غيرهم.

 

هل العمل الشاق مفيد لنا؟

 

- شهدت المجتمعات الزراعية كثافة سكانية تفوق بكثير مثيلتها في مجتمعات الصيد وجمع الثمار، مما أدى إلى نمو سكاني متسارع.

 

- ورغم أن الزراعة كانت عاملاً حيوياً في استمرارية الجنس البشري وازدهاره، إلا أنها جاءت على حساب صحة الأفراد.

 

- فقد عانى هؤلاء من متوسط أعمار أقصر، وأمراض مزمنة مثل آلام المفاصل وتقزم القامة، مما يشير إلى نقص التنوع في الغذاء.

 

- لم يعد من الممكن، مع تزايد أعداد السكان وتناقص الموارد الطبيعية، العودة إلى نمط حياة الصيد وجمع الثمار الذي كان سائداً في الماضي.

 

- وعلى الجانب الآخر، عانى العمال خلال الثورة الصناعية من ظروف عمل قاسية وساعات عمل طويلة. ومع ذلك، شهدت الصحة العامة تحسنًا ملحوظًا بفضل التقدم في مجال الصحة العامة والصرف الصحي ومياه الشرب.

 

- كما ساهمت النقابات العمالية في تحسين ظروف العمل وتقليل ساعات العمل، مما أدى إلى زيادة متوسط العمر وارتفاع الطول.

 

- مما يوضح أن تقليل ساعات العمل كان عاملاً حاسمًا في تحسين صحة الإنسان ورفاهيته.

 

الخلاصة: تكمن السعادة في التوازن

 

- إن سعي الإنسان لتحقيق التوازن بين العمل والراحة هو رحلة أزلية، تتجذر في أعماق تاريخه.

 

- ففي حين لا يمكننا العودة إلى بساطة الحياة في العصور القديمة، يمكننا أن نستلهم من حكمة الأجداد ونبني مستقبلًا أكثر إنسانية، يجمع بين نشاط الإنتاج وهدوء الاسترخاء، مما يضمن لنا حياة أكثر صحة وسعادة.

 

المصدر: سيكولوجي توداي

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا