الارشيف / مصر اليوم / البشاير

د.خديجة حمودة تتسائل : هل ستحكي «روح الروح» الفلسطينية التاريخ الغزاوي؟

  • 1/2
  • 2/2

هل ستحكي «روح الروح» الفلسطينية التاريخ الغزاوي؟
خديجة حمودة

فى حضارات الشعوب وكتبهم وتاريخ كل منهم دمية تعيش وسط الأسر وتحتضنها الفتيات الصغيرات وتداعبها وتطلق عليها ما تحب من الأسماء وتحكى لها يومها وأمنياتها وتشترى لها الثياب الصغيرة وتلون لها أظافرها، وكأنها فتاة تشاركها الحياة واليوم والغد. هذه الدمية الصغيرة لا بد أن تكون عيان على تلك الحرب القذرة والإبادة الجماعية لأجيال من الشعب الفلسطينى، وللأطفال الذين حُرموا من جميع حقوقهم وفقدوا كل ما لديهم من أحبة وحياتهم أيضاً.

 

وإذا كانت هناك العروسة الأمريكية باربى ذات الـ٦٥ عاماً، التى اخترقت عقول وأحلام صغار العالم ونشرت بينهم الشعر الذهبى و٩٧ تصفيفة شعر و٩ أنماط من الجسد، قد تحولت إلى أيقونة فى عالم الموضة والفن، حتى إنه تم إنتاج أمريكى يحمل اسمها، وحاول البعض منافستها بدمية أطلقوا عليها اسم (قرنفلة)، التى ارتدت العباءة الطويلة الإسلامية وغطاء الرأس الأسود، ليعلموا أطفال المسلمين تقاليدهم فى الملابس على الأقل، إلا أنها لم تنل الشهرة نفسها.

 

وقد ذكر فى أوراق المجتمعات وصف وأسماء تلك الدمى التى عاشت وانتقلت من جيل إلى آخر، فهل نستطيع أن نصنع دمية بملامح تلك الصغيرة التى استُشهدت فى القصف الإسرائيلى على غزة وتناقلت وسائل الإعلام العالمية اللقطات لوالدها يحملها بين يديه ويحاول أن يشاهد عينيها لآخر مرة ويودّعها ويناديها بروح الروح؟.

 

هذه الصورة لا بد أن نستثمرها لتعيش دمية تحمل ذلك الاسم وملامح الصغيرة الغزاوية التى اختُطفت من أحضان أبيها وطفولتها وحياتها لتصعد إلى السماء غدراً وظلماً وقسوة، ولنصنع لها ملابس التراث الفلسطينى المطرزة والحلى الغزاوية التى ترتديها العرائس الفلسطينية فى حفلاتهم وأعراسهم، فقد استطاعت الشعوب أن تُسجل تاريخها بذلك الفن الدقيق البسيط الذى اقتحم القلوب واستقر فيها واختصر جميع الحضارات. وقد عرفت مدينة طولكرم تجربة أصابت السلطات الإسرائيلية بالفزع،

 

فمنذ ١٥ عاماً بدأت الفلسطينية هيلانة أبوشريف هى وزوجها صناعة عروستين ترتديان الكوفية الفلسطينية وتحملان اسم (ياسر وزينة)، يرتدى ياسر زى أبوعمر، أما زينة فترتدى فستاناً مزيناً بنقوش ورسوم فلسطينية فى مصنع صغير يمتلكانه، وحاولا الانفتاح على الأسواق الأوروبية للمنافسة، إلا أن السلطات منعتهم من تصدير هذا المنتج ضمن محاولاتها القضاء على الهوية الفلسطينية.

 

ولعل أقرب مثال يعيش بيننا على أن الدّمى تحكى التاريخ والتراث ما يحدث سنوياً فى مدينة بورسعيد يوم عندما يحرق الأهالى دمية اللمبى، التى ترمز إلى الضابط البريطانى الشهير الذى عمل مندوباً سامياً لبريطانيا فى وعُرف بقسوته وشدته واضطهاده لأبناء إقليم قناة السويس.

 

وفى الأردن أقيم مشروع مدينة الدمية الأردنى، الذى يتركز نشاطه فى المحافظة على التراث العربى الأردنى وتعزيز وتوفير دعم مالى للمرأة الأردنية، حيث يتم إنتاج دمى ذات تصاميم مستوحاة من التراث الأردنى وتسويقها وبيعها، وهى لعبة تقليدية تلبس الثوب الأردنى للحفاظ على التاريخ والهوية.

 

وقد عرف الأمريكيون والإنجليز والكنديون منذ النصف الثانى من القرن التاسع عشر دمية الأميش وهى نوع من الدمى القماشية ولها شكل شهير من الفن الشعبى الأمريكى، وظهرت كألعاب للأطفال، والغريب أن وجهها بلا ملامح، لترسيخ مبدأ أن الجميع متشابهون بلا اختلاف. وفى إيطاليا أصبح «بينوكيو» الرجل ذو الأنف الخشبية الطويلة أسطورة فى أزقة روما، يفتخر بها الإيطاليون ويصدّرونها ويحكون لأطفال العالم كيف تزداد أنفه طولاً مع كل كذبة ينطق بها.

 

وقد أقيم مؤخراً فى دبى معرض تحت اسم (الدمى هى نحن)، وفيه اختصرت حضارات متباينة من أنحاء العالم وتحدثت خلال هذا المعرض تلك الدمى الصامتة بطبعها فى سابقة لم تحدث، لتحكى كل واحدة منها ثقافة بلدها ونشأتها. واشترك فى هذا المعرض أكثر من ٢٠٠ دمية تقليدية بأزيائها المختلفة، مثلت وفرنسا وبريطانيا والبرتغال والبرازيل والفلبين والصين والدول العربية وغيرها، وقد عُرضت فى الجناح المصرى دمى تمثّل الكثير من الأقاليم المصرية، الفلاحة والعروسة الإسكندرانية والبدوية والسيناوية واشتركت فى ذلك المعرض أشهر صانعة دمى بريطانية (ماجى توت)، التى تصنع الدمى من بقايا الملابس وتلون الأقمشة.

 

ودائماً ما يكون هناك رأى خاص، فأقول لكم إن الشخصيات المطروحة فى الدمى غالباً ما تجلب السعادة للناس، لأنها تشبههم فى شىء ما، حتى لو كان هذا الشىء حلماً لم يتحقق، فلنحاول أن نخرج للنور دمية «روح الروح»، لتحكى للعالم التاريخ الغزاوى.
 
 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة البشاير ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من البشاير ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا