أطلقت وزارة الثقافة فعالية "سينما البلد" في حارة المظلوم بجدة التاريخية، ضمن جهودها المستمرة لتعزيز مكانة المنطقة كوجهة تراثية وثقافية عالمية، وسعيها لتمكين القطاع الثقافي ليكون رافدًا اقتصاديًا قائمًا على الإبداع والمعرفة، وذلك امتدادًا لما كانت عليه جدة التاريخية في خمسينيات القرن الماضي، حين احتضنت أولى دور السينما الشعبية في المملكة من خلال "سينما حوش الجمجوم" التي أسسها فؤاد جمجوم. سينما البلد وتُعد "سينما البلد" أول دار عرض سينمائي فني مستقل تنطلق من قلب النسيج العمراني والتاريخي لمدينة جدة، وتقدم نموذجًا ثقافيًا متكاملًا يجمع بين العرض البصري والتجربة التراثية الأصيلة.حيث تم تصميم المشروع ليواكب روح المكان من حيث العمارة والأجواء العامة، ويعكس في ذات الوقت الفكر السينمائي المعاصر في إخراج وتقديم المحتوى، بإشراف المنتج وحيد جمجوم والمخرج عبدالله علي سحرتي. فعاليات حفل الافتتاح وتندرج الفعالية تحت مظلة مبادرة "بلد الفن" التي تُقام سنويًا في جدة التاريخية برعاية وزارة الثقافة، وتستهدف خلق بيئة تفاعلية تحتفي بالسينما وتعيد إحياء صلتها بالمجتمع، من خلال عروض منتقاة لأفلام سعودية وعالمية، إلى جانب برامج ثقافية مصاحبة تشمل ورشًا تدريبية ولقاءات مفتوحة مع صنّاع الأفلام ومحترفي الفنون البصرية. وشهد حفل الافتتاح عرض الفيلم السعودي القصير "حادي العيس" من إخراج عبدالله سحرتي، والذي يُعد تجربة بصرية حديثة تستلهم عناصر الثقافة المحلية وتُقدّمها بلغة سينمائية عاطفية وثرية، حيث سلط الفيلم الضوء على الجمال الطبيعي والثقافي في الجزيرة العربية، وعلاقة أهالي المنطقة بها من منظور تراثي وإنساني.وقد حصل الفيلم على عدد من الترشيحات المهمة، من بينها جائزة أفضل فيلم وثائقي وجائزة لجنة التحكيم ضمن مهرجان الأفلام السعودية، إلى جانب تنويه من مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للأطفال والشباب.وشارك في الفعالية عدد كبير من الفنانين والمثقفين والمهتمين بمجال السينما والفنون، إلى جانب ممثلين عن وزارة الثقافة وشخصيات من القطاع الإبداعي، ما يعكس حجم التفاعل المجتمعي والثقافي مع الأنشطة التي تستضيفها جدة التاريخية، ويؤكد حضورها كمنصة متجددة للفعاليات الفنية التي ترتكز على التراث وتعيد صياغته بلغة الحاضر. عروض سينمائية وورش عمل مختلفة وتستمر فعالية "سينما البلد" لمدة ستة أسابيع في موقع تراثي متميز بحارة المظلوم، وتشمل إلى جانب العروض السينمائية ورش عمل في مجالات التصوير وصناعة الأفلام والتصميم البصري والإخراج، مما يمنح الزوار تجربة غنية تمزج بين المعرفة البصرية والتفاعل الثقافي، في بيئة تنقلهم إلى أجواء الفن المعاصر ضمن قالب تراثي فريد. وتؤكد وزارة الثقافة من خلال هذه الفعالية التزامها بتفعيل المواقع التاريخية في المملكة وتحويلها إلى منصات حيّة للعرض والإنتاج الثقافي، وتعزيز الاقتصاد الإبداعي عبر تمكين الكفاءات المحلية وتوسيع نطاق المشاركة المجتمعية في المشهد الفني. كما تأتي الفعالية ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى جعل الثقافة عنصرًا محوريًا في مسيرة التنمية الوطنية، من خلال توسيع نطاق الفعاليات، وتوظيف المقومات التراثية للمملكة في خدمة الإبداع والاقتصاد الثقافي.