أجرى ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، خلال العام الجاري إعادة هيكلة واسعة في الصف القيادي الأعلى للشركة، في خطوة تهدف إلى الحفاظ على موقع الشركة في صدارة سباق الذكاء الاصطناعي، وذلك بعد إعادة تنظيم شراكتها مع شركة OpenAI، وفقًا لما ذكرته صحيفة فايننشال تايمز في تقرير أخير. وشملت التغييرات تعيينات بارزة، منها استقطاب جاي باريخ، الرئيس السابق لهندسة البرمجيات في شركة ميتا، إلى جانب ترقية عدد من القيادات التنفيذية، أبرزهم جادسون ألثوف، رئيس الشؤون التجارية، ورايان روسلانسكي، الرئيس التنفيذي لمنصة لينكدإن المملوكة لمايكروسوفت. وبحسب مسؤولين حاليين وسابقين في الشركة، فإن هذه التحركات تأتي استجابة لتصاعد المنافسة في سوق الذكاء الاصطناعي، وسعيًا إلى تسريع تطوير نماذج مايكروسوفت الخاصة، وتحسين أدوات البرمجة والتطبيقات المدعومة بالذكاء الاصطناعي. وقالت دي تمبلتون، نائبة رئيس التكنولوجيا في مايكروسوفت، إن “ساتيا يعمل بعقلية المؤسس”، في إشارة إلى أسلوب القيادة العملي والمباشر الذي صاغ ملامحه المستثمر الشهير في قطاع التقنية الأمريكي “بول غراهام”. ويركّز ناديلا كذلك على تنامي المنافسة من أمازون وجوجل، اللتين كانتا تُعدّان في السابق متأخرتين في مجال الذكاء الاصطناعي، قبل أن تحققا تقدمًا ملحوظًا في تطوير البنية التحتية والنماذج. من شراكة OpenAI إلى النماذج الخاصة كانت مايكروسوفت قد حققت أفضلية مبكرة باستثمارها نحو 14 مليار دولار في OpenAI، مما منحها وصولًا مميزًا إلى تقنيات ChatGPT وأولوية في عقود مراكز البيانات، لكن إعادة هيكلة الشراكة في أكتوبر الماضي أنهت الحصرية المتعلقة باحتياجات مراكز البيانات، كما ستفقد مايكروسوفت الوصول الحصري إلى أبحاث OpenAI ونماذجها مطلع العقد المقبل. وعلى صعيد الاستخدام، تجاوز مساعد الذكاء الاصطناعي Copilot ضمن حزمة “مايكروسوفت 365” حاجز 150 مليون مستخدم نشط شهريًا، وفق إفصاحات قدمتها الشركة للمستثمرين في أكتوبر، لكن هذا الرقم ما زال أقل من نحو 650 مليون مستخدم لروبوت Gemini التابع لجوجل، و 800 مليون مستخدم لروبوت ChatGPT من OpenAI. وفي الوقت نفسه، بدأت شركات ناشئة، مثل أنثروبيك و Replit، اقتطاع حصة من سوق أدوات البرمجة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، مما زاد من الضغوط التنافسية على مايكروسوفت. ولمواجهة هذه التحديات، أطلق ناديلا سلسلة تغييرات تنظيمية، منها اجتماع أسبوعي يضم موظفين من مستويات مختلفة لمناقشة المنافسة والأفكار الجديدة، في مسعى إلى تقليص البيروقراطية وتسريع وتيرة العمل داخل الشركة التي تبلغ قيمتها السوقية نحو 3.5 تريليون دولار. تعيينات وترقيات تهزّ الصف القيادي وفي إطار تعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي، عُيّن جاي باريخ على رأس وحدة CoreAI الجديدة، المسؤولة عن أدوات المطورين، في خطوة تستكمل تعيين مصطفى سليمان، الشريك المؤسس في شركة جوجل DeepMind، لقيادة وحدة الذكاء الاصطناعي في مايكروسوفت Microsoft AI. ووفق مصادر مطلعة، مُنح سليمان ميزانية مستقلة وصلاحيات مرنة للأجور لجذب الكفاءات في ظل المنافسة الشرسة على الكفاءات. وأقرت مايكروسوفت بأن “كافة القادة التنفيذيين الكبار يمتلكون الصلاحيات نفسها لتوظيف المواهب وإدارة فرقهم بما يخدم أعمالهم وموظفيهم”. ويرى محللون أن هذه التغييرات ستسهم في تقليص “الروتين الإداري” وتعزيز إستراتيجية مايكروسوفت المستقلة في الذكاء الاصطناعي، بعيدًا عن استثمارها في OpenAI. الاستعداد لما بعد “ناديلا” تهدف الخطوات جزئيًا إلى اختبار خطط الخلافة داخل الإدارة العليا، مع إبراز وجوه شابة مثل آشا شارما وتشارلز لامانا، وكلاهما في السابعة والثلاثين من العمر، ويتوليان قيادة فئات مختلفة من منتجات الذكاء الاصطناعي. ويؤكد مقربون من ناديلا أن هذه التحركات لا تعكس نية للتنحي بعد 11 عامًا في المنصب. ففي سن 58 عامًا، يُتوقع أن يواصل قيادة الشركة لعدة سنوات مقبلة. وقال تشارلز فيتزجيرالد، المدير التنفيذي السابق في مايكروسوفت، إن نهج ناديلا الحالي يذكّر بإدارته صفقات الاستحواذ على لينكدإن و GitHub، إذ منح الوحدات المُستحوذ عليها قدرًا كبيرًا من الاستقلالية، مضيفًا أنه “قائد شديد الانخراط في تفاصيل المنتج دون الوقوع في فخ الإدارة الدقيقة، لقد نجح في جعل مايكروسوفت أكثر صلة بالعصر، والآن يسعى إلى تعظيم الاستفادة من فرصة الذكاء الاصطناعي”. نسخ الرابط تم نسخ الرابط