العاب / IGN

مراجعة Highest 2 Lowest

  • 1/2
  • 2/2

يُعرض Highest 2 Lowest في دور السينما بتاريخ 22 أغسطس، وذلك قبل عرضه عبر Apple TV+ يوم الجمعة 5 سبتمبر. هذه المراجعة مبنية على عرض الفيلم في مهرجان كان السينمائي.


يُعرف سبايك لي بقدرته الفريدة على تبديل الأسلوب والمزاج داخل الفيلم الواحد، وفي Highest 2 Lowest يدفع بذلك إلى أقصى حدوده الممكنة. يستند الفيلم إلى فيلم الدراما والجريمة الياباني الكلاسيكي High and Low (1963) للمخرج أكيرا كوروساوا، والمقتبس بدوره من رواية King’s Ransom للكاتب إد ماكباين، ليقدم لنا عملاً ميلودرامياً مثيراً يتطور بأساليب مذهلة، ويتوّج بأداء بطولي لافت من دينزل واشنطن، شريك لي الفني طويل الأمد. أن نقول بأن لي وواشنطن لا يزالان يملكان البراعة نفسها بعد كل هذه السنوات من النجاحات سواء سوية أو بشكل منفصل، هو ببساطة تبخيس من مدى روعة ما نحصل عليه هنا.

لكن قد لا يبدو الأمر كذلك في البداية. تدور قصة Highest 2 Lowest حول جريمة اختطاف معقدة تتشابك مع أسئلة أخلاقية حساسة وصراعات طبقية، وتعيد سبايك لي إلى موطنه الأصلي نيويورك، والتي كانت دائماً مسرحاً لأبرز أفلامه (مثل Do the Right Thing و25th Hour). لكن والحيوية التي عادةً ما تضفيها المدينة على أعماله تتأخر في الظهور هنا، إذ يبدأ الفيلم داخل شقة علوية فاخرة في بروكلين يملكها منتج الموسيقى الشهير ديفيد كينغ (واشنطن). وهذا الخيار السردي مقصود، لكنه قد يثير قلق المشاهد نظراً للطابع المصطنع قليلاً في البداية، والموسيقى التصويرية الثقيلة التي يوقعها هاورد دروسين بإيقاع بيانو مسرحي يكاد لا يتوقف.

حين تنتقل الأحداث خارج هذا العالم المخملي، المزين بلوحات باهظة تصور تاريخ وثقافة السود من مجموعة سبايك لي الشخصية وأغلفة مجلات تتغنى بإنجازات كينغ، فإن الفيلم يكشف سريعاً عن كونه حكاية مدينتين داخل نيويورك الواحدة. في نيويورك الخاصة بكينغ نراه يتنقل في شوارع المدينة بسيارته الفارهة متجاوزاً العامة من الناس على الأرصفة. حتى مشهد بسيط كاستعراض صف طويل من الشرطة التي تصل فور اتصاله للإبلاغ عن اختطاف ابنه المراهق، يكشف كيف أن المدينة تنحني لرغباته ونفوذه. لكن المفاجأة الكبرى تأتي عندما يتضح أن الطفل المختطَف ليس ابن كينغ، بل ابن سائقه المتواضع بول كريستوفر (الذي يؤدي دوره جيفري رايت). هنا تظهر الفجوة الطبقية بوضوح، وتتجسد في السؤال المحوري: هل سيدفع كينغ الفدية الضخمة لإنقاذ طفل لا ينتمي إلى طبقته؟

لكن ما إن يُجبر على العودة إلى حيّه القديم في منطقة برونكس على يد الخاطف (الذي يؤدي دوره A$AP Rocky)، حتى يخضع فيلم Highest 2 Lowest لتحول جذري ينتج عنه بعض من أكثر لحظات الإخراج حيويةً وإثارة في مسيرة سبايك لي. يجد كينغ نفسه في "نيويورك الأخرى" ضمن مشهد مستوحى من مطاردة أخرى تخطف الأنفاس من فيلم كلاسيكي آخر يجري في نيويورك وهو The French Connection، حيث يجوب الشوارع المزدحمة خلال موكب استعراض يوم بورتو ريكو، ثم ينزل إلى المترو وسط قطار مليء بالمشجعين المتجهين إلى ملعب يانكي. في هذه اللحظة تتسارع الموسيقى التصويرية من تلحين دروسين لتتحول من ألحان متثاقلة إلى دافعة ومتدفقة. كما تتغير الأجواء البصرية (بعدسة المصور السينمائي ماثيو ليباتيك) من باردة وجامدة إلى حارة وأكثر ثراءً، ويمتزج ذلك مع التصوير السينمائي ذو الطابع الكلاسيكي المليء بالحبيبات الدقيقة وأسلوب السينما الواقعية الذي يميز أفلام نيويورك المستقلة الكلاسيكية والمظلمة. يثبت هذا المشهد أن لي ليس مثل كينغ، الذي يحاول إظهار أن المال والنفوذ لم يفسدا موهبته وأصالته. فالمخرج لم يخطُ خطوة خاطئة، ولم يفقد ارتباطه بالمدينة.

في خضم هذه النظرة على ثراء السود الحديث وتناقضاته، وما يعنيه أن "تنجح" في أمريكا على حساب الآخرين، يرسّخ لي الدراما الحميمية في علاقة كينغ بمساعده وذراعه اليمنى. كريستوفر هو أقدم أصدقاء كينغ وموضع ثقته، وقد جعلت منه فترة سجنه واعتناقه الإسلام هدفاً فورياً لشكوك الشرطة. يقدّم جيفري رايت أداءً يتّسم بالتواضع الملائم للشخصية، فيتراجع ليمنح واشنطن المساحة في قصة حول كيف يلتهم المال كل من يقترب منه. ويمتلك هذا تأثيراً إضافياً يتمثل في منح واشنطن فرصة لتحويل معضلته الأخلاقية إلى مونولوج شكسبيري آسر.

إذا كان لا يزال هناك شك في أن واشنطن يستحق أن يُعتبر أحد أعظم ممثلي ، فإن Highest 2 Lowest ينبغي أن يزيل هذا الشك إلى الأبد. فهو يبني تاريخاً كاملاً من الكفاح والطموح من خلال مجرد نظرات وعبارات متبادلة سريعة وسط أدائه الفخم والمنمق. ومع تقدم أحداث الفيلم، يحتل غروره مركز الصدارة بطريقة تليق بشخصية الملك لير، وذلك حتى يقرر لي في أن يستغل أيضاً كاريزما واشنطن كنجم أكشن، ليختم الفيلم في فصل أخير مثير مليء بالحركة، يصل إلى ذروته في مواجهة مشحونة ومتفجرة عبر الحاجز الزجاجي لغرفة تسجيل.

يتطور فيلم Highest 2 Lowest بطرق مذهلة.

لم يكتفِ سبايك لي بصناعة قصة نيويوركية الطابع في Highest 2 Lowest، بل قدّم أيضاً حكاية عن التكنولوجيا الحديثة، ووسائل التواصل الاجتماعي، والعلاقات الشبه الطفيلية التي لا يدرك كينغ وجودها إلى أن يصبح ضحيتها. إنه فيلم يواجه فيه لي الاتهامات بأنه فقد صلته بالواقع بأفلامه الأخيرة، من خلال تجسيد شخصية تم إبعادها تدريجياً عن ثقافتها وتاريخها بفعل الثروة والنجاح، إلى أن تعيدها الظروف الخارجة عن سيطرتها (وبطرق عديدة من صنعها هي نفسها) إلى تلك الجذور. وكلما كشف لي عن العالم الذي يقع أسفل كينغ العاجي، ازداد كشفه للواقع البائس المرسوم بألوان من الغضب واليأس، مما يجبر كينغ على إعادة تقييم العالم الذي تركه خلفه.


- ترجمة ديما مهنا

يبدأ Highest 2 Lowest كدراما تقليدية حول الصراع الطبقي، لكن سرعان ما ينقلب ليقدّم بعضاً من أكثر الصور إثارة وحيوية في مسيرة سبايك لي. يعيد الفيلم صياغة معضلة الاختطاف التي وردت بالمادة المصدر وتقديمها من خلال منظور غني بثقافة السود، يرتكز على أداء دينزل واشنطن العظيم في أكثر حالاته الشكسبيرية. لقد مضى ما يقارب عشرين عاماً منذ آخر تعاون بين المخرج والممثل، لكن لم يفقد أي منهما بريقه أو إيقاعه.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة IGN ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من IGN ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا