نظمت جمعية المهندسين الكيميائيين تحت رعاية جمعية المهندسين المصرية ندوة هامة بعنوان إنتاج الوقود الحيوي مصدر للطاقة البديلة والمستدامة"، بحضور المهندس أسامة كمال رئيس جمعية المهندسين المصرية ووزير البترول الأسبق، والمهندس فاروق الحكيم الأمين العام للجمعية، والدكتور مصطفى هدهود رئيس جمعية المهندسين الكيميائيين، والمهندسة عزة نورالدين أمين عام جمعية المهندسين الكيميائيين. افتتح المهندس أسامة كمال "رئيس الجمعية "كلمته بالتأكيد على أن الجمعية دأبت مؤخراً على تنظيم ندوات تناقش قضايا ذات تأثير مباشر على المجتمع، مضيفاً :“اليوم نناقش مسألة لم تعد فقط نظرية أو محل تفكير، بل موضوع له خطوات تنفيذية على الأرض بالفعل”، مشيراً إلى شركة وقود الطائرات المستدام كمثال حي على الجهود الجارية في هذا المجال. وشدد" كمال "على أهمية الخروج من دائرة الاعتماد الكامل على البترول التقليدي، قائلاً: “ما يشهده العالم من متغيرات يفرض علينا التحرك نحو بدائل للطاقة، والحد من الاعتماد التاريخي على مصادر النفط التقليدية”. واستشهد "وزير البترول الأسبق "بأزمة الغاز الروسي إثر الحرب الأوكرانية، موضحاً أن أوروبا رغم اعتمادها على الغاز الروسي بنسبة تصل إلى 40%، تمكنت من امتصاص الصدمة باللجوء إلى مصادر طاقة غير تقليدية، ما يعكس أهمية تنويع مصادر الطاقة ، وأردف: “البحث العلمي في العالم كله يتجه نحو وجود بدائل متعددة لكل مصدر طاقة، وليس الاعتماد على خيار واحد فقط”. كما دعا "كمال" إلى التفكير الأوسع في موارد الطبيعة، مشيراً إلى أهمية تحلية مياه البحر واستخدام مياه الأمطار، إلى جانب الاعتماد على الوقود الحيوي، كجزء من منظومة متكاملة لتأمين الاحتياجات المعيشية ومواجهة التحديات البيئية والاقتصادية. من جانبه شدد المهندس فاروق الحكيم" الأمين العام للجمعية"على دور الجمعية في فتح النقاش حول قضايا استراتيجية تمس حاضر ومستقبل المجتمع، لافتا إلى أن الجمعية تسعى من خلال هذه الندوة إلى تحفيز العقول المصرية، خاصة من الأوساط الهندسية والبحثية، على تبني أفكار قابلة للتطبيق العملي. أضاف "الحكيم" : لدينا كفاءات وعقول قادرة على تحقيق ذلك، لكننا بحاجة إلى إرادة تنفيذية ورؤية طويلة المدى” ، مؤكدا أن جمعية المهندسين المصرية لا تكتفي بدور تنظيمي أو شكلي، بل تعتبر نفسها منصة لحشد الجهود العلمية والهندسية لخدمة القضايا الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها قضية الطاقة. واستعرض الدكتور تامر هيكل "السياق العالمي المتسارع نحو تخفيض الاعتماد على الوقود الأحفوري في ظل التحديات المناخية والالتزامات الدولية بخفض الانبعاثات الكربونية، مشيرًا إلى أن الوقود الحيوي يمثل حلًا واعدًا يجمع بين الجوانب البيئية والاقتصادية. وأوضح أن العالم بدأ بالفعل في اعتماد هذا النوع من الوقود بشكل واسع، خاصة في قطاعي النقل والطيران، حيث أصبح وقود الطائرات المستدام (SAF) أحد الحلول الأساسية لتقليل البصمة الكربونية، مع قدرته على التوافق مع المحركات الحالية دون الحاجة إلى تعديلات تقنية مكلفة. وأكد أن الوقود الحيوي يُنتج من مصادر عضوية مثل المخلفات الزراعية، وزيوت الطهي المستعملة، والنباتات الزيتية، بما يحقق توازنًا بين استغلال الموارد الطبيعية وتقليل التلوث. كما تناول "هيكل " عددًا من التجارب الدولية الرائدة في هذا المجال، مثل تجربة البرازيل في إنتاج الإيثانول من قصب السكر، وتجربة الولايات المتحدة في تصنيع الديزل الحيوي من الذرة وفول الصويا، بالإضافة إلى المبادرات الأوروبية الطموحة التي تركز على استخدام الوقود الحيوي في وسائل النقل الجماعي والطيران. وفيما يتعلق بالواقع المصري، أكد أن مصر تمتلك من المقومات ما يجعلها مؤهلة لتكون رائدة إقليميًا في هذا المجال، بدءًا من وفرة المواد الخام القابلة للتحويل إلى وقود حيوي، ووصولًا إلى البنية التحتية الصناعية، والخبرات البحثية المتراكمة في الجامعات والمراكز العلمية. وشدد هيكل على أن التحدي الأكبر يكمن في تهيئة البيئة التشريعية، وتوفير الدعم الحكومي المناسب، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، من خلال سياسات واضحة، وحوافز استثمارية جاذبة. وأوضح أن الوقود الحيوي لا يمثل مجرد بديل للطاقة، بل يعد مدخلًا اقتصاديًا وتنمويًا متكاملًا، لأنه يفتح المجال أمام استثمارات جديدة، ويوفر فرص عمل خضراء، ويسهم في تقليل فاتورة الاستيراد، وتحسين جودة الهواء، والمساهمة الفعالة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وقد خرجت الندوة بعدد من التوصيات الهامة، كان أبرزها ضرورة وضع استراتيجية وطنية واضحة لإنتاج الوقود الحيوي في مصر، وإنشاء هيئة وطنية للطاقة الحيوية، وتوفير حوافز للمستثمرين في هذا القطاع، إلى جانب دعم البحث العلمي المتخصص، وتعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والمجتمع المدني لتسريع عملية التحول الطاقي.