اقتصاد / ارقام

من فيتنام إلى المكسيك .. هل تهرب الشركات من بسبب الرسوم الجمركية؟

  • 1/4
  • 2/4
  • 3/4
  • 4/4

رغم الاتفاق الأخير بين والولايات المتحدة بشأن تهدئة التوترات التجارية وخفض بعض الرسوم الجمركية، فإن المخاوف من تكرار سيناريو التصعيد لا تزال قائمة في أذهان الشركات العالمية.

 

فقد أثبتت السنوات الماضية أن التحولات الجيوسياسية يمكن أن تندلع فجأة، محدثة اضطرابات عميقة في سلاسل التوريد.

 

 

ففي عام 2018، أشعلت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب خلال فترة رئاسته الأولى، فتيل حرب تجارية غير مسبوقة مع الصين، عبر فرض رسوم جمركية ضخمة على مئات المليارات من الدولارات من السلع الصينية.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

كانت هذه الخطوة بمثابة في منظومة التجارة العالمية، وحينها ردّت بكين بإجراءات مضادة، ليجد العالم نفسه في قلب صراع تجاري امتد لسنوات، ورغم التهدئة النسبية التي شهدتها العلاقات بين واشنطن وبكين لاحقًا، فإن التداعيات لم تتوقف.

 

وباتت الرسوم الجمركية خلال السنوات الخمس الماضية –والقلق من عودتها– أحد أبرز العوامل التي تدفع الشركات العالمية إلى إعادة التفكير في تمركزها التصنيعي.

 

لذا سعت العديد من الشركات إلى تقليل اعتمادها على الصين، وبدأت فعليًا في إعادة توجيه استثماراتها نحو وجهات جديدة أكثر أمانًا واستقرارًا، مثل فيتنام والمكسيك.

 

فيتنام من أكبر المستفيدين

برزت فيتنام كأحد أكبر الرابحين من التحولات الجارية في سلاسل الإمداد العالمية، بعدما دفعت الرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضتها الولايات المتحدة على واردات صينية عديدة الشركات لإعادة التفكير في مواقع إنتاجها في السنوات الأخيرة.

 

وحتى أبريل 2025، بلغت الرسوم الجمركية الأميركية على السلع الصينية نحو 104% مقارنة بـ 46% فقط على الواردات الفيتنامية، ما يجعل العمل في فيتنام خيارًا اقتصاديًا جذابًا.

 

ومع أن الاتفاق الأخير خفّف من بعض تلك الرسوم، إلا أن الشركات لا تزال تتحسب من إمكانية عودتها.

 

الاختيار الفيتنامي لم يكن عشوائيًا؛ فالتكلفة التشغيلية المنخفضة، والبيئة الصناعية النشطة، والدعم الحكومي، جعلت من فيتنام وجهة جذابة حيث تشير تقارير إلى أن بعض المصانع التي انتقلت إليها حققت وفورات كبيرة في التكاليف.

 

فعلى سبيل المثال تتراوح الرواتب في المصانع بين 250 و400 دولار شهريًا، ما يحقق توفيرا في هذا البند بنسبة تتراوح ما بين 30 و50% مقارنة بالصين، حيث يبلغ متوسط الرواتب ما بين 500 و800 دولار.


 

لكن المكاسب لا تخلو من التحديات، فقد بدأت واشنطن بممارسة ضغوط على هانوي للحد من استخدام المكونات الصينية في المنتجات التي تصدّر إلى أميركا، تلافيًا لعمليات "التحايل الجمركي"، وفق ما نقلته وكالة "رويترز".

 

المكسيك منافس قوي بامتياز

برزت المكسيك كواحدة من أبرز المنافسين الصناعيين للصين، ليس فقط بفضل قربها الجغرافي إلى السوق الأميركية، ولكن أيضًا دورها المحوري في نموذج "التوطين القريب".

 

ويُشير هذا النموذج إلى استراتيجية تعتمدها الشركات لنقل عملياتها التصنيعية أو مراكز التوريد إلى دول قريبة جغرافيًا من الأسواق المستهدفة، بدلاً من الاعتماد على مراكز إنتاج بعيدة مثل الصين بهدف تجنّب اضطرابات سلاسل الإمداد الناشئة جراء المسافات الطويلة.

 

وفي 2024، تجاوزت المكسيك حجم التجارة مع الولايات المتحدة كمية التجارة بين الصين والولايات المتحدة من حيث إجمالي الواردات الأمريكية حيث أصبحت المكسيك أكبر مصدر للسلع إلى الولايات المتحدة في عام 2024.

 

وبلغ إجمالي واردات أمريكا منها حوالي 506 مليار دولار، أي نحو 15% من إجمالي وارداتها، بالمقابل، بلغت واردات الولايات المتحدة من الصين حوالي 438.9 مليار دولار في نفس العام، مقابل 462.6 مليار دولار في .

 

واتجهت شركات كبرى، خصوصًا في قطاع السيارات، مثل هوندا وهيونداي وفولكسفاجن نحو تعزيز استثماراتها في المكسيك.

 

فعلى سبيل المثال، بلغ حجم الصادرات المكسيكية من السيارات إلى الولايات المتحدة 2.8 مليون سيارة في عام 2024، وهو ما يشكل نحو 80.2% من إجمالي صادراتها من السيارات.

 

كما شهدت صادرات المكسيك من الإلكترونيات زيادة ملحوظة، ما جعلها ثاني أكبر مصدر للإلكترونيات إلى الولايات المتحدة بعد الصين.

 

الهند منافس متصاعد للصين

برزت الهند كمنافس جاد للصين في استقطاب الاستثمارات الصناعية، مدفوعة بما لديها من قوة عاملة ضخمة، وبنية تحتية آخذة في التحسن، وبرامج حكومية تسعى لتحقيق مزيد من التوسع الاقتصادي.

