تحمل حفلات التخرج المدرسية الكثير من المشاعر المختلطة ما بين الفخر ولحظات الوداع المؤثرة، وعلى الرغم من أنها بدأت كمناسبة بسيطة لتوديع زملاء الدراسة، فإنها أصبحت مشروعاً متكاملاً يستعد له الطلبة وأولياء الأمور، بل والمعلمون وإدارات المدارس أيضاً. فالكل يطوق لتقديم احتفالية استثنائية تظل عالقة في الذاكرة، وهو ما جعل بعض هذه الاحتفالات يتجاوز الغرض التربوي والرمزي ليلامس مظاهر الاستعراض والمبالغة في الكلف المادية، بداية من اختيار مكان إقامة الحفل وأزياء الطلاب والهدايا وتفاصيل أخرى كثيرة.
بحسب منصات رقمية ومجموعات تعليمية نقاشية، تولّي بعض العائلات اهتماماً خاصاً لمظهر أبنائها في احتفالية التخرج، وتحرص الأمهات على متابعة أدق تفاصيل الثوب من حيث القماش واللون، بينما يميل الطلبة لاختيار تصاميم حديثة تدمج بين الرسمية والتميّز.
صيحة جديدة
في متابعة ميدانية ل«الخليج»، تشهد محال خياطة خلال تلك الفترة من العام ازدحاماً ملحوظاً، حيث إن هناك من يفضّل تفصيل الثوب في وقت مبكر لتجنب التأخير أو المفاجآت، ومنهم من ينتظر آخر لحظة أملاً في مواكبة صيحة جديدة في التصميم أو التطريز، تفاوتت الأسعار ما بين 500 – 700 درهم.
وتقول مها صالح، أم لطالبة في مدرسة خاصة بدبي، إنها فوجئت بتكلفة الروب الأكاديمي الذي اشترته لابنتها من أحد المحال المتخصصة، حيث دفعت 750 درهماً لثوب لن يُرتدى سوى مرة واحدة فقط، كان من الممكن أن نكتفي بتصميم بسيط وموحّد بتكلفة معقولة، لكن ضغط الطالبات ورغبتهن في التميز جعلنا نساير الجو العام، ولفتت إلى أن كل التفاصيل، من الخياطة إلى لون الشال إلى القبعة، كانت تخضع لمقارنات بين الأمهات والطالبات، في سباق لا يخلو من التوتر.
أما حصّه المهيري، والدة طالبة بمدرسة خاصة، فعبّرت عن رأيها بشكل أكثر توازناً، وقالت إن مشاركتها في التفاصيل كانت محدودة، لكنها لمست ارتفاع الأسعار بشكل عام، خاصة مع لجوء بعض المدارس إلى متعهدين خارجيين لتجهيز الأثواب والهدايا، وهو ما يرفع التكلفة.
وأشارت إلى أن الحفل مهم نفسياً للطالب، لكن يجب أن تبقى التكاليف تحت السيطرة، ولابد أن تكون المدارس شريكة في توعية الأسر، لا أن تواكب موجة البذخ.
موقع الحفل
يُعدّ اختيار مكان إقامة حفل التخرج من أكثر القرارات حسماً، إذ يُحدّد هذا القرار حجم المناسبة ومستوى الاحتفال وطبيعته، بل وانطباع الضيوف أحياناً، حيث تقام الحفلات في القاعات الداخلية كالمسارح أو ساحات المدرسة، فيما تميل إدارات مدرسية إلى حجز قاعات فندقية أو مسارح كبرى مزوّدة بإضاءة احترافية وصوتيات مناسبة وبالطبع فإن التكلفة ستكون مرتفعة للغاية قد تصل إلى عشرات الآلاف.
وترى حصة المهيري، أن هناك اعتبارات تتعدّى المساحة، لتشمل الموقع وسهولة الوصول ومواقف السيارات والخدمات اللوجستية، وحتى التصميم الداخلي للمكان، وذلك بحسب مقدار وحجم الميزانية، سيما في المدارس الخاصة أو تلك التي تتيح للطلبة تنظيم حفلاتهم بأنفسهم، فيقع الاختيار غالباً على أماكن راقية مثل صالات أو قاعات أفراح كبيرة مخصصة.
وبحسب مطالعة «الخليج»، فإن بعض المدارس تخصص مقاعد مميزة للآباء والأمهات، بل وتمنحهم فرصة المشاركة في التكريم أو إلقاء كلمات قصيرة، وتُجهّز دعوات بأسمائهم، ما يمنح الحضور طابعاً شخصياً يزيد من ارتباطهم بالمناسبة، ويسهم في تعميق العلاقة بين المدرسة والأسرة، ويرسّخ مفهوم الشراكة التربوية، ويمنح الأبناء دعماً نفسياً في لحظة يختلط فيها التوتر بالفخر.
