تحذير: هذه المراجعة تحتوي على حرق للحلقة السادسة من الموسم الثاني من مسلسل The Last of Us.
في الحلقة السادسة من الموسم الثاني من The Last of Us، والتي تحمل عنوان “The Price”، يضعنا المسلسل أمام مشهد داخلي، بطيء لكنه ثقيل التأثير، حيث يتخلى عن صخبه المعتاد ليكشف ما لم يُقَل طوال خمس سنوات. هنا لا يهم عدد المصابين ولا الخطر المميت، بل ما تبقى من شعور بالثقة بين جول وإيلي، وما بقي من صدق يمكن له أن ينقذ العلاقة.
الحلقة تبدأ بتسلسل زمني غير معتاد، إذ نعيش مع إيلي أعياد ميلادها خلال السنوات الماضية. كل سنة، وكل لحظة، محاولة صادقة من جول لإعادة الحياة إلى فتاة نشأت وسط الرماد. الهدايا بسيطة، نعم، لكنها تختصر شخصية جول: رجل لا يعرف كيف يعبر، لكنه يحاول بصدق أن يقول لإيلي “أنا هنا”. من مشهد المتحف الذي حمل الكثير من الدفء والدهشة، إلى نظراتها الصامتة وهي تراقبه من بعيد، يبدو أن الزمن لم يكن كافيًا لردم المسافة بينهما.
جول ليس كما كان. لم يعد البطل القوي الذي ينقذ الموقف، بل رجل يعيش مع أشباح قراراته. أداء بيدرو باسكال هنا يتجاوز حدود التمثيل. هو لا يتكلم كثيرًا، لكنه يحمل كل ما يشعر به على ملامحه. عندما يُسأل عن الماضي، لا يرد مباشرة، بل ينظر، يتنفس، يتردد، ثم يترك جملته تتسلل إلى آذاننا مثل اعتراف مذنب يعرف أنه لن يُغفَر له. في هذه الحلقة، جول لا يحاول أن يكون بطلًا، بل فقط إنسانًا يخاف أن يخسر ما تبقى له من معنى.
ومن ناحية السرد، تعتمد الحلقة على تصعيد نفسي أكثر من كونه دراميًا. قرار جول بقتل يوجين بعد تعرضه للعض لم يكن صادمًا، بل متوقعًا ممن يعرف هذا العالم جيدًا. لكن الصدمة الحقيقية جاءت عندما أخفى الحقيقة عن إيلي. الكذبة، رغم أنها مكررة، جاءت في لحظة لم تعد فيها إيلي تلك الطفلة التي يمكن خداعها. كانت تعرف، وكان يعرف أنها تعرف، لكن لا أحد منهما أراد أن يفتح الجرح حتى حدث الانفجار.
المواجهة بينهما لم تكن عن الحاضر فقط، بل عن كل ما كُتم لسنوات. عن سولت ليك، عن الكذب، عن الثقة التي لم تُبْنَ بشكل صحيح. إيلي لم تصرخ، لم تنهار، لكنها قالت ما يجب أن يُقال: “لماذا لا تثق بي؟” وجول، بصمته قبل الإجابة، قال كل شيء.
رغم أن الكتابة كانت محكمة، إلا أن نقطة الضعف الكبرى في الحلقة بقيت في إيلي نفسها. من الصعب تصديق أن الشخصية نضجت فعلًا، ليس لأنها لم تتغير في تصرفاتها، بل لأن مظهرها لم يساعد في الإقناع بهذه الرحلة الزمنية. بيلا رامزي، رغم اجتهادها، لا تزال تظهر كما ظهرت في الموسم الأول، وهذا جعلني أواجه صعوبة في تصديق أن إيلي مرت بكل تلك السنوات. الأمر لا يتعلق بالأداء، بل بالإخراج والإنتاج اللذين لم يمنحا الجمهور أي مؤشر بصري ملموس على مرور الوقت، سوى في تغيير الملابس.
