الارشيف / عرب وعالم / الامارات / الامارات اليوم

فرنسا تتبنى طرحاً جديداً لاستعادة نفوذها في إفريقيا

  • 1/2
  • 2/2

في 4 مارس الماضي، خلال رحلته إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، شارك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رؤيته لبلاده، مع بقاء باريس منخرطة بعمق في إفريقيا. وصور فرنسا على أنها الشريك الأوروبي الذي لديه أكبر قدر من القواسم المشتركة مع البلدان الإفريقية من حيث القيم ويقدم أكبر قدر من الدعم للعلاقات التجارية والأمنية ذات المنفعة المتبادلة. ومع ذلك، فإن محاولة ماكرون المستمرة لتسهيل عودة ظهور فرنسا كجهة فاعلة كاملة في إفريقيا لا تحدث بالسرعة الكافية للتعويض عن تدهور حالة البلاد في مجالاتها التقليدية للتأثير الاقتصادي والثقافي في القارة السمراء. وكانت كلمات ماكرون مع ذلك متسقة مع ما قاله منذ انتخابه لأول مرة في عام 2017. وكان الرئيس الفرنسي حريصاً على إعادة ترسيخ النفوذ الفرنسي في إفريقيا، على الرغم من القضايا الكثيرة، في السنوات الست الماضية، إذ اشتدت النزاعات المسلحة في منطقة الساحل الفرنكوفونية. وبسبب التمرد، انسحبت القوات الفرنسية من مالي.

وفي التسعينات، تعرضت السياسة الفرنسية تجاه إفريقيا لانتقادات شديدة، وأدى توتر العلاقات الفرنسية الإفريقية إلى انخفاض التمثيل الدبلوماسي الفرنسي في القارة. وكان العائق الأكثر أهمية لباريس هو إخفاقها في التصرف أثناء الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، عندما اتُهمت فرنسا بالفشل في منع تصرفات حليفها آنذاك، الرئيس جوفينال هابياريمانا، عندما بدأت الاستعدادات لما سيحدث. كما أدى تركيز فرنسا على مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل على حساب استراتيجيتها الاقتصادية، خلال العقد الماضي، إلى مزيد من تآكل العلاقات بين فرنسا والشعوب الإفريقية.

عجز فرنسي

وعلى الرغم من الجهود العسكرية الهائلة والمتواصلة مع أكثر من 5000 جندي منتشرين في دول مثل النيجر وتشاد، لم تتمكن فرنسا من مواجهة تهديد المسلحين بنجاح، والذين تستمر هجماتهم على المجتمعات المحلية وقوات الأمن في منطقة الساحل. وسمح تضاؤل نفوذ فرنسا للدول الإفريقية بإعادة توجيه شراكاتها الاقتصادية والأمنية، إذ أصبحت القارة مرة أخرى ساحة معركة جيوسياسية. والآن، ينمو النفوذ الصيني والروسي والتركي في القارة، ويقدم بدائل للنفوذ الفرنسي.

معركة خاسرة

في مالي، كان عجز فرنسا عن محاربة التمرد في شمال البلاد بمثابة تمهيد لانقلاب مايو 2021 الذي دفع العقيد عاصمي غوتا إلى السلطة؛ في وقت باتت فيه عملية «برخان» غارقة، وهي الحملة العسكرية الفرنسية لمكافحة الإرهاب التي بدأت في عام 2013.

وتخوض القوات الفرنسية معركة خاسرة بشكل متزايد ضد فرع تنظيم القاعدة، في الصحراء الكبرى؛ بينما اجتاح عدم الاستقرار السياسي العاصمة باماكو. ومنذ الانقلاب، تجنب غوتا باريس، وانجذب نحو موسكو، التي كان مرتزقة «فاغنر» التابعون لها نشطين بالفعل في مستعمرة فرنسية سابقة أخرى (جمهورية إفريقيا الوسطى).