الإخراج والتصوير
لا شك أن بعض حفلات التخرّج تحولت في السنوات الأخيرة إلى عرض متكامل دارت تفاصيله كما تُدار المناسبات الكبرى، فالتصوير لم يعد مجرد توثيق، بل مشروع فني يستلزم التعاقد مع شركات متخصصة في الإخراج والتصوير وإعداد سيناريوهات تفصيلية، تبدأ من دخول الطلبة مروراً بلحظة التكريم، وصولاً إلى مشاهد الوداع النهائي.
وترى عائشة المنصوري، مُعلّمة بمدرسة خاصة بدبي، إن مكان إقامة الحفل جزء من الرسالة، فإذا كان التخرج تتويجاً للرحلة الدراسية، فلا بد أن يحمل فضاؤه رمزية واضحة للتقدير والانتقال، لكن لا ينبغي أن يتحوّل إلى مركز جذب بصري فقط، حيث إن التوازن بين الجمالية والمضمون هو ما يصنع فرقاً حقيقياً بين حفل تخرّج وآخر يُنسى بعد ساعة.
وقالت إن التوثيق المباشر للحفل يحظى بشعبية متزايدة خاصة عن الأمهات، إذ يتم عرض الحفل على شاشات كبيرة داخل القاعة، ويُبث أحياناً عبر الإنترنت ليُتاح للعائلات في الخارج متابعة الحدث. أما تصوير اللقطات الفردية، فله ترتيبات خاصة، حيث يُجهّز ركن تصوير مزود بإضاءة احترافية وخلفيات تحمل شعار المدرسة وسنة التخرّج، يلتقط فيه الطلبة صورهم مع شهاداتهم أو بجانب زملائهم ومُعلّميهم، حتى الحركات الصغيرة أصبحت تخضع للإخراج، مثل توقيت رفع القبعات، أو المارش الطلابي الذي يدخل على أنغام موسيقى كلاسيكية، وكل ذلك يمنح المناسبة طابعاً سينمائياً يوثّق لحظة لا تُنسى.
فيما اختلفت شما المري في الرأي، وأكدت أن حفلات التخرج لا فائدة منها سوى أنها تكبد أولياء الأمور أموالاً باهظة في ساعة أو ساعتين فقط وبعدها ينصرف الجميع، وأشارت إلى أن الإدارات المدرسية بإمكانها أن تكتفي بتوزيع الشهادات خلال حفل بسيط داخل مقر المدرسة، أو بتكريمهم من خلال لوحات شرفية على حوائط المدرسة.
تكريم المُعلّمين
تمثل لحظة تكريم المعلم من الطالب ذروة العلاقة التربوية الناجحة، فهي ليست مجرد شكر بل اعتراف ضمني بدور المعلم كصانع لمسار الحياة، وهو ما أكده عبد الله محمد الغانم، تربوي وأكاديمي، ولفت إلى أن إدماج لحظات التقدير في الحفل يعمّق الأثر التربوي وينقله من مجرّد احتفال شكلي إلى تجربة وجدانية متكاملة. وأضاف أن لحظات التكريم ليست مجرد استلام ورقة متمثلة في شهادة التقدير، بل رمز لسنوات طويلة من الاجتهاد والسهر والتحديات، وهذا كله له طابع نفسي وحماسي بل وتشجيعي أيضاً.
ما رواه الغانم يكشف وجه آخر لحفل التخرّج وهو الامتنان، حيث إنه لا يُمكن أن تكتمل لحظات الوداع دون الالتفات المعلمين الذين مثلوا الركيزة في كثير من المدارس.
ويحرص الطلبة على إعداد مفاجآت بسيطة لمعلميهم، تتنوع بين كلمات شكر جماعية، أو تقديم باقات ورود، أو إعداد عروض مرئية تتضمّن صوراً من سنوات الدراسة ولحظات مميّزة عاشوها مع المدرسين.
وأضاف أن مسرح المدرسة يشهد في بعض الأحيان لحظات مؤثرة حين يصعد معلم على المنصة لتلقّي درع شكر من طلابه، أو عندما يُطلب منه إلقاء كلمة الوداع، وهناك من الطلبة من ينفرد بمبادرات فردية، ككتابة رسائل شكر بخط اليد، أو تقديم هدية رمزية تعكس العلاقة الشخصية بينه وبين معلمه.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.