تصدرت نائب العمليات بشرطة الطريق في إيطاليا، الضابط أديل جيسو، المشهد في حفل تكريم الفائزين بجوائز القمة الشرطية العالمية لعام 2025، الذي أقيم في نادي ضباط شرطة دبي، أخيراً، وسط حضور أمني رفيع المستوى من أكثر من 110 دول، نظير مسيرتها المُلهمة.
وتسلمت جيسو جائزة «التميز لأصحاب الهمم» وسط تصفيق الحضور الذي وقف احتراماً لها.
ولم يكن حصول جيسو على الجائزة، مجرد تكريم، وإنما كان اعترافاً دولياً بشجاعتها، فقد عملت 12 عاماً كمفتش في الشرطة، ثم 24 عاماً كمسؤول في الإدارة المدنية، وحولت التحديات إلى فرص، والمأساة إلى قصة أمل وإرادة، فكان إعلاناً جلياً بأن قوة العقل تنتصر على إعاقة الجسد، وأن الإنجاز الحقيقي لا يُقاس بالخطوات، بل بعمق الرسالة التي يتركها الإنسان أينما حلّ.
وتعود قصة جيسو إلى يوم 16 سبتمبر 1996، حين كانت برفقة زميلها في دورية شرطة تستجيب لبلاغٍ طارئ، إذ اصطدمت مركبتهما بحاجزٍ حديدي. وأسفر الحادث عن إصابة جيسو بشللٍ نصفي دائم، في حين تعرّض زميلها لإصابة خطرة في الرأس. وكانت جيسو آنذاك تبلغ من العمر 29 عاماً، ومفعمة بالحماسة والطموح. ولكن الحادث غيّر مجرى حياتها، على المستويين الشخصي والمهني.
وتتذكر جيسو الواقعة، قائلة: «لم يكن من السهل عليّ تقبّل حقيقة إصابتي، لم أستوعب أنني غير قادرة على ارتداء الزي العسكري مجدداً. كانت العودة إلى بيئة عملي بين زملائي ومواصلة المهنة التي اخترتها عن قناعة وشغف أمراً مؤلماً. عشت لحظات عصيبة حين أدركت أن استقلاليتي وقدرتي على توجيه مسار حياتي أصبحتا رهينتين للشعور بالضعف والاعتماد على الآخرين».
لكن جيسو لم تُغلق الصفحة، بل فتحت فصلاً جديداً في حياتها، رفضت فيه الاستسلام لواقع الإعاقة. فبعد بضع سنوات من العلاج والتأهيل، عادت عام 1999 إلى صفوف جهاز الشرطة، لتُبرهن على قوة الإرادة والتحدي، فما ظنه كثيرون «نهاية الرحلة» كان في الواقع بداية لمسيرة جديدة.
وقالت جيسو: «رغبتي العميقة في الاستمرار، رغم الإعاقة، وشغفي بالمهنة التي أحببتها، دفعاني إلى اتخاذ قرارات جديدة لمرحلة فارقة، فحصلت على رخصة قيادة جديدة، وتمكنت من قيادة سيارة مجهّزة لتناسب احتياجاتي».
وانتقلت جيسو من العمل في الدوريات على الطرق السريعة إلى العمل في المجال التوعوي، فجابت المدارس والجامعات الإيطالية، متحدّثة بلغة التجربة الحيّة، للتحذير من عواقب الإهمال أو التجاوزات.
وقالت: «الرسالة التي أحملها هي الإرادة والعزيمة، إن العجز الجسدي لا يلغي القدرة على إحداث تأثير في حياة المرء وحياة الآخرين».
كما قدّمت دورات تعليمية لضباط الشرطة، وأسهمت في مبادرات تثقيفية مرورية، مثل مشروع «إيكارو» للتوعية المرورية.
وقُبيل توجهها إلى إحدى المدارس لإلقاء محاضرة توعوية، حضر إلى منزلها وفد من الشرطة يحمل صندوقاً أنيقاً ملفوفاً بشريط أزرق يحمل شعار الشرطة الإيطالية.
ابتسم أحد ضباط الوفد، وقال بلطف: «لدينا شيء يخصك.. تأخّرنا قليلاً في توصيله».
فتحت جيسو الصندوق لتجد فيه زيها الرسمي، تتوسطه الرتبة التي نالتها قبل الحادث، وإلى جانبها نسخة محدثة تحمل اسمها الجديد كمُلهمة وطنية.
في ذلك اليوم، لم تُلقِ جيسو محاضرتها بملابس مدنية كما اعتادت، بل ارتدت زيها الرسمي للمرة الأولى مرة منذ سنوات، وخرجت من بيتها لا كضيفة شرف، بل كضابط عادت إلى الميدان برسالة من نوعٍ آخر.
ومنذ ذلك اليوم، أصبحت تمثل الشرطة الإيطالية في المحافل التوعوية.
وأشادت جيسو باهتمام القيادة العامة لشرطة دبي بفئة أصحاب الهمم، وأعربت عن امتنانها وشكرها للقائد العام لشرطة دبي الفريق عبدالله خليفة المري، لتكريمها بجائزة التميز لأصحاب الهمم.
وقالت «أشكر شرطة دبي، ليس فقط على هذا التكريم، بل على الرسالة الإنسانية العميقة التي تحملها هذه اللحظة. لقد منحتموني شعوراً بأن الكرسي المتحرك ليس عائقاً أمام النجاح وتحقيق الإنجازات والفوز بالجوائز. هذا التقدير هو لكل من يواصل السير رغم الصعوبات».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.