يُعد الأرز عنصراً أساسياً في الثقافة والمطبخ اليابانيين، لدرجة أن كلمة «وجبة» تُرادف «الأرز المطبوخ»، لكن الطلب على هذه الحبوب يفوق العرض بسرعة، ما أدى إلى ارتفاع حاد في الأسعار، وبدأت البلاد اتخاذ خطوات نادرة باللجوء إلى الاستيراد. ويؤثر النقص في الأرز في الحياة اليومية باليابان، حيث يُستخدم الأرز في العديد من الأطعمة والمشروبات، ونتيجة لذلك ترفع المطاعم أسعارها، ولم تعد تُقدم عبوات أرز مجانية. واختفت أكياس الأرز من رفوف متاجر البقالة، واقتصر العديد من المتاجر الآن على كيس واحد لكل مستهلك، حتى إن بعض السياح اليابانيين يجلبون الأرز معهم إلى بلادهم بعد عودتهم من زياراتهم لدول آسيوية أخرى. أسعار مضاعفة وبلغ متوسط سعر كيس الأرز الذي يزن 11 رطلاً نحو 30 دولاراً، شاملاً الضريبة، في الأسبوع الثاني من أبريل الجاري، أي أكثر من ضعف سعره خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وفقاً لوزارة الزراعة اليابانية. وقالت كاوري واتايا، وهي أم لثلاثة أطفال تبلغ من العمر 45 عاماً، إن «الأرز بات باهظ الثمن، لكن ماذا عسانا أن نفعل غير ذلك؟ أبذل قصارى جهدي لشرائه». ارتفاع الواردات وتشهد واردات الأرز، التي قد تجعل المزارعين اليابانيين عرضة للمنافسة، ارتفاعاً سريعاً، ففي فبراير الماضي تجاوزت كميات الأرز التي استوردتها الشركات الخاصة 551 طناً، متجاوزة إجمالي حجم الواردات في السنة المالية 2023، بحسب ما كشفت عنه وزارة الزراعة، وأكدت التعاونية الزراعية الوطنية في كوريا الجنوبية هذا الأسبوع خططها لتصدير ما يصل إلى 24 طناً من الأرز إلى اليابان بحلول أوائل يونيو المقبل، وهي أكبر شحنة من هذا النوع منذ 25 عاماً على الأقل. وتُمثل هذه الصادرات جزءاً ضئيلاً من إجمالي استهلاك الأرز في اليابان، الذي قدرته وزارة الزراعة بنحو 7.8 ملايين طن، بين يوليو 2023 ويونيو 2024، لكنها سلّطت الضوء على أزمة الأرز في البلاد، التي بدأت في صيف العام الماضي، بعد موجة حر أدت إلى حصاد أصغر حجماً وأقل جودة. زيادة الاستهلاك وعلى مدار العامين الماضيين، شهدت اليابان تدفقاً هائلاً للسياح الدوليين، الذين لم يتمكنوا من دخول البلاد خلال جائحة «كورونا»، ما أدى إلى زيادة استهلاك الأرز على مستوى البلاد وفقاً لخبراء، وبلغ عدد السياح الدوليين الذين زاروا البلاد 36.9 مليون سائح في عام 2024، بحسب المنظمة الوطنية اليابانية للسياحة، ما يعد رقماً قياسياً. ثم في أغسطس من العام الماضي، أصدرت الحكومة أول تحذير لها من احتمال وقوع «زلزال هائل»، بعد حدوث آخر بقوة 7.1 درجات ضرب ساحل جنوب اليابان، ما دفع السكان إلى شراء الأرز وتخزينه استعداداً لعواقب الزلزال المحتمل، وذكر بعض الخبراء أيضاً أن سياسات الحكومة فاقمت النقص. ومع تزايد تنوع خيارات الطعام، وتغير عادات الأكل في ظل زيادة عدد الآباء العاملين والأشخاص الذين يعيشون بمفردهم، انخفض استهلاك الأرز في اليابان بشكل مطرد منذ ذروته في ستينات القرن الماضي. أهداف وأفاد خبراء بأن الحكومة تضع أهدافاً لإنتاج الأرز لمراعاة هذا الانخفاض، إضافة إلى تقلص عدد السكان، مشيرين إلى أنه «لطالما شجع المسؤولون الحكوميون المزارعين على التخلي عن زراعة الأرز من خلال تقديم دعم للمحاصيل الأخرى، ما أدى إلى انخفاض إنتاج الأرز بشكل أكبر». وقال أستاذ اقتصاديات الزراعة في جامعة طوكيو، نوبوهيرو سوزوكي، إن الحفاظ على توازن العرض والطلب يعني أن أي تغير طفيف في الطلب قد يؤدي إلى نقص أو ارتفاع في الأسعار. وأضاف: «يكمن الجذر الحقيقي للمشكلة في ما أسميه فشلاً في السياسات الزراعية الحكومية، المتمثلة في خفض الإنتاج بشكل مفرط، وترك المزارعين غير قادرين أو غير راغبين في زراعة الأرز، دون اتخاذ أي إجراء حيال ذلك». وأوضح سوزوكي: «لهذا السبب تفاقم الأمر ليفضي إلى هذه المشكلة الكبرى»، لافتاً إلى أنه لا توجد أي خطوة رسمية لزيادة الإنتاج المحلي فوراً مع بدء موسم الزراعة. الموقف الرسمي وصرّح متحدث باسم وزارة الزراعة بأن الموقف الرسمي للحكومة هو «إنتاج الكمية التي تلبي الطلب». وسبق أن صرّحت الوزارة بوجود وفرة من الأرز، وأن «اختفاء» الأرز على طول سلسلة التوريد، ينبع بشكل كبير من قيام الموزعين بتخزينه كإجراء مضاربي. وقال وزير الزراعة، تاكو إيتو: «لقد قام المنتجون بعملهم وزرعوا الأرز بشكل صحيح، يوجد بالتأكيد ما يكفي من الأرز في اليابان لتلبية الطلب، إلا أن نظام التوزيع متعثر، ونتيجةً لذلك، لا يُعرض الأرز للمستهلكين إلا بأسعار مرتفعة». عن «واشنطن بوست» ضغوط يشعر الكثير من تجار التجزئة في اليابان بضغوط كبيرة بشأن الأرز، لاسيما المؤسسات الصغيرة والمملوكة بشكل مستقل، مثل متجر «كوريهارا» في منطقة ميتاكا غرب طوكيو، الذي قال مالكه كازو كوريهارا، البالغ من العمر 86 عاماً، إن «الأرز الذي اعتاد شراءه مباشرة من المزارعين الذين لديه عقد معهم قد نفد، ولم يعد لديه خيار سوى الشراء من تجار الجملة، الذين تستمر أسعارهم في الارتفاع»، مؤكداً أن أسعار الجملة في السوق ترتفع أكثر فأكثر كل يوم. . بعض السياح اليابانيين يجلبون الأرز معهم إلى بلادهم بعد عودتهم من زياراتهم لدول آسيوية أخرى. . أسعار الأرز ارتفعت بمقدار الضعف في الأسبوع الثاني من أبريل الجاري، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App