الارشيف / عقارات / متر مربع

عبد الفتــاح الجبــالــى : الإستثمـــار العـــام والنمـو الإقتصــــادى

عبد الفتـــــــــاح الجبــــــــالــى

الإستثمـــار العـــام والنمـو الإقتصــــادى

أعلنت الحكومة المصرية عن عزمها الإنفاق العام الإستثمارى، بحيث لا يتجاوز تريليون جنيه خلال العام المالى المقبل 2024/2025، وذلك عن طريق الإبطاء فى مشروعات البنية التحتية التى تقوم بها الجهات العامة، وفقا للاتفاق مع الصندوق. وذلك بغية إفساح المجال أمام القطاع الخاص لدفع المزيد من الاستثمارات لتعويض انسحاب الحكومة، وبحيث يقود النمو خلال الفترة المقبلة.

 

وهنا يصبح التساؤل عن أثر هذه المسألة على النمو الإقتصادى، خاصة أن الإستثمارات العامة فى خطة عام 2023/2024 تصل إلى 1650مليار جنيه وبنسبة 64% من إجمالى الاستثمارات، وأن معدل النمو لم يتجاوز 3‪٫8%. فالتنمية هى إضافة طاقات إنتاجية جديدة للمجتمع عن طريق الاستخدام الأمثل للموارد المالية ورفع معدل الاستثمارمع رفع مستوى الإنتاجية. الأمر الذى يسهم فى توليد المزيد من فرص العمل، من هنا يأتى الحكم على كفاءة الحكومات فى اختيار وتحديد السياسات والأدوات اللازمة للنمو.‬

 

وقد أصبح الإنفاق العام (بشقيه الجارى والاستثمارى) يلعب دورا أكبر عن ذى قبل فى تعزيز النمو الاحتوائى والمستدام.لذلك ينظَر إليه بإعتباره أداة فعالة لتشجيع النمو الاحتوائى وتحقيق الاستقرار الاقتصادى، لا سيما أثناء فترات الركود وهو ما يتطلب تحديد المستويات المثلى لهذا الإنفاق.

 

ويميل الاستثمار العام إلى الارتباط بشكل موجب مع النمو الاقتصادى ووجدت معظم الدراسات علاقات موجبة بين النمو والاستثمار فى البنية التحتية من خلال دورها فى تخفيض تكلفة الانتاج التى تواجه القطاع الخاص. وتحسين البنية الأساسية المادية والاجتماعية لتسهيل الاستثمار الجاد والمنتج، كما تؤدى الى ارتفاع نسبة العائد على رأس المال وإنتاج سلع وخدمات لن يقوم القطاع الخاص بتوفيرها، هذا مع الأخذ بالحسبان أن العائد على توجيه مزيد من الاستثمارات العامة فىالبنية الاساسية قد يختلف من دولة لأخرى.

 

فمثلا إذا كانت الدولة قد اهتمت سابقا بالاستثمار الكثيف فى شبكات الطرق، فقد تولد الاستثمارات الإضافية فى الطرق عائدا متناقصا، ومن ثم يصبح للاستثمار العام فى مجال آخر من البنية الأساسية – لم يصل بعد لمرحلة التشبع- عائد أكبر.

 

ومن المفيد معرفة أى القطاعات يولد فيها الاستثمار العام أعلى عائد بالنسبة للنمو وتقليل الفقر. وان هذا الاستثمار قابل للاستمرار. ولهذا فإن العمل رفع كفاءة الاستثمارات العامة والعمل على تخفيض التكاليف يصبح ضرورة عن طريقة اختيار المشروعات ومراعاة الاستيعابية للاقتصاد وحسن الإدارة والتقييم بما يضمن كفاءة الاستثمار العام ويرفع الإنتاجية. جنبا الى جنب مع الاهتمام بالصيانة.

