أكّد أكاديميون وتربويون وطلبة وذووهم، أن «تفوق الذكاء الاصطناعي مقارنة بالمناهج التقليدية»، لم يعد مجرد حديث فقط، بل تحوّل إلى حقيقة أكاديمية تستحوذ على رغبات أبناء الجيل الجديد بشغف وفضول غير مسبوق. وقالوا لـ«الإمارات اليوم» من داخل معرض الخليج للتعليم «جيتكس 2025»، إن ملامح هذا التوجّه تجلّت بوضوح عبر أحاديث طلبة مدارس من مختلف إمارات الدولة، عن «الخوارزميات» و«النماذج التنبئية»، وتساؤلات ذويهم عن أفضل الجامعات التي تقدّم برامج متخصصة في الذكاء الاصطناعي حتى يتثنى لأبنائهم الالتحاق بها. وتفصيلاً، استطلعت «الإمارات اليوم» خلال جولة ميدانية في معرض «جيتكس 2025»، توجهات طلبة مدارس بخصوص الدراسة الجامعية وما يطمحون له من تخصصات مستقبلية، تجاوزت معظمها المجالات التقليدية، وتخيلوا فيها أنفسهم داخل بيئة تعليمية تفاعلية يُدرّسهم فيها روبوت ذكي، وتنتهي فيها الامتحانات الورقية لمصلحة مشاريع وتجارب واقعية. وأكدوا رغبتهم في أن يكون للذكاء الاصطناعي دور في توجيه مساراتهم الأكاديمية وفقاً لقدراتهم، وأن تتحوّل المحاضرات إلى مختبرات ابتكار مفتوحة على مدار الساعة، ترعى الإبداع ولا تغلق أبوابها. وقالوا إن مشاركتهم في «جيتكس 2025»، غيّرت قناعاتهم تجاه التخصصات الجامعية، بعدما لمسوا مدى تغلغل الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات. وقالت الطالبة روعة إياد، إنها عدلت عن حلم دراسة الطب بعد أن أدركت أهمية التقنيات الذكية في التشخيص والعلاج، قائلة إن الطبيب المستقبلي بحاجة إلى أدوات رقمية متقدمة. وبالمثل، غيّرت الطالبة بسملة محمد نظرتها للهندسة المعمارية بعدما جذبها التصميم الذكي، مؤكدة أن المستقبل يحتاج إلى «مهندس رقمي». أمّا الطالبة جنة وائل، فترى أن الذكاء الاصطناعي في الطب فتح أمامها آفاقاً جديدة، وجعلها تؤمن بأن هذا التخصص لا يمكن أن يستمر بمعزل عن التكنولوجيا. وذكرت الطالبة آية سفيان، أنها انتقلت من اهتمامها بتقنية المعلومات إلى الأمن السيبراني المدعوم بالذكاء الاصطناعي، وأشارت إلى أن المناهج الحالية لا تواكب هذا التقدم. فيما أشار الطالب بشير الراوي إلى تمسكه بالهندسة، بشرط أن تكون مدعومة بالتقنيات الذكية. وقال الطالب منصور البلوشي، إنه يفضل دراسة علوم البيانات والذكاء الاصطناعي بعدما لاحظ تداخله مع مختلف جوانب الحياة، من السيارات إلى الزراعة. وتساءل ذو طلبة راشد مندوه، وعلياء البلوشي، وإياد عبدالله، عن مدى وجود فجوة بين ما يتعلمه أبناؤهم في المدارس، وما يفرضه الواقع التقني المتسارع من مهارات ومعارف جديدة، وأكّدوا أن شغف الطلبة بتخصصات الذكاء الاصطناعي في تزايد، ويجب أن تكون تلك التخصصات المعبرة عن لغة المستقبل لسان حال قاعات الدراسة، وشددوا على أهمية تطوير المناهج بالتعاون مع قطاع التكنولوجيا لضمان جاهزية الجيل القادم. وأكّد تربويون أن «جيتكس 2025» كشف بوضوح طموحات الطلبة التقنية وواقع البيئة التعليمية الحالية، إذ أوضح سالم عبدالحميد وأمل يوسف وسوزان شوكت، وجميعهم مشرفو تقنية في مدارس خاصة، أن «المعرض أطلق في نفوس الطلبة أحلاماً كبيرة، وتمنوا أن يواكب الواقع الجامعي هذه التطلعات، فالمطلوب اليوم هو تطوير المناهج مصحوباً بتطوير مهارات الطلبة التقنية والتفكير النقدي». وأضافوا أن التجربة أثبتت تفاعل الطلبة القوي مع بيئات تعليمية ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي والألعاب التعليمية، بينما لايزال بعضهم يختبر في قاعات تقليدية وبأساليب بعيدة عن روح العصر، ما يؤكّد الحاجة إلى إعادة التفكير في أساليب التعليم والتقييم. وأكّد الرئيس التنفيذي لجامعة «سينرجي دبي» الدكتور إيليا ميلنيتشوك، وأستاذة علم الحاسوب الدكتورة نسرين عامر، والمتخصصة في الذكاء الاصطناعي الدكتورة سالي حمود، أن المناهج المدرسية التقليدية غير قادرة على إعداد الطلبة لمستقبل جامعي قائم على التقنيات الذكية. وشدّد الأكاديميون على الحاجة العاجلة إلى إعادة صياغة المناهج التعليمية منذ المراحل الأولى، وربطها بالتقنيات الناشئة ضمن رؤية شاملة لا تكتفي بإضافة الذكاء الاصطناعي كمادة، بل تؤسس لمنظومة تعليمية متكاملة، تقوم على مناهج تفاعلية تُعزز التعلم الذاتي، وتحوّل دور المعلم إلى موجه وميسر للتعلم، مع إعادة تأهيل الكوادر التدريسية لمواكبة أدوات الذكاء الاصطناعي، وتصميم بيئة جامعية رقمية تتيح التعلم من خلال التجربة والتفاعل الحقيقي. 30 جامعة تشير بيانات معرض «جيتكس 2025» إلى أن أكثر من 30 جامعة داخل الدولة وخارجها، قدمت برامج أكاديمية مباشرة أو مزدوجة في علوم الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات والتعلم الآلي والأمن السيبراني المرتبط بالتقنيات الذكية. تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App