في تطور نوعي بمجال تقنيات الأعصاب، طوّر باحثون من المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في لوزان (EPFL) واجهة دماغية حاسوبية مصغّرة قادرة على تحويل الأفكار إلى نصوص بدقة تفوق 90%.
وبحسب تقرير نشره موقع «برايتر سايد»، يُعرف هذا الابتكار باسم «الواجهة الدماغية الآلية المصغّرة» (MiBMI)، ويُعدّ خطوة مهمة نحو تطوير أدوات تواصل قابلة للزرع بالكامل وتستهلك طاقة منخفضة، يمكن أن تتيح لذوي الشلل أو اضطرابات النطق وسيلة فعالة للتواصل.
وعلى عكس الأنظمة التقليدية التي تعتمد على أجهزة خارجية كبيرة الحجم وعالية الاستهلاك للطاقة، تدمج «الواجهة الدماغية الآلية المصغّرة» جميع مكوناتها الأساسية على شريحتين من السيليكون بمساحة إجمالية لا تتجاوز 2.46 ملليمتر مربع، أي أصغر من ظفر الإصبع.
هذا التصغير الفائق يتيح زراعة النظام داخل الجسم بالكامل دون الحاجة إلى تجهيزات خارجية، ما يحسّن بشكل كبير من راحة المستخدم، وسهولة الاستخدام.
وتعتمد «الواجهة الدماغية الآلية المصغّرة» على التقاط الإشارات العصبية المرتبطة بالتفكير في الكتابة اليدوية، إذ تسجل الأقطاب المزروعة داخل الدماغ أنماط النشاط العصبي الناتجة عن «الكتابة المتخيلة»، ثم تُحلل هذه الإشارات وتُحوّل في الوقت الفعلي إلى نص يُعرض على الشاشة.
وتظهر الاختبارات أن الشريحة قادرة على ترجمة ما يصل إلى 31 حرفاً بدقة تصل إلى 91%، متفوقة بذلك على الأنظمة السابقة.
وقال الباحث الرئيسي محمد علي شائري: «نعتقد أن بإمكاننا فك شيفرة ما يصل إلى 100 حرف مستقبلاً، لكننا بحاجة إلى قاعدة بيانات أكبر للكتابة اليدوية لتحقيق ذلك».
وتعتمد التقنية على ما يُعرف بـ«الرموز العصبية المميزة» (DNCs)، وهي إشارات مبسطة تُستخدم لتقليل تعقيد عملية التشفير وفك الشيفرة، ما يسمح بسرعة وكفاءة في تحويل الأفكار إلى نصوص مكتوبة.
واحدة من أبرز مزايا «الواجهة الدماغية الآلية المصغّرة» هي كفاءتها الطاقية، إذ لا تستهلك المنظومة بأكملها أكثر من مللي واط واحد، ما يجعلها مناسبة للعمل بشكل دائم داخل الجسم.
وتُعد هذه قفزة كبيرة مقارنة بالنماذج السابقة التي كانت تتطلب حواسيب خارجية وشحناً متكرراً، ما حدّ من جدواها السريرية.
وقالت مديرة مختبر التقنيات العصبية المتكاملة في المعهد مها شعيران: «الواجهة الدماغية الآلية المصغّرة تتيح لنا تحويل النشاط العصبي المعقد إلى نصوص قابلة للقراءة بدقة عالية واستهلاك منخفض للطاقة، هذا التطور يقرّبنا من حلول عملية تعيد التواصل للأشخاص المصابين بإعاقات حركية شديدة».
وتستخدم شريحة «الواجهة الدماغية الآلية المصغّرة» نوعاً مبسطاً من تقنيات تعلم الآلة يُعرف بـ«تحليل التمييز الخطي» (LDA)، ما يتيح تقليل استهلاك الذاكرة بمقدار 100 مرة وتقليل تعقيد العمليات الحسابية بنحو 320 مرة مقارنة بالنماذج التقليدية.
هذه البنية تسمح بفك الشيفرة لحظياً مع تأخير شبه معدوم، وهي ميزة ضرورية للتفاعل الطبيعي والفعّال.
ويتجاوز استخدام النظام مجرد التعرف على الكتابة، إذ يستكشف الباحثون حالياً قدراته على فك شيفرة الإشارات العصبية المرتبطة بالكلام، والتحكم بالحركات الدقيقة.
وفي تجارب على الحيوانات، تُمكّن «الواجهة الدماغية الآلية المصغّرة» من تمييز الاستجابات السمعية في أدمغة الفئران بدقة بلغت 87%، ما يفتح الباب أمام استخدامات أوسع في علم الأعصاب.
أخبار ذات صلة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.