تجوب جيوش من «الداباوالاس» مدينة بومباي الهندية منذ عقود مشياً أو بواسطة دراجات، لتسليم أطباق مطبوخة في المنزل إلى موظفي المكاتب الذين يحرصون على تجنب الحرّ الشديد والشوارع المزدحمة.
ورفع عدد من رواد الأعمال الشباب هذا التقليد إلى مستوى جديد مع الانتشار الواسع لتطبيقات التسوّق التي تتيح للزبائن الحصول ليس فقط على أطعمة ومشروبات، بل على أي منتج آخر من الملابس وصولاً إلى الهواتف، وفي غضون دقائق.
وتُعيد تطبيقات التجارة السريعة تعريف مفهوم تجارة التجزئة، فهي لا تُحدث ثورة في عالم التجارة الإلكترونية فحسب، بل ثورة أيضاً في المتاجر المملوكة لعائلات والتي لم تعد تُلبي احتياجات الزبائن.
في مستودع يُديره متجر البقالة الإلكتروني «بيغ باسكت» في وسط بومباي، يعمل الموظفون بدقة فائقة لتوصيل الطلبات في غضون 10 دقائق فقط.
وتُعرَف هذه المستودعات في القطاع باسم «المتاجر المظلمة»، في إشارة إلى كونها مغلقة أمام الزبائن.
وعند استلام طلب جديد، ينطلق عاملٌ مسرعاً عبر ممرات مليئة بمختلف المنتجات، من المشروبات الغازية إلى الخضر، ليُعبئ كيساً ويُسلّمه إلى سائق دراجة نارية يُعرف بـ«الداباوالا» العصري، وهو ما يعني «رجل علبة الغداء» باللغة الهندية.
وأنفقت شركات التكنولوجيا المحلية مليارات الدولارات لإنشاء هذه الشبكات اللوجستية الذكية عبر المدن الكبرى، ما أدى إلى تغذية قطاع التسوق السريع في الهند.
ويعتبر ملايين الزبائن أنّ هذه الخدمة تشكل طريقة سهلة لتجنّب التسوق في الحرّ الشديد وقضاء ساعات في التنقل وسط الازدحام المروري في البلاد.
ويقول فيبول باريخ، المشارك في تأسيس «بيغ باسكيت»، لـ«وكالة فرانس برس»، إنّ النموّ كان «قوياً جداً»، لافتاً إلى توقعات تشير إلى معدل نموّ سنويّ يزيد عن 60% على مدى السنتين أو السنوات الثلاث المقبلة.
ويضيف: «عندما نتحدث عن قطاع كبير يتحوّل وينمو بهذه الوتيرة، فهذا أمر غير مسبوق».
وتعثرت تطبيقات توصيل مثل «غيتير» أو «جوكر» في أوروبا والولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة، مع تراجع الطلب الناجم عن الجائحة، والضغط الذي يتسبب به التضخم المتزايد على جيوب الزبائن.
لكن المبيعات في الهند ارتفعت من 100 مليون دولار في عام 2020 إلى نحو ستة مليارات دولار سنة 2024، بحسب توقعات شركة «داتم إنتلجنس» لتحليل السوق.
ويُتوقَّع أن يصل هذا الرقم إلى 40 مليار دولار بنهاية العقد، بحسب بنك الاستثمار «جيه إم فاينانشال».
ويشير باريخ إلى أنّ «الشركات تؤكد أنّ النمو السريع للتجارة في الهند يعود جزئياً إلى العدد الهائل من الأشخاص الذين يعيشون في مدن مكتظة ضمن منطقة من (المتاجر المظلمة).
ويرى أنّ نقص سلاسل متاجر السوبرماركت التقليدية في الهند يُعزز نموذج الأعمال.
بينما يقر رينيش رافيندرا (32 سنة)، وهو مستخدم منتظم للتطبيقات، بأنّ هذه الأخيرة تشعره بأنه «كسول»، لكنه يؤكد أنّها تبعث براحة لا تُضاهى.
وأحرزت الجهات المحلية العاملة في القطاع تقدماً سريعاً، لكن المنافسة تشتد.
وتُعيد أمازون ترتيب أوراقها، إلى جانب «فليبكارت» المملوكة لشركة «وول مارت»، وشركة «ريلاينس إندستريز» المملوكة للملياردير موكيش أمباني، إذ تُطلق هذه الشركات وإن متاخرة، خدمات توصيل سريع.
ومع ذلك، يُهدد التنافس الشديد في التجارة الإلكترونية استدامة هذا القطاع الذي سبق أن شهد إفلاس إحدى الشركات الناشئة البارزة.
ويقول راهول مالهوترا من شركة «بيرنستين» للأبحاث: «أشعر أن السوق جيدة بما يكفي لشركتين أو ثلاث، وقيمة السوق الإجمالية الممكنة قد تتراوح بين 50 و60 مليار دولار».
ويضيف: «بعض الشركات المُبادرة، ذات القدرات المحلية الفائقة، تتمتع بميزة واضحة».
قد يواجه القطاع أيضا تحديات من آلاف المتاجر الصغيرة التي تديرها عائلات.
ودعا الاتحاد الهندي لجميع التجار الذي يُمثل أكثر من 90 مليون شركة صغيرة، إلى «حركة وطنية» ضد المنصات الحديثة.
وشبّه رئيسها التجارة السريعة بـ«شركة الهند الشرقية المعاصرة»، في إشارة إلى القوة البريطانية الجشعة التي بدأت في القرن الـ17 للاستيلاء على مساحات شاسعة من الهند، قبل الحكم الاستعماري. وفي الوقت الراهن، يُصوّت الزبائن عن طريق أموالهم.
ويقول رافيندرا: «عندما أفكر في البقالة أقول في قرارة نفسي يمكنني طلبها عبر الإنترنت».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.