أصبح الإنترنت جزءًا لا يتجزأ من حياة الأطفال اليومية في العصر الرقمي الذي نعيشه، سواء من خلال الدراسة عبر المنصات التعليمية، أو الترفيه بالألعاب الإلكترونية، أو التفاعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، هذا الانفتاح، رغم فوائده، لا يخلو من المخاطر، وعلى رأسها خطر التحرش الإلكتروني، الذي بات يشكل تهديداً حقيقياً لسلامة الأطفال النفسية والجسدية، فالمتحرشون لم يعودوا يختبئون في الأزقة المظلمة، بل باتوا يدخلون غرف أطفالنا من خلال الشاشات. لهذا السبب، أصبح من الضروري أن يكون هناك وعي حقيقي لدى الأهل، ليس فقط حول المخاطر، بل حول الأدوات التي يمكنهم استخدامها لحماية أبنائهم. البداية دائماً تكون بالتوعية، حيث يجب أن يكون هناك حوار صريح ومفتوح مع الطفل منذ سن مبكرة، لتعليمه الفرق بين التواصل الآمن والخطر، ولتعزيز ثقته بنفسه كي يشعر بالراحة عند التحدث عن أي موقف غريب يتعرض له. لكن التوعية وحدها لا تكفي، فالأطفال قد لا يدركون أحياناً أنهم ضحايا، أو قد يشعرون بالخجل من إخبار الأهل بما حدث. وهنا يأتي دور التكنولوجيا التي يمكن أن تكون حليفاً للأهل، من خلال مجموعة من التطبيقات الذكية التي تتيح مراقبة نشاط الطفل على الإنترنت، وتوفر أدوات تنبيه عند ظهور أي سلوك مقلق. من أبرز هذه التطبيقات Qustodio يُعد من أقوى تطبيقات الرقابة الأبوية، حيث يتيح للأهل متابعة نشاط الطفل على الإنترنت بدقة، من خلال تقارير يومية تتضمن المواقع التي يزورها، والوقت الذي يقضيه على كل تطبيق، إضافة إلى إمكانية حظر التطبيقات أو المواقع الخطيرة. كما يدعم ميزة تحديد الموقع الجغرافي للطفل في الوقت الحقيقي. Google Family Link موجه بشكل أساسي لمستخدمي أجهزة أندرويد، ويتميز بسهولة استخدامه وربطه بحسابات الأطفال. يمكن من خلاله تحديد أوقات استخدام الهاتف، والتحكم في التطبيقات التي يتم تحميلها، كما يمكن إخفاء المحتوى غير المناسب بناءً على عمر الطفل. Bark يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل الرسائل النصية، والمحادثات على وسائل التواصل الاجتماعي، والبريد الإلكتروني، ويعمل على تنبيه الأهل عند اكتشاف أي كلمات أو محادثات تتضمن تحرشاً أو تنمراً أو ميولاً خطرة. Bark يتميز أيضاً بقدرته على الموازنة بين حماية الطفل وعدم انتهاك خصوصيته بشكل فج. Norton Family يمنح الأهل أدوات شاملة لمراقبة استخدام الإنترنت، مع إمكانية تتبع ما يشاهده الطفل، وإغلاق المحتويات التي لا تتناسب مع سنه، كما يساعد الأطفال أنفسهم على تنمية عادات رقمية صحية من خلال التنبيهات والتوجيهات. Safe Lagoon يُعد خياراً ممتازاً لمراقبة نشاط الطفل على تطبيقات المراسلة، مع إمكانية معرفة من يتواصل معهم، والتأكد من خلو تلك المحادثات من أي سلوك غير لائق. كما يقدم تقارير أسبوعية عن سلوك الطفل الرقمي. ورغم فعالية هذه التطبيقات، فإنها لا تلغي دور الأهل في المتابعة اليومية، بل تُعد أدوات مساعدة تضيف طبقة حماية إضافية. من الضروري أن يستخدم الأهل هذه التطبيقات كجزء من استراتيجية شاملة تشمل الحوار، التوجيه، والوجود الحقيقي في حياة الطفل الرقمية. كما يُنصح الأهل بعدم تقديم الأجهزة الذكية للأطفال في سن صغيرة دون إشراف، وتخصيص أوقات لاستخدام الإنترنت داخل نطاق الأسرة، مثل غرفة الجلوس بدلاً من غرف النوم، ما يساعد على خلق بيئة أكثر أماناً وشفافية. أيضاً، يجب تثقيف الأطفال بشكل متكرر حول السلوكيات المناسبة عبر الإنترنت، وتدريبهم على كيفية التعامل مع أي موقف مزعج، كأن يقوموا فوراً بقطع الاتصال، وأخذ لقطة شاشة، وإخبار شخص بالغ. في نهاية المطاف، لا توجد وسيلة حماية واحدة كافية وحدها، بل يجب الجمع بين التوعية، الرقابة الذكية، واستخدام التكنولوجيا لصالح الأمان الأسري. الإنترنت عالم واسع، ومليء بالفرص، لكنه كذلك مليء بالمخاطر، ومسؤوليتنا كأهل أن نكون خط الدفاع الأول في حياة أطفالنا الرقمية.