في الوقت الذي تتزايد فيه التحديات الاقتصادية على المستويين المحلي والعالمي، وضعت الحكومة المصرية رهانها الأكبر على القطاع الخاص، باعتباره المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي وتوليد فرص العمل، وبدأت خطوات عملية لترجمة هذا التوجه إلى واقع ملموس. وخلال كلمته بمؤتمر التمويل الإنمائي لتمكين القطاع الخاص، أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن القطاع الخاص هو العمود الفقري للاقتصاد الوطني، مشيرًا إلى أنه مسؤول عن توفير أكثر من 80% من فرص العمل في مصر، وهو ما يعكس الثقة الكبيرة في قدرته على قيادة قاطرة التنمية خلال المرحلة المقبلة. دعم مباشر وشراكات تمويلية جديدة ويعد المؤتمر محطة مهمة في مسيرة دعم الدولة للقطاع الخاص، حيث يشهد الإعلان عن آليات تمويل جديدة، وتوقيع عدد من الاتفاقيات النوعية بين شركات القطاع الخاص وشركاء التنمية الدوليين، إلى جانب توسيع نطاق منصة "حافز" للدعم المالي والفني، ما يتيح للمستثمرين والمصنعين مزيدًا من الأدوات لتوسيع أنشطتهم وتطويرها. كما تسلط فعاليات المؤتمر الضوء على جهود التمويل التنموي التي بُذلت خلال السنوات الخمس الماضية، والنتائج التي تحققت في تمكين القطاع الخاص، ودعم مشروعاته، وتحفيزه على المشاركة في التنمية الاقتصادية، لا سيما في ظل تحديات التمويل العالمية. الدعم الحكومي للقطاع الخاص لم يتوقف عند الجانب التمويلي، بل امتد ليشمل تسهيل الإجراءات، وتوفير بيئة تشريعية وتنظيمية جاذبة، فقد اتجهت الدولة إلى افتتاح صناعات جديدة تُعزز من المنتج المحلي، خاصة الصناعات التي تُعد بديلًا حقيقيًا للمستورد أو تتمتع بفرص تصديرية واعدة، مثل الملابس الجاهزة، والصناعات الغذائية، وقطع غيار السيارات، والإطارات، ومواد البناء، والأخشاب، والموبيليا، والجلود، والأجهزة الكهربائية، والمنظفات، والبتروكيماويات. هذه القطاعات تمثل مجالات ذات أولوية في خطة الدولة للتصنيع، سواء لتلبية الطلب المحلي أو لتعزيز القدرة التصديرية، مع توفير آلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة. خلال الشهور الماضية، حظيت الصناعة الوطنية باهتمام لافت من القيادة السياسية، حيث جاءت توصيات المؤتمر الاقتصادي لتؤكد على أهمية تسهيل إجراءات الاستثمار الصناعي، وتحفيز الإنتاج المحلي، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتوسيع الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص. كما وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي، في أكثر من مناسبة، بتعزيز مشاركة القطاع الخاص في الخطط الصناعية، سواء بشكل فردي أو جماعي، إلى جانب إطلاق مبادرة "ابدأ" لتطوير الصناعة، والتي تُعد خطوة استراتيجية مهمة نحو دعم المستثمرين الصناعيين، وتوطين الصناعات ذات الأولوية، وتواكب هذه المبادرات بنية تحتية قوية تشمل المدن الصناعية، وشبكة الطرق، ومصادر الطاقة، ما يمنح المستثمرين فرصًا حقيقية للنمو والتوسع. الصناعة المصرية تتقدم بثبات من جانبه، أكد الدكتور كمال الدسوقي، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية، أن الصناعة الوطنية أصبحت قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية، مشيرًا إلى أن المنتجات المصرية تحظى اليوم بثقة متزايدة لدى المستهلكين الدوليين بفضل جودتها وتنافسيتها السعرية. وأضاف أن تطور الصناعة لم يأتِ من فراغ، بل نتيجة سياسات داعمة من الدولة، واهتمام متواصل من الوزارات المعنية، لا سيما وزارتي الاستثمار والصناعة، اللتين تعملان بشكل متكامل على دعم المصانع المصرية، وتوفير التدريب الفني للعمالة، وتشجيع الاعتماد على التكنولوجيا والابتكار، ما ساهم في رفع كفاءة الإنتاج وزيادة الصادرات. وأشار الدسوقي إلى أن الصادرات المصرية تشهد نموًا متواصلاً في عدة قطاعات، أبرزها الصناعات المرتبطة بمواد البناء، وهو ما يعكس تنوع القاعدة الصناعية المصرية، وقدرتها على تلبية احتياجات مختلف الأسواق، العربية والدولية. واختتم قائلًا: "نحن واثقون من أن الصناعة المصرية ستواصل تحقيق النجاحات، وسنعمل على ترسيخ مكانة مصر كدولة صناعية قوية ورائدة في المنطقة".