 

وقد قام العديد من الدراسات التطبيقية بدراسة العلاقة بين الاستثمارات العامة والاستثمار الخاص، ويلاحظ وجود تباين فى نتائج هذه الدراسات حول طبيعة هذه العلاقة، من حيث كونها علاقة تنافس أم علاقة تكامل. فى حالة التكامل يحفز الاستثمار العام فى البنية التحتية التكوين الرأسمالى الخاص من خلال رفع الإنتاجية الحدية لعوامل الانتاج- العمل ورأس المال- فى الاستثمارات الخاصة والعمل على زيادة معدل العائد وزيادة الطلب على منتجات القطاع الخاص من خلال التعاقد من الباطن والتوريدات الحكومية، مما يؤثر بشكل إيجابى على الأرباح المستقبلية وتوقعات المبيعات للقطاع الخاص.

 

كما تقدم الاستثمارات العامة خدمات تكميلية للقطاع الخاص من خلال إزالة الاختناقات، وتتكامل العلاقة بين كل من الاستثمار العام فى البنية التحتية والاستثمار الخاص من خلال ما يعرف بتكاليف الإنشاء، حيث قد يؤدى وجود شبكة من الطرق مثلا إلى تخفيض التكاليف المرتبطة بإنشاء مصنع فى منطقة ما أو تيسير نقل مدخلات الإنتاج إلى موقع إنتاجى جديد مما يؤثر على تكلفة وحدة الانتاج بالنسبة للمشروع الخاص.

 

ناهيك عن أن الاستثمار فى مجالى التعليم والصحة يؤثر بشكل إيجابى على انتاجية العامل وعلى جانب آخر، قد تزاحم الاستثمارات العامة الاستثمار الخاص اعتمادا على الأسلوب الذى تتبعه الدولة فى تمويل الاستثمارات العامة، مثلا فى حالة قيام الدولة بفرض ضرائب قد تؤثر على الأرباح المتوقعة للقطاع الخاص، أو بتعويل الدولة على الاقتراض من الأسواق المالية المحلية مما يؤدى إلى انخفاض الموارد المتاحة للتمويل والضغط على أسعار الفائدة، ومن ثم ارتفاع تكلفة رأس المال التى يواجهها القطاع الخاص، مما يؤثر سلبيا على استثماراته.

 

مع اتفاقنا على أن الإنفاق العام على التعليم او الصحة يزيد من رأس المال البشرى، وبالتالى يعد بمثابة استثمار قومى جيد يقوم بتغطية تكاليفه من خلال زيادة الإنتاجية وزيادة الدخول، وبالتالى يعد بمثابة استثمار قومى جيد. ويؤدى رأس المال البشرى دورا محوريا فى المساهمة فى النمو الاقتصادى، كما أن الاستثمارات فى البنية التحتية لها تأثير على مستوى معيشة الفقراء من خلال توفير الخدمات الأساسية مثل المياه الصالحة للشرب والصرف الصحى والمواصلات والاتصالات والكهرباء،

 

وبالتالى تحسن المؤشرات التعليمية والصحية. كما أن الاستثمار العام فى قطاع الزراعة والمناطق الريفية يسهم بشكل كبير فى نمو القطاع الزراعى وخفض معدلات الفقر وتؤدى كفاءة الحكومة دورا جوهريا فى العلاقة بين الإنفاق الحكومى والنمو الاقتصادى، وقد توصلت الدراسات إلى مفادها وجود مستوى حرج للكفاءة يستلزم الوصول له حتى يحدث الإنفاق العام تأثيره الموجب على النمو الاقتصادي. وكلما زادت الكفاءة على هذا الحد الحرج، انخفض الحجم الأمثل للاستثمارالحكومى اللازم لتعظيم النمو. كما خلصت هذه الدراسات إلى أن الدول التى تقع تحت خط الأمثلية ينبغى عليها أن ترفع من مستوى إنفاقها مع تحسين كفاءة هذا الإنفاق.

 

ومن هنا يتمثل التحدى الذى يواجه الإنفاق العام الاستثمارى فى ضمان مستوى من الإنفاق يتسق مع الاستقرار الاقتصادى الكلى من جهة وطبيعة الأوضاع الاجتماعية السائدة من جهة أخرى.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة متر مربع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من متر مربع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا