في زمن بات فيه وصف "نرجسي" يُستخدم بكثرة، أصبح من السهل لصق هذه التسمية بأي شخص يبدو أنانيًا، متعجرفًا، أو غير متعاطف. لكن خلف هذه الكلمة، هناك بُعد نفسي عميق ومعقّد لا يمكن اختزاله في توصيفات سطحية أو أحكام سريعة، وفقا لدراسة تحليلية نشرتها مجلة Personality and Social Psychology Review وتظهر الدراسة التي جمعت بيانات من أكثر من 10,000 شخص ضمن 33 بحثا مختلفا، أن جذور النرجسية الهشة قد تكون مرتبطة بتجارب الطفولة وأنماط التعلق غير الآمن، خاصة التعلق "المُنشغل" و"الخائف". ولذا يُفرّق علماء النفس بين نوعين من النرجسية، هما النرجسية المتعالية: التي تكون فيها الشخصية مفرطة في الثقة بالنفس، تتسم بالسيطرة والعدوان والسعي إلى الهيمنة. والنرجسية الهشة: وهي أقل شهرة، لكنها لا تقل تأثيرًا. وتُخفي هذه الشخصية خلف قناع من الانطواء أو الحساسية الزائدة شعورًا بعدم الأمان وتقديرًا ذاتيًا هشًا، يتطلب دفاعات نفسية قوية لحمايته. ويشترك النوعان في سمات أساسية مثل التلاعب، الشعور بالاستحقاق، ونقص التعاطف، وهي سمات تفسر الصعوبات المتكررة في العلاقات الشخصية والاجتماعية. ووفقًا لنظرية التعلق، فإن الطريقة التي نرتبط بها بمقدمي الرعاية في الطفولة تشكل أساس الطريقة التي ندير بها علاقاتنا لاحقًا في الحياة. فالطفل الذي يكبر في بيئة آمنة مليئة بالحب والدعم، غالبًا ما يطور تعلقًا آمنًا، ما يمنحه توازنًا في نظرته لنفسه وللآخرين. أما أولئك الذين نشأوا وسط الإهمال، التناقض، أو الإساءة، فهم أكثر عرضة لتطوير أنماط تعلق غير آمنة، مثال التعلق المُنشغل: يتميز بالخوف من الهجر، والحاجة المستمرة للتطمين. أما التعلق الخائف: فيجمع بين الرغبة في القرب والخوف منه، مما يُنتج علاقات غير مستقرة. ووفقًا للدراسة، هذان النمطان يرتبطان ارتباطًا متوسط القوة بالنرجسية الهشة، مما يشير إلى أن هذه النرجسية قد تكون استجابة دفاعية لصدمات الطفولة. على الرغم من أن هذه النتائج لا تثبت علاقة سببية مباشرة، إلا أنها تقدم فهمًا أعمق للنرجسية الهشة، وتفتح الباب أمام علاجات أكثر فاعلية. فبعض العلاجات النفسية، مثل العلاج بالمخططات أو العلاج المرتكز على المشاعر، تركز على إصلاح أنماط التعلق وتخفيف الجروح العاطفية القديمة، ما قد يساعد في تقليل سلوكيات النرجسية الهشة. لكن الأهم من ذلك هو الوقايةو دعم الآباء والأمهات لبناء روابط صحية وآمنة مع أطفالهم هو المفتاح. وفي نهاية المطاف، تقول الدراسة أن علينا أن نتجاوز الأحكام السريعة بشأن من نصنفهم باعتبارهم نرجسيين. تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App