كتبت مرام محمد – بتول عصام
السبت، 07 يونيو 2025 09:00 مبعباءة و"طرحة" من حرير أسود تعتبران عنوانًا لنساء الحرانية وطابعًا من موروثاتهن، تجلس لطفية محمد، صاحبة الـ63 عامًا، أمام نول خشبي، تمسك في يدها أداة حديدية تسمى "مشط" تساعدها في كبس خيوط الصوف، بعضها فوق بعض، لترسم لوحتها الفنية بمهارة وعناية فائقتين، منسجمة في العمل على أنغام أم كلثوم.
تحدثت "لطفية"، وهي إحدى أقدم نساء القرية وأكبرهن عمرًا في صناعة السجاد، عن بداياتها مع ذلك الفن، الذي رافقها منذ نعومة أظافرها، قائلة: "لما دخلت المدرسة، انبهرت بالسجاد وصناعته، كنت بتفرج على زمايلي، وأراقب التفاصيل في صمت، لحد ما استلمت نول وبدأت أنسج زيهم، وكانت أول سجادة أعملها طير، عجبت رمسيس ويصا واصف وكافأني بالجنيه، وقتها فرحت أوي إني نجحت وعملت حاجة، ودا يرجع لرمسيس، كان بيشجعنا على التأمل والإبداع، علمنا مع بعضنا ازاي بالخيط والنول نعمل لوحة فنية، وكل واحد فينا يكون مميز ومختلف برسمته عن التاني".

بدأت الفنانة الستينية مسيرتها مع فن النسيج على النول منذ أن كانت في الـ11 من عمرها، في الوقت الذي اتجه فيه كثيرٌ من أبناء القرية بنات وصبية لتعلم الحرفة، فانضمت لتلامذة الجيل الأول للمعماري الراحل، وزاولت فنها بحب وشغف وأنامل بارعة من ذهب، حتى عرضت إبداعاتها في المتاحف العالمية وكبرى المعارض الفنية: "لما بدأنا كنا صغيرين في السن، ووقتها ماكنش فيه ستات في القرية بتشتغل، كان الستات اللي يشوفوني ويعرفوا إني بصنع سجاد يقللوا مني ويسخروا، لكن كلامهم ماكنش بيأثر فيا وكنت أقولهم أنا فنانة لو تشوفوا وتعرفوا اللي أنا بعمله مش هتقولوا كده، والزمن عدى وأثبت للجميع إني فنانة مبدعة، اتعرضت أعمالها في معارض عالمية منها في فرنسا".
يخرج من بين يدي "لطفية" تحف فنية قوامها الطبيعة، تخطف الأنظار ببراعتها الفنية وحرفيتها، ورغم أنها أمية لا تقرأ أو تكتب، إلا أنها تستطيع أن توقع اسمها على لوحاتها الفنية: "صناعة السجاد اليدوي بياخد وقت، أنا بشتغل بحرية وهدوء ومزاج، السجادة ممكن تاخد شغل معايا 7 شهور، وقبل ما أنفذ أي فكرة، بتمشى حواليا في الجناين اتأمل الطبيعة واتفرج على المزروعات والورود والطيور والحيوانات، ولما أستقر على فكرة، أبدأ أجهز خيوط الصوف بألوانها الطبيعية، وأغزله على النول من غير ماكيت أو صورة أو رسمة جاهزة على ورقة، فبمجرد ما بشوف الطبيعة حواليا الفكرة بتثبت في دماغي وبنفذ السجادة بخيالي، أنا مش بعرف أكتب اسمي على الورق، لكن أكتبه على السجادة".

تصنع "لطفية" فنها بحب وشغف، معتمدة على مهارتها وذاكرتها في تصور مفردات الطبيعة وتفاصيلها: "بنشتغل على أنوال عمودية وأفقية، وأقطان وأصواف مصبوغة بألوان طبيعية، فنستخرج الصبغة الحمراء من نبات "الفوة"، والصبغة الصفراء من نبات "رزدا لوتيلا"، أما رسوماتنا فكلها من الطبيعة، أزهار، وأشجار، ونخيل، وجبال، وأنهار، وبحار، وده اللي يميز سجادنا عن أي سجاد تاني.. وكل واحد فينا مميز وليه طبيعة خاصة في شغله".
تشعر "لطفية" بالفخر بأعمالها الفريدة المصنوعة بأناملها وتسعى جاهدة لمواصلة رحلتها الإبداعية وصنع المزيد: "صناعة السجاد كل حياتي، بقوم من النوم أفكر فيه، بنظم وقتي بين مهام البيت وصناعة السجاد، وبجهز أدواتي وخاماتي وابدأ أشتغل، وان ما اشتغلتش يوم اتجنن.. بحس بسعادة وأنا قاعدة قدام النول، وبعد ما السجادة بتخلص بقول سبحان الله!.. اتعملت إزاي دي؟! إيه الحلاوة اللي انا عملتها دي؟!.. معايا ثلاث شباب وبنتين، فرحانين وفخورين بيا، ودايمًا يقولوا ليا شغلك حلو أوي يا ماما، هو ده فني اتولدت وعايشة فيه وهكمل لحد آخر نفس في حياتي".
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.