رسالة مكة المكرمة - محمود عبد الراضيالأربعاء، 11 يونيو 2025 08:00 م على بُعد خطوات من المسجد الحرام، ينتصب "برج الساعة" شامخًا فى سماء مكة المكرمة، كأحد أبرز معالم المدينة الحديثة وأكثرها إثارة للإعجاب. إنه ليس مجرد ناطحة سحاب، بل أيقونة معمارية ودينية وثقافية تجتمع فيها رمزية الزمان وقداسة المكان، ليشكّل بذلك نقطة التقاء بين الماضى العريق والحاضر المعاصر. يعد برج الساعة جزءًا من مشروع وقف الملك عبد العزيز، ويمثل أحد أطول الأبراج فى العالم بارتفاع يتجاوز 600 متر، وقد تم تصميمه ليطل مباشرة على الكعبة المشرفة، مانحًا زائرى المسجد الحرام مشهدًا بصريًا مهيبًا لا يُنسى. وتتصدر قمة البرج ساعة عملاقة تُعد الأكبر من نوعها عالميًا، يمكن رؤيتها من مسافة تتجاوز 25 كيلومترًا، وتُضيء ليل مكة بنظام إنارة ملوّن يتغير حسب أوقات الصلاة والمناسبات الدينية. يضم البرج عددًا من الفنادق العالمية والمرافق المتنوعة التى تخدم الحجاج والمعتمرين على مدار العام، كما يحتضن "متحف برج الساعة"، وهو مركز علمى وتعليمى فريد من نوعه، يستعرض تطور قياس الوقت عبر العصور، ويوفّر للزائر تجربة معرفية وروحانية فى أن واحد، تبدأ من الفلك وتنتهى عند الكعبة. ويمثل البرج فى ذاكرة زوار مكة أكثر من مجرد مبنى شاهق، فهو علامة بصرية تلازم لحظات العبادة والطواف والسعى، يرفع الرؤوس نحو السماء فى كل مرة تُعلن فيها مآذن الحرم موعد الصلاة، ويذكّر الجميع بأن للوقت قداسة، خاصة حين يُقضى فى طاعة الله. وقد أسهم البرج أيضًا فى تحويل المنطقة المحيطة بالحرم إلى مركز حضارى نابض، إذ يتوسط مجمعًا تجاريًا وفندقيًا يوفّر كل ما يحتاجه الزائر من إقامة وتسوق وخدمات، مما جعل منه عنصرًا محوريًا فى تجربة الحج والعمرة. بين دقة العقارب وصوت الأذان، بين السماء والأرض، يقف برج الساعة شاهدًا على تحوّل مكة إلى مدينة تجمع بين أصالة الروح وحداثة البناء، فى صورة تعكس عظمة المكان وقدسية الزمان.