 

 

وسجلت الهند خلال العام المالي 2024–2025 تدفقات استثمار أجنبي مباشر بلغت نحو81  مليار دولار، مع توقعات بأن يتجاوز إجمالي الاستثمارات التراكمية حاجز تريليون دولار منذ عام 2000، بحسب بيانات الحكومة الهندية.

 

التحول الأكبر كان في قطاع الإلكترونيات، وعززت شركات كبرى مثل فوكسكون (أكبر شركة تصنيع إلكترونيات في العالم) وجودها في الهند.

 

كما شهدت صادرات السيارات نموًا ملحوظًا، متجاوزة 770  ألف وحدة في العام المالي 2024–2025، بفضل توسع الإنتاج وتوجهات التوطين الصناعي.

 

بدائل آسيوية آخذة في الصعود

بدأت دول آسيوية أخرى مثل تايلاند وماليزيا وكمبوديا بجذب استثمارات صناعية جديدة.

 

وتشير بيانات "نيكاي آسيا" إلى أن تايلاند استقطبت خلال عام 2024 استثمارات صناعية أجنبية مباشرة تجاوزت 12 مليار دولار، معظمها في قطاعات السيارات الكهربائية والمكونات الإلكترونية.

 

مقارنة بين الدول الصاعدة بعد الصين

الدولة

تكلفة التشغيل

البنية التحتية

قربها من أمريكا

الحوافز الضريبية

فيتنام

منخفضة

متوسطة

بعيدة

متوسطة

المكسيك

متوسطة

قوية

قريبة جدًا

مرتفعة

الهند

منخفضة

آخذة في التحسن

بعيدة

قوية

تايلاند

منخفضة

جيدة

بعيدة

محدودة

ماليزيا

مرتفعة

قوية

بعيدة

متوسطة

 

أما ماليزيا، فقد عززت مكانتها كمركز لصناعة أشباه الموصلات في جنوب شرق آسيا، مع إعلان شركات كبرى مثل إنتل وتكساس إنسترومنتس عن توسعات بمليارات الدولارات.

 

ووفقًا لوزارة التجارة الماليزية، ارتفعت الاستثمارات الأجنبية في قطاع التكنولوجيا المتقدمة بنسبة 45% خلال عام واحد فقط.

 

وفي كمبوديا، تركزت الاستثمارات في الصناعات النسيجية والإلكترونيات منخفضة التكلفة، ما جعلها وجهة بديلة للشركات الباحثة عن تقليص تكاليف العمالة مقارنة بفيتنام أو الصين.

 

 

وتشير تقارير البنك الدولي إلى أن صادرات كمبوديا من الإلكترونيات تضاعفت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مدفوعة بإعادة توجيه الإنتاج من مصانع صينية.

 

ويشير تقرير حديث صادر عن "سيتي غروب" إلى أن جنوب شرق آسيا قد يجذب استثمارات صناعية إضافية تتراوح بين 300 إلى 400 مليار دولار بحلول عام 2030، إذا استمرت التحولات الجيوسياسية والضغوط على الصين بنفس الوتيرة.

 

هل حانت نهاية الصين كمصنع للعالم؟

لقد كشفت السنوات الأخيرة أن تركيز الإنتاج في بلد واحد، مهما كانت كفاءته، يمكن أن يتحول إلى نقطة ضعف عند حدوث اضطرابات جيوسياسية، أو أزمات صحية كبرى، أو خلافات تجارية.

 

كما أن الصين، التي ظلت لعقود القلب النابض لسلاسل الإمداد العالمية، بدأت تواجه تحديات مركبة من ارتفاع التكاليف، إلى التدقيق الغربي المتزايد على المعايير البيئية والعمالية، وصولًا إلى تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة.

 

في المقابل لا تزال الصين تحتفظ ببنية تحتية صناعية هائلة، وقاعدة موردين لا مثيل لها، لذا فإنه من المبكر إعلان "نهاية الصين" كمصنع للعالم.

 

ورغم ما نشهده من تحولات فإن هذا ليس استبدالًا كاملاً، بل قد يكون بمثابة إعادة توزيع ذكيّ للمخاطر، حيث تبقى الصين مركزًا أساسيًا في العديد من القطاعات.

 

في الوقت نفسه، تحاول الصين التكيّف مع هذه التحولات عبر تعزيز سلاسل التوريد الداخلية، ودعم الصناعات التكنولوجية المتقدمة، وتحفيز الإنتاج المحلي في مناطقها الغربية والداخلية التي لم تشهد بعد النمو الصناعي الكثيف.

التغييرات على الساحة العالمية تشير إلى أن العالم مقبل على مرحلة جديدة في خريطة التصنيع العالمية، مع الاهتمام المتزايد بعامل المرونة الجيوسياسية في قرارات الاستثمار والإنتاج.

 

وفي هذا العالم الجديد قد تصبح الصين جزءًا من منظومة أوسع تتوزع فيها الصناعات بين عدة دول، كل منها يقدم ميزة نسبية خاصة، هذا التحول لا يشير إلى نهاية الصين الصناعية، بل إلى إعادة تموضع عالمي، تفرضه الحاجة إلى التوازن بين التكلفة والمخاطر.

 

وتُرسم فيه خرائط التجارة ليس فقط وفق قواعد السوق، بل أيضًا وفق حسابات الجغرافيا السياسية والتحالفات الاستراتيجية.

 

المصادر: ماركت وتش- رويترز- سي إن بي سي- نيكاي آسيا- بلومبرج- اس أند بي جلوبال- ذا إيكونيميست- فاينينشيال تايمز- تشينا برايفنج- وول ستريت جورنال

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا