منذ نشأتها، أولت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اهتمامًا بالغًا بالتعليم، باعتباره أحد روافد بناء الإنسان، وتأسيسًا لرسالة روحية قائمة على المعرفة والوعي. واليوم، تمتلك الكنيسة شبكة من المؤسسات التعليمية المنتشرة في مختلف محافظات مصر، تجمع بين الجذور التاريخية والرؤية التربوية الحديثة، وتخدم آلاف الطلاب من مختلف الفئات، دون تفرقة على أساس الدين أو الطائفة.
وتُعد المدارس القبطية الأرثوذكسية من أقدم مؤسسات التعليم الخاص في مصر، حيث تعود جذورها إلى القرن التاسع عشر، حين بدأت الكنيسة في تأسيس مدارس داخل الأديرة والكنائس، لتعليم الأطفال القراءة والكتابة والعلوم الأساسية. وقد تطور هذا الدور ليشمل الآن مؤسسات تعليمية معترف بها رسميًا، تعمل تحت إشراف وزارة التربية والتعليم، مع احتفاظها بهويتها الكنسية وقيمها الأخلاقية.
من أبرز هذه المؤسسات، مدارس سان مارك بالإسكندرية، التي تُعد من أعرق المدارس القبطية، وقد خرّجت على مدار عقود نُخبة من المثقفين والأطباء والمهندسين، كما تُعرف بانضباطها الأكاديمي واهتمامها بالتكوين القيمي للطلاب.
كذلك، تبرز مدارس سان جورج، والقديس يوسف، وسان مينا، ومار جرجس بالقاهرة، والتي تقدم تعليمًا معتمدًا في مراحل التعليم المختلفة، إلى جانب برامج تنمية شخصية، وأنشطة رياضية وفنية، ورعاية تربوية متكاملة.
وإلى جانب المدارس، تولي الكنيسة أهمية كبيرة للتعليم غير النظامي، من خلال مدارس الأحد، التي تُعتبر من أبرز مظاهر النشاط الكنسي، وتجمع بين التعليم الديني، والتثقيف الاجتماعي، وغرس القيم الأخلاقية. وتلعب هذه المدارس دورًا رئيسيًا في الحفاظ على الهوية القبطية لدى الأجيال الجديدة، من خلال دروس الكتاب المقدس، والسير، والتاريخ الكنسي، إلى جانب الأنشطة الكشفية والفنية.
وفي السنوات الأخيرة، بدأت بعض الإيبارشيات تطوير مشروعات تعليمية جديدة، تتضمن مدارس دولية بمناهج حديثة، مثل مدارس "القديس أثناسيوس الدولية" بالعبور، التي تجمع بين جودة التعليم الأكاديمي والروح الكنسية.
وأكد الأنبا يوليوس، أسقف الخدمات العامة والاجتماعية، في تصريحات سابقة، أن "التعليم جزء لا يتجزأ من خدمة الكنيسة للمجتمع، لأنه يُشكّل وعي الإنسان، ويمنحه فرصة للحياة الكريمة. ونحن نؤمن أن الإيمان والمعرفة يجب أن يسيرا معًا".
ورغم التحديات التمويلية والإدارية، تسعى الكنيسة إلى توسيع رقعة مؤسساتها التعليمية، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى خدمات تعليمية جيدة، مع التركيز على القرى والمناطق المهمشة، عبر مبادرات تشرف عليها الأبرشيات المحلية.
وتظل المؤسسات التعليمية التابعة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية شاهدًا على التقاء الإيمان بالعلم، والموروث بالحداثة، في مشروع تربوي متجدد يهدف إلى بناء إنسان متوازن، يحمل المعرفة، ويتمسك بالقيم.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.