عرب وعالم / السعودية / صحيفة سبق الإلكترونية

"صدمة البداية".. كيف قلبت سياسات "ترامب" خلال 100 يوم الاقتصاد العالمي والهجرة والمؤسسات الأمريكية؟

تم النشر في: 

29 أبريل 2025, 3:37 مساءً

شهدت الولايات المتحدة خلال المئة يوم الأولى من ولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية تحولات عميقة وغير مسبوقة، مستهدفاً بتغييراته الجذريّة نسيج الحياة الأمريكية وموقع البلاد على الساحة الدولية، فمنذ اللحظات الأولى لتنصيبه في يناير، دفع ترامب السياسات الداخلية والاقتصادية والخارجية نحو مسارات جديدة ومحفوفة بالمخاطر، مستخدماً سلطته التنفيذية لتقويض الخدمة المدنية وتحدي استقلالية القضاء، والسعي لإزالة أي نفوذ ليبرالي من مفاصل الدولة والمؤسسات التعليمية والثقافية.

والمحصلة كانت مزيجاً عاصفاً من المبادرات المفاجئة وردود الفعل العنيفة على المستويات القضائية والسياسية والاقتصادية، تخللتها انعطافات حادة وسريعة، ولقد وضعت هذه الفترة قدرة الأمة على استيعاب الاضطراب على المحك، مختبرةً مرونة الديمقراطية الأمريكية في مواجهة رئيس أثارت رؤيته لسلطاته تحذيرات من التوجه نحو الاستبداد، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

تحول عالمي

ولم تمر أي مئة يوم سابقة بهذا القدر من الأحداث المتلاحقة التي تتلاشى فيها صراعات يوم ما لتفسح المجال لأخرى جديدة تماماً بسرعة مذهلة؛ من العفو عن مشاركي أحداث 6 يناير، إلى تجريد مسؤولين سابقين من حمايتهم الأمنية، وصولاً إلى مقترحات مثيرة للجدل، مثل تحويل غزة لمنتجع أو ضم كندا كولاية 51، وإلقاء اللوم في حوادث مؤسفة على مبادرات التنوع.

ويُضاف إلى ذلك تعيين محامين شخصيين لإدارة وزارة العدل، إقالة المفتشين العامين، وإغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وإشعال حرب تجارية عالمية، وتوبيخ زعماء دول في المكتب البيضاوي، وترحيل المهاجرين دون إجراءات قانونية سليمة، والدخول في مواجهة مع القضاء بتحدي أحكامه.

فرصة للتوقف

وإذا كانت المئة يوم الأولى توفر فرصة للتوقف والتأمل في مسار هذه الرئاسة، فإنها تقدم درساً واضحاً: ترامب في ولايته الثانية مصمم على استغلال كل ساعة لتنفيذ أجندة تشكلها مزيج متقلب من المظالم الشخصية والحسابات السياسية قصيرة المدى والمعتقدات الراسخة وتجارب ولايته الأولى.

وعلى صعيد السياسة الخارجية، اختفت المعاهدات والتحالفات والقوة الناعمة ليحل محلها التركيز على "القوة الخام"، ففي لقائه المتلفز مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي اعتُبر إذلالاً علنياً، بعث ترامب برسالة واضحة عن نهاية حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، التي قامت على القوانين والاتفاقيات الدولية، وفي رؤية ترامب، العالم ينقسم إلى دول "تملك الأوراق" وأخرى لا تملك، والقوة هي العملة الوحيدة المتداولة.

هجرة معقدة

ويبدو ترامب عازماً على التعامل بشكل أساسي مع قادة مثل فلاديمير بوتين وشي جين بينغ، في عالم تهون فيه القوانين الدولية عند اللزوم وتُصبح الحدود قابلة للتفاوض. هذه السياسة أثارت قلقاً عميقاً لدى الحلفاء في أوروبا وآسيا، الذين يخشون أن تشجع بكين على اختبار النفوذ الجديد.

وفي ملف الهجرة، اتخذ ترامب إجراءات استثنائية تهدف لتشديد الخناق، مستهدفاً حاملي التأشيرات والمقيمين القانونيين المشاركين في الاحتجاجات الطلابية، متخلياً عن الإجراءات القانونية السليمة في بعض حالات الترحيل، ومستخدماً وسائل غير تقليدية مثل وضع أسماء مهاجرين في "ملف الموت الرئيسي" للضمان الاجتماعي، ورغم الإجراءات الصادمة، لم تصل حملته إلى مستوى عمليات الترحيل الجماعي التي وعد بها خلال حملته الانتخابية، حيث ظل حجم الرحلات ووجهاتها قريباً مما كان عليه في عهد الرئيس السابق جو .

شراكة بيروقراطية

وعلى المستوى الفيدرالي، شهدت الإدارة شراكة غير متوقعة وعاصفة بين الرئيس ترامب وإيلون ماسك، الذي انخرط في "اندفاع بيروقراطي جامح"، سعياً وراء ما وصفه بـ"اجتثاث الاحتيال" في وكالات مختلفة، وأسفرت هذه الجهود عن تسريح أو التخطيط لتسريح مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين، رغم أنها لم تقترب من تحقيق هدف توفير تريليون دولار من الهدر، وهذه العلاقة المثيرة للجدل، رغم التوترات مع مسؤولين آخرين، أثبتت متانتها حتى الآن.

وتبرز سمة الانتقام كدافع رئيسي في ولاية ترامب الثانية، لقد استخدم الرئيس سلطاته الرسمية بشكل صارخ لاستهداف من يعتبرهم أعداء، من إقالة مدعين عامين شاركوا في التحقيق معه أو مع أنصاره، إلى إنهاء الحماية الأمنية لشخصيات انتقدته، مثل الدكتور أنتوني فوسي وجون بولتون، كما هدد مؤسسات إعلامية وجامعات، وسعى لـ"مراجعات" رسمية لمسؤولين سابقين بهدف مقاضاتهم، مما يمثل استخداماً غير مسبوق لسلطة إنفاذ القانون لأغراض شخصية وسياسية.

حرب تعريفات

والحرب التجارية كانت من أبرز ملامح المئة يوم الأولى، فأعلن ترامب عن خطط لإعادة تشكيل نظام التجارة العالمي بفرض تعريفات جمركية مرتفعة، واصفاً اليوم بـ"يوم التحرير" و"وضع أمريكا أولاً"، واستهدفت هذه التعريفات بشكل أساسي ، مما أدى إلى تصاعد التوترات ورد بكين بإجراءات انتقامية. ورغم أن الولايات المتحدة والصين لم تجريا محادثات جوهرية لحل الخلاف، فإن هذا التصعيد يمثل تحولاً سريعاً وغير متوقع نحو "الفصل" الاقتصادي بين أكبر قوتين تجاريتين في العالم.

وأثرت هذه السياسات المتقلبة على الاقتصاد، حيث ارتفعت المخاوف من التباطؤ والركود. أدت التهديدات بتغيير رئيس الاحتياطي الفيدرالي وسياسات الهجرة إلى اضطرابات، بينما تسببت جهود خفض التكاليف في تسريحات وقلاقل، يشكو قادة الأعمال من أن التحولات المستمرة في السياسات تجعل التخطيط مستحيلاً، مما قد يؤدي بحد ذاته إلى تباطؤ في التوظيف والاستثمار، على الرغم من أن مؤشرات النشاط الاقتصادي الفعلي لم تظهر بعد ركوداً حتمياً.

قدر متجدد

وفي لفتة رمزية ذات دلالة، تم وضع صورة الرئيس الحادي عشر جيمس ك. بولك، المعروف بتوسيع حدود أمريكا غرباً، في المكتب البيضاوي، مما يعكس اهتمام ترامب بمفاهيم "القدر المتجلي". هذا الاهتمام تجلى في طرح أفكار حول اكتساب غرينلاند أو ضم كندا، مما أثار قلقاً وردود فعل سلبية من الدول المعنية.

وامتد تأثير ترامب إلى المؤسسات الثقافية، حيث تولى رئاسة مركز كينيدي للفنون المسرحية، وأقال أعضاء مجلس الإدارة السابقين، وسعى لتوجيه برامجه نحو ما يعتبره "أكثر تحفظاً". كما هاجم مؤسسة سميثسونيان، متهماً إياها بالترويج لروايات سلبية عن القيم الأمريكية والغربية، رغم معارضة الكونغرس في ولايته الأولى لإنهاء تمويل الصندوق الوطني للعلوم الإنسانية والفنون، يسعى ترامب هذه المرة لتقييد عملهما وتوجيه مواردهما نحو أولوياته الأيديولوجية.

وفي البيت الأبيض لترامب، أصبح الجوهر هو "العرض"، حيث يتصرف العديد من كبار المسؤولين كـ"مؤثرين" في وسائل التواصل الاجتماعي، وهناك سيل مستمر من المحتوى المصمم لاستفزاز وإثارة الضجة وثني الواقع، وهذه اللحظات، مثل إيلون ماسك وهو يلوح بمنشار آلي، أو وزيرة الأمن الداخلي تستخدم سجناء كدعائم، تعبر عن نهج الإدارة وأولوياتها ربما أكثر من أي بيانات رسمية. هل سيستمر هذا النهج في تحديد مسار الإدارة في الأيام الألف وثلاثمئة الباقية؟

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا