مع اقتراب نهاية أول 100 يوم من ولاية دونالد ترامب الثانية، شهد الاقتصاد الأمريكي هزات متتالية تمثلت في تراجع مؤشرات الأسهم، وضعف الدولار، وارتفاع غير معتاد في عوائد السندات، ما اعتبره محللون دلالة مقلقة على تغيرات هيكلية في أضخم اقتصاد عالمي، بحسب ما نقله موقع "بريستيج". عوائد السندات تصعد بدلاً من الهبوط عادة ما تدفع الأزمات المستثمرين نحو سندات الخزانة الأمريكية بحثاً عن الأمان، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها وانخفاض عوائدها. لكن ما حدث مؤخرًا كان عكس المتوقع؛ فالمستثمرون تخلصوا من السندات، وارتفعت عوائدها، في مؤشر على فقدان الثقة، مما انعكس سلبًا على تكلفة الاقتراض والدولار الأمريكي.اقرأ أيضاً: "صندوق النقد" يتوقع تأثيرات كبيرة لرسوم ترامب على اقتصادات العالم تكلفة مرتفعة للمستهلكين مع ضعف الدولار وارتفاع عوائد السندات، ارتفعت تكلفة السلع المستوردة في الولايات المتحدة، وهو وضع تزداد حدّته مع فرض رسوم ترامب الجمركية التي تؤدي بدورها إلى رفع الأسعار أكثر. ترامب يهز أسس النظام العالمي على مدار ثمانية عقود، قادت الولايات المتحدة نظامًا عالميًا يرتكز على القيم الليبرالية والمصالح المشتركة، لكن محللين يرون أن ترامب، في 100 يوم فقط، أحدث قطيعة مع هذا النظام من خلال سياسات تجارية عدوانية، وتقليل شأن الحلفاء، والانسحاب من مظلة العولمة. رؤية توسعية مثيرة للجدل أعاد ترامب إلى الواجهة أفكارًا قومية بالية، متحدثًا عن التوسع الأمريكي في أماكن مثل بنما وجرينلاند، ووصف كندا بـ"الولاية الحادية والخمسين"، ما أثار استياءً دوليًا واسعًا.اقرأ أيضاً: بما فيها الصين.. ترامب: اتفاقات الرسوم الجمركية ستُبرم مع كل الدول سياسات جمركية هجومية فرض ترامب رسوماً جمركية شاملة على خصوم وأصدقاء على حد سواء، في خطوة قال محللون إنها أعادت الاقتصاد العالمي إلى مرحلة ما قبل تحرير التجارة. وبعد الانهيار الحاد في الأسواق، تم تعليق بعض الرسوم، باستثناء تلك المفروضة على الصين، التي تعتبر خصمًا استراتيجيًا للولايات المتحدة. اتفاقيات براغماتية مع الخصوم رغم لهجته التصعيدية، أبدى ترامب انفتاحًا على إبرام اتفاقيات تجارية مع الصين وروسيا، في إطار ما يصفه بـ"فن إبرام الصفقات"، في مشهد يعكس تناقضات السياسة الاقتصادية للبيت الأبيض. عودة للداروينية الاقتصادية قال الخبير ميلفين ليفلر من جامعة فرجينيا إن سياسات ترامب تمثل "عودة إلى الداروينية الاجتماعية"، حيث يرى العالم كساحة صراع مفتوح للبقاء للأقوى، مضيفًا: "ترامب لا يؤمن بالقيم المشتركة أو الترابط الدولي حتى مع أقرب الحلفاء". تراجع الثقة بالدولار منذ تنصيب ترامب، تراجع الدولار بنحو 9% أمام سلة من العملات الكبرى. وهذا الانخفاض الحاد يُعد غير معتاد، خصوصًا في أوقات الأزمات، التي كانت تاريخيًا تعزز من مكانة الدولار كملاذ آمن. نهاية عصر العولمة؟ يعتقد محللون أن سياسات ترامب تعكس نهاية مرحلة العولمة التي قادتها الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. فمع صعود الصين وفقدان الأمريكيين الثقة في النظام الاقتصادي العالمي، تبدو العودة إلى النظام الليبرالي السابق أمرًا مستبعدًا.