الارشيف / عقارات / متر مربع

نادر رياض يبتكر عصا التي إبتعلت مدافع النار والنابالم الإسرائيلية

حسن عامر

بدأت الصحافة من مبني الجمهورية القديم الي يطل علي شارع عماد الدين ، وعلي إمتداد البصر تلاحقني العلامة التجارية بافاريا صباح مساء . لم أكن أعلم عنها شيئا . وتصورت في البديات المبكرة إنها إحدي شركات الانفتاح التي جاء بها الرئيس السادات الي ، خاصة وأن الرئيس كان معجبا بالمانيا ، ويتمني أن تتحول مصر الي النموذج الألماني في الشرق الأوسط ..

في عام ١٩٧٨ سافرت الي المانيا بدعوة من معرض للمنتجات الزراعية الافريقيه ، تنظمه وزارة التعاون الألماني ، وشملت الزيارة برلين وشتوتجارت وولاية بافاريا ..

من يسافر الي بافاريا يقع في غرامها ، فهي واحدة من جنات الأرض التي تعدنا السماء بما هو أجمل منها ..
في غرفة التجارة لولاية بافاريا سألت عن شركة بافاريا التي تعمل في مصر ..
وجاءت الإجابة مدهشة .
دي شركة مصرية ، تخصصت في إطفاء الحرائق ، وتستخدم التكنولوجيا الالمانيه التي جري تطويرها مصريا ، ولعبت دورا كبيرا في حرب أكتوبر ..
ولم أشأ أن اتوغل في الأسئلة حتي لا يساء فهم فضولي الصحفي ..

عدت الي مصر وأنا عازم علي التعرف علي بافاريا المصرية .
بالصدفة قابلت الدكتور نادر رياض في غرفة التجارة الألمانية وتبادلنا أطراف الحديث علي أن نلتقي في مكتبه ..
منذ هذا التاريخ لم افترق عن الدكتور نادر رياض ، لأنه أضاء مكوناتي الثقافية التي هجرتها منذ سنوات ..

أنا خريج فلسفة الأسكندرية ، وتابع لمدرسة الأسكندرية الثقافية ..
في هذا قسم الفلسفة تجد مدرسة إبن عربي الصوفي ، وعلي مقربة منها مدرسة سقراط العقلاني ، وعلي اليسار مباشرة تجد مدرسة الفلسفة الألمانية .
زعيم هذه المدرسة هيجل : الذي كان يؤمن إيمانا عميقا أن الدولة توازي السماء في المسؤولية والمهام والعدل . تحكم وتدير وتفرض الأمن وتؤمن الإنسان ، وتقدس العدل ، وعلي الأفراد الالتزام والطاعة .. للوطن والواجب .

نموذج الدولة في رأي هيجل هي التي تقيم النهضة ، بكل مكوناتها . وليس هناك نهضة بدون دولة قوية .. وشعب يقدس الواجب .
التاريخ علي المانيا التي تؤمن بالدولة القوية ، التي تقود النهضة .
الدولة الألمانية ذات رسالة خير لذاتها وللمحيط الجغرافي المحيط بها ، ومابعد المحيط الجغرافي ..

وجدت في نادر رياض نموذج للفلسفة الألمانية الذي يؤمن بالوطن الأم والواجب المجرد من كل غرض ، ويعمل لصالح الوطن حتي لو تعرض للخطأ أو أساء التصرف الإنساني في حقه .

عندما دشن نادر رياض شركته في مطلع السبعينيات ، كانت مصر تتأهب للحرب ..
وقبل الحرب بأسابيع نشر الأستاذ محمد حسنين هيكل مقالته الشهيرة ( تحية للرجال الذين سيعبرون القناة ) .

كانت المقالة مخيفة ومرعبة . وتقول إن الرجال الذين سيحاولون عبور قناة السويس الي الطرف الآخر سيواجهون بقاذفات اللهب والنابالم ، سيواجهون نار جنهم قبل أن تصل قواربهم الحربية الي الطرف الآن … وسوف نخسر عشرات الآلاف من الجنود في الساعات الأولي للحرب .

وعلمت فيما بعد أن الشاب المصري ، الذي لم يتجاوز عمره الثلاثين عاما ، لعب دورا تاريخيا في أنقاذ الشباب الذي تولي الزحف بالقوارب وسط دفعات النار والنابالم ..
هذا الشاب أبتكر موادا تبتلع النار ، وكأنها عصا التي ابتلعت الافاعي …
في كتاب نادر رياض ( شخصيات من الزمن الجميل : محطات في حياة رجل الصناعة نادر رياض ) تجد الوقائع التي ينحني لها الرجال إجلالا واحتراما .
عندما علم بمدافع النار والنابالم ، قرر أن يخوض تجربة الابتكار بنفسه . وعندما أيقن أن التجربة ناجحة ، توجه الي السلطات العسكرية . أنا أستطيع المساعدة في هذا المجال . جربوني حتي تصدقوني ..
وأستقر موقف الرجال علي تجربة أبتكار نادر رياض . سرا وفي أماكن متفرقة من الصحراء ، وعلي مجري النهر .
وتم إعتماد التجربة لمواجهة مدافع النار والنابالم .. وسافر الرجل سرا الي المانيا مرات ومرات ليحمل معه المكونات الأساسية لعصا موسي التي تحرق النابالم ..

قبل هذا بسنوات قليلة تعرض الشاب نادر رياض لتجربة كان يمكن أن تقوده الي الكفر بالوطن والبقاء في المانيا والاستمتاع بجنه بفاريا الولاية ..
سافر للعلاج وهو طالب في ، وظل يستعد للامتحان ، وأبلغ السفارة المصرية في المانيا أن ترتب له الامتحان . وردت السفارة ( ياسلام علي العين والراس ) . ونسيت السفارة الأمر . ولم تطلب من شيئا . وضاع الامتحان علي الشاب ..

لكن الإرادة وحدها سمحت له الإلتحاق بما يشبه إمتحان الثانوية في إحدي الجامعات الالمانيه . والتحق بالجامعة بالفعل ..
وفي لحظة ما تناسي نادر رياض الإساءة الغادرة ، وعاد الي القاهرة ليستكمل تعليمه الهندسي في جامعة عين شمس … فخر الجامعات المصرية آنذاك بنظامها وبهيئة التدريس العظيمه التي تخرج علي يديها عظماء الهندسة في مصر ..

عندما سألته لماذا نسيت وتطوعت لتقديم الخدمة العظيمة للوطن خلال الحرب ..
قال : مصر كانت باستمرار هي قريني في كل المواقف المصيرية ..
بالمناسبة : التضحية في الثقافة الألمانية كلمة لها دلالة عظيمة ، وتتجلي باستمرار حتي في مقابلات التوظف ..
وتتعمد لجنة الامتحان للوظائف قياس مدي أستعداد المرشح للتضحية في مواقف مختلفة .. وكلما كانت تجليات التضحية عالية ، كلما كان التفضيل أعظم لتولي الوظيفة ..

دعوني أتحدث عن نادر رياض والثقافة والصحافة في مقال تال .

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة متر مربع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من متر مربع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا