ظهرت في أحياء مختلفة من العاصمة الجزائر حفر وثقوب واسعة حيرت سكانها، وخلفت تساؤلات حول «أنفاق سرية» شيدت في عصور ماضية. ففي بلدية باب الوادي ظهر ثقب كبير، بعد انهيار الأرضية فجأة وبشكل كامل، واعتقد سكان المنطقة أن الأمر يتعلق بمجرد انهيار للتربة، أو تلف الأرضية، غير أن عمق الحفرة الكبير أثار العديد من التساؤلات سواء لدى المواطنين أو حتى المصالح المحلية التي سارعت لإحاطة المكان بحواجز. وبعد يومين من الحادثة، ظهرت حفرة أخرى كبيرة في بلدية الأبيار، ما أدى إلى إغلاق الشارع الرئيسي بشكل كامل، في انتظار تدخل المصالح المختصة وعلى رأسها اللجنة التقنية للبناء. وقبل ذلك، كان الطريق السيار الوطني رقم 5 قد شهد انهيارات كبيرة استدعت تدخلا سريعا من طرف الهيئات المختصة التي ردمته فورا. في هذا الشأن، قال الخبير الدولي في العمران رئيس المجلس العربي الأعلى للعمارة والعمران وتطوير المدن جمال شرفي إن «ما حدث من انخفاضات أو ظهور بعض الحفر العميقة أثار حيرة المسؤولين المحليين فضلا عن سكان تلك المناطق». ونقل موقع «العربية.نت» عن العمران قوله إن «ما حدث عادي لمن هو مطّلع على تاريخ العاصمة الجزائر، فهي مدينة بُنيت فوق هضبة منذ الفترة الفينيقية، ثم الفترة الرومانية، وشواهد العصرين موجودة حتى الآن، ومن ذلك اكتشاف أنفاق تحت ساحة الشهداء يصل عمقها إلى 30 مترا، لدى إطلاق عملية الحفر لمشروع «ميترو الجزائر». أخبار ذات صلة وأوضح أنه «في سنة 1830، خلال فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر، تم الاعتماد على نفس معايير تشييد مدينة باريس الفرنسية في بداية القرن 18، كونها مدينة شيد جزؤها السفلي قبل جزئها العلوي، أي تم إنجاز قنوات الصرف الصحي وتصريف الأمطار، وهو نوع من أنواع الهندسة، كما أن «التضاريس الموجودة في العاصمة الجزائر فرضت على السلطات الاستعمارية حينها تشييد أنفاق من أعالي بوزريعة إلى بلدية الأبيار، إلى أن تصل مياه الأمطار إلى البحر». «متاهة» ووصف شرفي تلك الشبكة بـ«المتاهة»، استعملت خلال العشرية السوداء (1990-2000)، من طرف المسلحين كأنفاق للاختباء، ما جعل السلطات الأمنية تقرر إغلاقها. لكن حتى بعد انقضاء تلك الفترة، أضاف شرفي: «لا تملك السلطات المحلية ومختلف المديريات المكلفة بالأشغال العمومية مخططات تلك الأنفاق، والدلالة على ذلك عدم التحكم في مجرى مياه الأمطار في كل مرة، حتى تتشكل فيضانات جارفة». وانتهى الخبير إلى القول: «الأمر لا يتعلق بظاهرة طبيعية، ولكن تراكمات ناتجة عن عدم استعمال تلك القنوات، حيث ظهرت تلك الفجوات الضخمة».