فلسفة جول، بالمقارنة مع ما كان عليه في الموسم الأول، توضح التحول العاطفي الجذري في شخصيته. في بدايات السلسلة، كان جول رجلاً جافًا، يضع البقاء فوق كل شيء، ويخفي عواطفه خلف واجهة صلبة من الحذر واللامبالاة. لم يكن يرى في إيلي سوى مهمة يجب تنفيذها، ولم يسمح لنفسه بالاقتراب منها. لكن في نهاية الموسم الأول، تغير كل شيء حين قرر إنقاذها مهما كان الثمن، حتى لو كلفه ذلك العالم بأسره. هذه الفلسفة اتضحت أكثر في هذه الحلقة: لم يعد جول يقاتل من أجل النجاة، بل من أجل ألّا يخسر من يحبهم. وهذا ما يفسر قراراته المتناقضة، فهو يقتل ليحمي، ويكذب ليُبقي من يحب قربه. جول هنا لم يعد نسخة من رجل فقد ابنته، بل أصبح أبًا يُعيد ارتكاب الخطأ ذاته، لأن البديل بالنسبة له هو فقدان كل شيء.
الإخراج عوض هذا القصور ببراعة بصرية تستحق التقدير. مشهد المتحف مثلًا لم يكن مجرد لحظة عاطفية، بل انفراج بصري وسط ظلام نفسي كثيف. زوايا التصوير الضيقة خلال المواجهة، واستخدام الإضاءة المائلة للصفار في الفلاش باكات، ثم العودة إلى الألوان الباردة في الحاضر، كلها أدوات استخدمت لصنع تجربة حسية أكثر منها بصرية فقط. حتى الصمت، كان حاضرًا بقوة، كأننا أمام مشهد مسرحي لا يريد أن يُنهي حواره.
الموسيقى التصويرية لم تكن عنصرًا مكررًا، بل شخصية ثالثة ترافق الحدث دون أن تفرض نفسها. المقطوعات كانت هادئة، حزينة، لكنها غير متكلّفة. وفي لحظات المواجهة، كان غياب الموسيقى بحد ذاته موسيقى.
الكتابة، كما اعتدنا في هذا العمل، واثقة. لا تشرح كثيرًا، ولا تفسر. تمنحنا فقط المفاتيح، وتتركنا نحلل نحن العلاقة بين جول وإيلي. في هذه الحلقة، هناك لحظات من السكوت أقوى من الصفحات المكتوبة. الجمل القليلة تُقال عندما تصبح الحاجة للتفسير معدومة. فقط نظرات، تنهيدات، وقرار بالحديث أخيرًا.
ورغم أن الحلقة لم تحمل عناصر مفاجئة كبيرة، لكنها استطاعت أن تبني توترًا داخليًا يصل ذروته عندما ينهار كل شيء بكلمة واحدة. لهذا، فهي حلقة لا تُقاس بحجم الحدث، بل بحجم الشعور. لا تقدم تقدمًا كبيرًا في الحبكة العامة، لكنها تقدم تطورًا جذريًا في علاقتين هما قلب هذا المسلسل.
الحلقة السادسة من الموسم الثاني لمسلسل The Last of Us ترفع المستوى عبر كتابة عاطفية متقنة، وإخراج يعرف كيف يُترجم الضعف البشري إلى لحظات خالدة. أداء بيدرو باسكال استثنائي، يكشف عن جول بشكل لم نره من قبل، بينما العلاقة بينه وبين إيلي تصل إلى أقصى درجات تعقيدها. قرار قتل يوجين منطقي، والكذب الذي تلاه كان متوقعًا، لكن نتائجه جاءت أعنف مما تخيلنا. رغم ضعف تطور إيلي البصري، تبقى هذه الحلقة واحدة من أنضج حلقات الموسم وأكثرها تأثيرًا، وتثبت أن أقوى لحظات هذا العمل لا تأتي من مشهد دموي، بل من لحظة صدق واحدة مؤجلة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة IGN ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من IGN ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.