وتحاول باريس، حالياً، جذب الدول الإفريقية إلى جانبها عن طريق تنفيذ سياسة القوة الناعمة من خلال تعزيز العلاقات مع المجتمع المدني ومخاطبة الشباب. وفي مارس، دعا ماكرون خلال رحلة قام بها إلى وسط إفريقيا في أربع دول إلى «علاقة متبادلة ومسؤولة» مع الدول الإفريقية، بما في ذلك قضايا المناخ.

وبعد أن دفع إلى التحول نحو نهج عسكري أقل أهمية وأكثر تعاونية، وسط الانسحاب الفرنسي من مالي، يحاول ماكرون أيضاً تعزيز الروابط الثقافية مع إفريقيا الناطقة بالفرنسية من خلال تحسين الوصول إلى تأشيرات الدخول للأفارقة، من أجل متابعة الدراسات العليا في فرنسا.

وفي يوليو 2022، أطلق ماكرون حملة لإعادة تنشيط علاقة فرنسا مع إفريقيا، حيث قام بجولة في الكاميرون وبنين، وغينيا بيساو، في أول رحلة له إلى القارة منذ إعادة انتخابه في أبريل 2022. كما وعد بتقليص الوجود العسكري الفرنسي عبر القارة السمراء. وقال ماكرون إن فرنسا لن تلتفت إلى صراعات القوة «التي عفا عليها الزمن» في إفريقيا، معلناً أنه يجب معاملة الدول الإفريقية كشركاء متساوين في مجال التعاون العسكري والاقتصادي.

موقف محايد

مع ذلك، يبدو أن البلدان الإفريقية نفسها تفضل اتباع سياسة خارجية متعددة المسارات. وعلى سبيل المثال، تتغير مواقف الدول الإفريقية تجاه وروسيا، للحرب الروسية في أوكرانيا. وفي تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة في مارس 2022، أدانت 38 دولة إفريقية حرب موسكو على أوكرانيا، بينما امتنعت 16 دولة عن التصويت.

وعلى الرغم من ذلك، أكدت جمعيات المزارعين من 11 دولة في وسط إفريقيا، أن الاضطرابات في الإمدادات الغذائية التي سببتها الحرب في أوكرانيا أدت إلى ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية، ما قلل من القوة الشرائية للكثير من الأفارقة. ولذلك، تبنى العديد من الدول الإفريقية موقفاً «محايداً» بشأن حرب أوكرانيا؛ وقد تفضل «اتفاق سلام» من شأنه، في الوقت الجاري، تأمين مكاسب إقليمية لروسيا في أوكرانيا وتدفق الغذاء إلى إفريقيا.

لا تمتلك فرنسا حالياً الأدوات اللازمة لتحل محل الصين أو روسيا أو تركيا، ولا تخطط لتكون القوة المهيمنة في إفريقيا. ومع ذلك، فإن التحديات الاقتصادية التي تواجهها تركيا وحرب أوكرانيا الطويلة، قد تخلق فرصة لفرنسا للقيام بدور أكثر حزماً في إفريقيا، إذا كانت قادرة على حث الدول الإفريقية على إبعاد نفسها عن القوى الأخرى.

في غضون ذلك، تدرك باريس أن المعركة ضد المسلحين، في إفريقيا، والتي كانت بالغة الأهمية لسياستها الخارجية في القارة، لا يمكن كسبها إلا من خلال البراعة العسكرية ومبادرة السلطات المحلية، ومعالجة الفساد، وتحسين حياة المدنيين. ولن تتمكن فرنسا من الحفاظ على نفوذها في إفريقيا مع التركيز المفرط على مكافحة التمرد، كما فعلت في الماضي، وبدلاً من ذلك، ستكون هناك حاجة إلى استراتيجية أكثر شمولاً.


• أدى تركيز فرنسا على مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل على حساب استراتيجيتها الاقتصادية، خلال العقد الماضي، إلى مزيد من تآكل العلاقات بين فرنسا والشعوب الإفريقية.

• سمح تضاؤل نفوذ فرنسا للدول الإفريقية بإعادة توجيه شراكاتها الاقتصادية والأمنية، إذ أصبحت القارة مرة أخرى ساحة معركة جيوسياسية.

• 5000 جندي فرنسي منتشرون في دول إفريقية مثل النيجر وتشاد.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

طباعة تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا