رسالة مكة المكرمة - محمود عبد الراضي
الأربعاء، 11 يونيو 2025 10:00 مفى قلب المسجد الحرام، بين ركن الكعبة وبابها، يقف الحجاج والمعتمرون بخشوع ودموع، متضرعين عند ما يُعرف بـ"باب الملتزم"، أحد أكثر المواضع قدسيةً وروحانيةً فى بيت الله الحرام.
الملتزم ليس بابًا بالمعنى الهندسى فحسب، بل هو مساحة بين الحجر الأسود وباب الكعبة المشرفة، يحرص المسلمون من شتى بقاع الأرض على الالتزام بها، ملتصقين بالجدار، باكين راجين، داعين بكل ما ضاقت به صدورهم أو ما تاقت له قلوبهم.
ورغم بساطة الموضع من حيث الشكل، إلا أن رمزيته عظيمة، فقد ورد عن الصحابة والسلف الصالح أنهم كانوا يحرصون على الالتزام بهذا الموضع، واضعين صدورهم وخدودهم وأكفهم على جدار الكعبة، فى لحظة تعانق فيها الأرض السماء، وينفرد القلب بالدعاء، لا يشغله سوى الرجاء.
فى أيام الحج، تتحول هذه البقعة إلى مقصد مزدحم، يتوافد إليه الحجاج بعد إتمام الطواف، يسرعون إليه بقلوبهم قبل أقدامهم، يحاولون أن يحظوا بلحظة خلوة ولو قصيرة فى هذا الموضع الذى يعتقد كثير من العلماء أنه من أرجى المواطن للإجابة. الدعاء عند الملتزم ليس بصوت مرتفع، بل بخضوع صامت، يهمس فيه القلب بما لا يُقال، وتُسكب فيه العبرات على جدار طاهر لا يعرف إلا الطهر والصدق.
اللافت أن مشهد الملتزم لا يشبه غيره فى الحرم، ففيه تلتقى الإنسانية فى أضعف حالاتها، وأصدق مشاعرها. فقراء وأغنياء، كبار وصغار، عرب وعجم، يتساوون فى الالتصاق بجدار بيت الله، كأنما أرواحهم تذوب فى رحاب الدعاء، وتتشبث بأستار الرحمة.
ومع مرور الزمن، ظل باب الملتزم محتفظًا بمكانته فى قلوب المسلمين، يتوارثون فضله جيلًا بعد جيل، دون طقوس محددة أو دعاء مخصوص، بل بما يفيض به القلب، ويُخفيه السر. مشهد يُجسّد المعنى الأسمى للتجرد أمام الله، والخضوع بين يديه، بعيدًا عن الأعين، قريبًا من الغفران.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.