منذ أن بدأت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تقليص المساعدات الخارجية، مطلع العام الجاري، انخفض ما يُقدّر بنحو 36% من تمويل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لبرامج مكافحة الملاريا في إفريقيا، وفقاً لمركز التنمية العالمية، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن. وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية، على سبيل المثال، ظلت هذه الأموال توفر مضادات الملاريا لـ«العديد من المناطق الصحية» في جميع أنحاء البلاد، «بما في ذلك العلاج الوقائي المتقطع للنساء الحوامل»، بحسب المتحدث السابق باسم البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا في البلاد، ميشيل إيتابو، في إشارة إلى برنامج أوصت به منظمة الصحة العالمية في المناطق التي تتوطن فيها الملاريا. ولطالما كانت حكومة الولايات المتحدة أكبر مانح للجهود العالمية لمكافحة الملاريا. وعلى مدى عقود قادت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية برنامجاً يُسمى «مبادرة الرئيس لمكافحة الملاريا» لخفض الوفيات والقضاء على الملاريا في 30 من الدول الأكثر تضرراً، ومعظمها في إفريقيا، وأطلق الرئيس السابق، جورج دبليو بوش، البرنامج عام 2005، وأسهم في خفض وفيات الملاريا بأكثر من 60%، منقذاً بذلك ملايين الأرواح. وتحدثت شبكة «سي إن إن» مع عدد من الأشخاص الذين عملوا سابقاً في المبادرة، لكنهم فُصلوا أخيراً في ظل تفكيك ترامب للوكالة الأميركية للتنمية الدولية. وقد فُصل معظم موظفي «مبادرة الرئيس لمكافحة الملاريا»، أو أُوقف عملهم بموجب أوامر وقف العمل، ودعت الميزانية المقترحة لإدارة ترامب إلى خفض تمويل البرنامج بنسبة 47%. وأكد جميع عمال الإغاثة، الذين تحدثوا إلى «سي إن إن»، أن الناس سيموتون على المدى القصير نتيجة لتعطيل جهود الوقاية من الملاريا وعلاجها، وعلى المدى الطويل فإن تخفيضات التمويل ستدمر سنوات من التقدم الأميركي في الحد من انتشار المرض وشدته. وأفاد موظفون سابقون في الحكومة الأميركية بأن أنظمة المراقبة المدعومة من الولايات المتحدة، والتي كانت تُشكل في السابق العمود الفقري لجهود رصد الملاريا وتفشي الأمراض الأخرى حول العالم، قد قُطعت أيضاً، ما يُبرز المخاوف طويلة الأمد. وقالت متعاقدة سابقة مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في فبراير، متحدثةً بشرط عدم الكشف عن هويتها خوفاً من الانتقام: «أحد أسباب عدم وجود الملاريا في الولايات المتحدة هو أننا نمول ونتتبع الملاريا في جميع أنحاء العالم من أجل الأمن الصحي العالمي»، وحذرت من أن حالات الملاريا المكتسبة محلياً كما حدث في فلوريدا عام 2023 قد تصبح أكثر شيوعاً «إذا لم نُموّل الحد من انتشار الطفيلي في أماكن أخرى»، ولطالما زعم عمال الإغاثة والمنظمات غير الربحية أن برامج مكافحة الملاريا ورصد الأمراض في الولايات المتحدة تجعل أميركا «أكثر أماناً وقوة وازدهاراً»، وهو الإطار الذي أعلنه وزير الخارجية، ماركو روبيو، لتقييم المساعدات الخارجية الأميركية في ضوء سياسات ترامب التقشفية. على سبيل المثال، استثمرت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية والجيش الأميركي منذ فترة طويلة في أبحاث لقاح الملاريا للحد من عبء المرض العالمي وحماية الجنود الأميركيين العاملين في الخارج. وقال مدير السياسات والمناصرة الأميركية في منظمة «لا ملاريا بعد الآن» غير الربحية، سبنسر نول، في شهادته أمام اللجنة الفرعية للمخصصات بمجلس النواب الأميركي في أبريل، إن «أخطر الأمراض المعدية في العالم - بما في ذلك الإيبولا وماربورغ وحتى الإنفلونزا - غالباً ما تظهر في البداية على شكل حمى، ويمكن لبرامج الكشف عن الملاريا أن توقف تفشيها»، كما جادلت المنظمة غير الربحية بأن المساعدات الأميركية تمنع دولاً أخرى مثل الصين وإيران من تحقيق المزيد من التقدم في إفريقيا من حيث القوة الناعمة. وقالت المتعاقدة السابقة مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، آن لين، والتي فقدت وظيفتها في يناير: «كل ما يأتي من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وكان يحمل علامة تجارية متعمدة، بشعار يقول (من الشعب الأميركي)، الناس يعرفون مصدره»، وأضافت: «عندما يتوقف كل شيء فجأة فإن ذلك يُزعزع الثقة، ليس بين حكومتنا والحكومات الأخرى فقط، وإنما داخل الأنظمة الصحية للدول نفسها أيضاً». بين عامي 2010 و2023، أسهمت الولايات المتحدة بأكثر من ثلث تمويل مكافحة الملاريا في العالم، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، واعتباراً من العام الماضي، كانت الولايات المتحدة أيضاً أكبر مساهم في الصندوق العالمي، الذي يعمل على مكافحة الإيدز والسل والملاريا. ومن غير الواضح ما هو المستوى المستقبلي للتمويل الأميركي للبرنامج المستقل، العام والخاص، بعد اقتراح إدارة ترامب خفض مساهمات الولايات المتحدة المُقابلة إلى النصف. وحذّرت منظمة الصحة العالمية في بيان لها في وقت سابق من هذا العام من أن تخفيضات إدارة ترامب للتمويل «قد تُعيق عقوداً من التقدم المُحرز جزئياً بفضل الاستثمارات طويلة الأمد من الولايات المتحدة وشركاء عالميين آخرين»، وأضافت: «على الرغم من إعادة تمويل بعض برامج مكافحة الملاريا التي تدعمها واشنطن فإن الانقطاعات خلّفت فجوات حرجة». عن «سي إن إن» تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App