يعاني ما بين 24 إلى 50 مليون أمريكي أمراض المناعة الذاتية، وهي الأمراض التي تحدث عندما يهاجم الجهاز المناعي أنسجة الجسم السليمة. هناك أكثر من 80 نوعًا من أمراض المناعة الذاتية، بما في ذلك التهاب المفاصل الروماتويدي والتصلب المتعدد، وداء كرون وداء الزلاقي إضافةً إلى الذئبة الجهازية والصدفية. يعالج الأطباء الأمراض السابقة عبر بروتوكول يثبط جهاز المناعة بأكمله، وغالبًا ما يتطلب تدخلات غازية يصبح المرضى بعدها عرضة لأمراض أخرى. لكن الباحثين يطورون نهجًا جديدًا من العلاجات يستهدف فقط الجزء المصاب من الجهاز المناعي، وتُعرف هذه العلاجات باسم اللقاحات العكسية، لأنها تثبط جزءًا محددًا من الجهاز المناعي بدلًا من تحفيزه، كما تفعل اللقاحات المستخدمة حاليًا. عندها قد يلوح العلاج المبتكر لأمراض المناعة الذاتية في الأفق. تستخدم اللقاحات العكسية جزيئات النانو المصنعة التي ترتبط بالبروتينات المسببة للأمراض(المستضدات)، لتعديل استجابة جهاز المناعة. تُحاكي هذه الجزيئات خلايا جسم الإنسان الميتة، ومع أن هذه الخلايا غريبة فإن الجهاز المناعي لا يراها تهديدًا. في النهاية يكتسب الجهاز المناعي القدرة على تجاهل جزيئات النانو والمستضدات، ومن ثم يتوقف عن مهاجمة أنسجة الجسم. أجرى الباحثون دراسة على 33 مريضًا مصابًا بداء الزلاقي، وهو مرض مناعي ذاتي، يهاجم فيها الجهاز المناعي بطانة الأمعاء الدقيقة استجابة لاستهلاك الغلوتين، البروتين الموجود في القمح والشعير.تلقى نصف المشاركين اللقاح العكسي، والنصف الآخر تناولوا دواءً وهميًا مع الإبقاء على استهلاك الغلوتين. وجد الباحثون بعد أسبوعين أن البطانة المعوية لمجموعة اللقاح العكسي لم تتضرر، بينما أظهرت مجموعة الدواء الوهمي تفاقمًا ملحوظا في الأعراض. نشر المهندس البيولوجي بجامعة نيويورك جيفري هوبيل عام 2023 ورقة بحثية، أظهرت أن العلاج باللقاح العكسي أوقف تفاقم المرض عند فأر مصاب بالتصلب المتعدد.التصلب المتعدد هو مرض مناعي ذاتي يؤثر في الجهاز العصبي المركزي ما يعيق انتقال الإشارات الكهربائية داخل الدماغ وبين الدماغ والجسم. تتطلب العلاجات الحالية لأمراض المناعة الذاتية التكرار، وتحتاج بعض الحالات إلى علاج يومي.لذا يأمل الباحثون أن تستمر تأثيرات هذه اللقاحات العكسية لأشهر، وربما لفترة أطول. فجهاز المناعة جهاز مدهش، ولدية ذاكرة قوية. يعتقد الخبراء أن استخدامات اللقاحات العكسية قد تتعدى علاج أمراض المناعة الذاتية إلى علاج الحساسية الغذائية أو البيئية التي ينتج عنها ردة فعل مناعية قوية. فقد نشر العلماء في عام 2022 دراسة صغيرة أظهرت أن الفئران المصابة بالحساسية تجاه الفول السوداني وتلقت اللقاح العكسي كانت قادرة على تناول الفول السوداني مرة أخرى من دون أعراض مقارنةً بالفئران التي لم تتلقى اللقاح. لكن في المقابل يحذر بعض الخبراء من أن الجهاز المناعي جهاز معقد، ويضم خلايا تتحرك مع الدم في مختلف أنحاء الجسم وخلايا أخرى موجودة في أنسجة معينة، ولم يتضح بعد ما إذا كانت اللقاحات العكسية تؤثر في كلا النوعين من الخلايا أم لا. في الختام، تختلف الآراء حول المدة التي سوف تستغرقها الموافقة على اللقاحات العكسية حتى يتلقاها المرضى، مع توقعات تتراوح من ثلاث إلى عشر سنوات. لكن النتيجة تبدو حتمية. اقرأ أيضًا: ما اللقاحات التي يحتاج طفلك إلى التطعيم بها خلال سنوات الدراسة؟ اللقاحات المعتمدة على الفيروس الغدي ترجمة: تيماء القلعاني تدقيق: إيمان جابر مراجعة: باسل حميدي المصدر