أحياناً نحتاج إلى خبرات ومعارف من خارج الصندوق لإدراك أهمية ومعنى ما لدينا، كما في مثال مبدأ الاستغفار الديني الذي تحوّل إلى تقنية علمية عبر الدكتور النفسي الأمريكي Ihaleakala Hew Len، وهو من السكان الأصليين في هاواي، وبين يوم وليلة بعد أن كان مجرد طبيب نفسي مغمور صار شخصية عالمية تتسابق البلدان لاستضافته، ومؤسف أنه توفي قبل أن يستفيد العرب من علمه ويستضيفوه. وبدأت شهرته عندما عمل في القسم الخاضع للحراسة المشددة من مستشفى هاواي الحكومي الذي يؤوي المجرمين المصابين بأمراض عقلية حادة خلال الفترة 1984-1987، وخلال فترة عمله فجأة بدأ المرضى الميؤوس من شفائهم يتعافون ويتم الإفراج عنهم، وكان علاجه لهم بدون حتى أن يلقاهم عبر التقنية المسماة بلغة هاواي «Ho’oponopono/ هوبونوبونو –التوبة /التصحيح» وهي من تراث السكان الأصليين وبها يحلون كل المشاكل ويعالجون كل الأمراض المادية والنفسية والعقلية والمتضمنة أن يستغفر الله كما ولو أنه يفعل ذلك بالنيابة عنهم، كما ولو أنهم جزء منه والمسؤول عن حالتهم وهو يستغفر عنهم بحس أنه يستغفر عن نفسه، فكان وهو يطالع ملفاتهم يستغفر أو يعتذر لله من منطلق أنه يريد أن يصلح حاله الخاصة، حيث صار المرضى جزءاً من حاله الخاصة بكونه مسؤولاً عن علاجهم، وبتطهيره ذلك الجزء منه الذي استجلب عليه هذا الوضع بالاستغفار من الله وإفاضة الحب والامتنان والشكر لله تلقائياً يقع الأثر على الآخرين ويمسح بالاستغفار والاستعانة بالله الحقل المعلوماتي لأنماط المجرمين السيئة والمريضة، وهو كان كلما طالع ملفات المرضى/المجرمين يكرر مخاطباً الله: أنا آسف، سامحني، أنا أحبك، شكراً. والعبرة بالطبع ليست في الكلمات إنما في استحضار المعنى المتضمن في هذه الكلمات والذي يمكن تضمينه في عبارات الاستغفار المسنونة عن النبي عليه الصلاة والسلام وبخاصة ما أسماه النبي بسيد الاستغفار «سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنبي فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت» البخاري، وتصديقاً لحدوث أثر حقيقي للاستغفار أن من مروا بخبرة الموت المؤقت في الغرب، قالوا إنهم وجدوا أن الأعمال والأحوال التي تابوا واستغفروا عنها كانت ممسوحة ولم تعد جزءاً من ذاكرة وكتاب حياتهم، وهناك كثير من المحاضرات لهذا الطبيب في (يوتيوب) يشرح فيها كيفية علاج كل أنواع الأمراض والمشاكل بالاستغفار باعتباره يحدث أثراً مادياً حقيقياً يمكنه تغيير مسار حياة الإنسان فرداً وجماعة وجعله أفضل وليس شيئاً معنوياً ودينياً فحسب، ومن يطالع رؤى المنام العربية التي تنصح الناس بما يصلح أحوالهم ويكون فيه استجابة دعائهم وقضاء حوائجهم سيرى إجماعاً على أن التوصية دائماً هي بالصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام بخاصة بالصيغة الإبراهيمية وملازمة الاستغفار بكثرة، والعبرة في النهاية هي أنه يجب الاعتقاد بأن الاستغفار عن وعي واستحضار للجوهر المعنوي لعبارات الاستغفار يمكنه أن يحدث أثراً حقيقياً في حياة الإنسان، على عكس الاستعمال السطحي الحرفي السائد لتقنية هوبونوبونو في أدبيات العلاج بالطاقة والتنمية الذاتية بما فيها العربية، فالعبرة هي في المضمون الجوهري لهذه التقنية وليس في ظاهر العبارات، فالاستغفار يمثل حال اعتراف من الإنسان بأخطائه ونواقصه، وإقراراً بالمسؤولية عن كل ما ترتب عليها، وعزماً صادقاً مخلصاً على تركها وعدم العودة إليها، وتصحيحاً لكل ما ترتب عليها ونتج عنها. أخبار ذات صلة