كشفت تقارير إعلامية أمريكية أن شركة إنتل Intel، عملاق صناعة أشباه الموصلات، تعتزم تنفيذ جولة جديدة من تسريحات الموظفين اعتبارًا من يوليو المقبل، تستهدف هذه المرة ما بين 15% إلى 20% من العاملين في وحدة “إنتل فاوندري” (Intel Foundry)، وهي القسم المسؤول عن تصميم وتصنيع وتغليف الرقائق الإلكترونية للعملاء الخارجيين. وتم الكشف عن هذه الخطوة في مذكرة داخلية حصلت عليها صحيفة The Oregonian، بينما لا تزال الشركة تلتزم الصمت بشأن العدد الدقيق للموظفين المتأثرين بهذه العملية. ووفقًا لآخر إفصاح تنظيمي للشركة، بلغ عدد العاملين في “إنتل” حوالي 108,900 موظف بنهاية عام 2024. إعادة هيكلة وسط تحديات السوق هذا القرار لا يُعد مفاجئًا بشكل كامل، إذ يأتي في سياق سلسلة من التحولات الاستراتيجية التي بدأتها الشركة مؤخرًا، بقيادة الرئيس التنفيذي الجديد ليب-بو تان (Lip-Bu Tan)، الذي تولى المنصب في مارس الماضي. ومنذ ذلك الحين، أشار مرارًا إلى الحاجة لإعادة التركيز على “الأنشطة الجوهرية” وتقليص البنية الإدارية المعقدة، والعودة إلى روح “الهندسة أولًا” التي لطالما اشتهرت بها الشركة. وفي مؤتمر Intel Vision الذي عُقد في مارس، أكّد تان أن الشركة بصدد التخلي عن الوحدات غير الأساسية، في خطوة تهدف إلى تعزيز الكفاءة التشغيلية وتركيز الجهود على تطوير التكنولوجيا المتقدمة الخاصة بالرقائق الإلكترونية. ليست المرة الأولى.. سلسلة تسريحات منذ العام الماضي الجدير بالذكر أن “إنتل” كانت قد أجرت بالفعل موجة كبرى من التسريحات في أغسطس الماضي، حيث استغنت حينها عن نحو 15 ألف موظف، أي ما يعادل 15% من قوتها العاملة، ضمن إجراءات تقشفية تهدف إلى تقليل التكاليف في ظل التباطؤ العالمي في الطلب على الحواسيب وأشباه الموصلات. تأثيرات محتملة على الصناعة وسوق العمل تثير هذه الخطوة تساؤلات حول توجهات قطاع التكنولوجيا العالمي، خصوصًا في ظل التقلّبات الاقتصادية والمنافسة الشرسة في مجال تصنيع الرقائق، مع دخول لاعبين آسيويين كبار مثل TSMC التايوانية وسامسونج الكورية، الذين يتفوقون تقنيًا على “إنتل” في بعض المسارات الحرجة. كما قد يؤدي التسريح واسع النطاق إلى تأثر المجتمعات المحلية في الولايات التي تنتشر فيها مصانع “إنتل”، مثل ولاية أوريغون وأريزونا، حيث تشكل الشركة ركيزة اقتصادية مهمة. ردود الفعل وموقف الشركة حتى الآن، لم تُصدر “إنتل” بيانًا رسميًا للرد على التقرير أو تحديد عدد الوظائف التي ستُلغى بشكل دقيق، بينما أكدت مصادر قريبة من الشركة أن الموظفين المتأثرين سيُخطرون خلال الأسابيع القادمة. ومن المتوقع أن تُواجه الشركة موجة من الانتقادات والضغوط من النقابات العمالية والمشرعين المحليين، خصوصًا مع اقتراب موعد إعلان نتائجها المالية للربع الثالث من العام. تحليل: هل تنجح خطة “إنتل” في العودة للريادة؟ يرى محللون أن خطة “إنتل” للتركيز على الهندسة والتصميم الداخلي، مع تقليص التكاليف، قد تُعيد لها جزءًا من مكانتها المفقودة، لكنها تحتاج أيضًا إلى ضخ استثمارات ضخمة في البحث والتطوير وتجاوز مشكلات الإنتاج التي عطّلت إطلاق بعض رقائقها في السنوات الأخيرة. في المقابل، لا تزال المنافسة شديدة مع شركات مثل Nvidia وAMD في مجالات الذكاء الاصطناعي ومعالجات الرسومات، ما يجعل مهمة “إنتل” أكثر صعوبة إن لم تتبع تسريحاتها بخطوات ملموسة نحو الابتكار الحقيقي.