الارشيف / عقارات / متر مربع

مصطفى عبيد يكتب : نجيب محفوظ الحاضر دائما ..

مصطفى عبيد
[email protected]
 
اختار معرض أبو ظبي الدولي للكتاب ضيف شرف للدورة الحالية التي تبدأ غدا التاسع والعشرين من أبريل، واختارت إدارة المعرض نجيب محفوظ شخصية محورية للمعرض.

بعد ثمانية عشر سنة من رحيله يتجدد حضور نجيب محفوظ، المبدع الاستثنائي الذي وعى مصر جيدا، فبثها سحره حكيا خالدا يستوعب كافة الأجيال ليؤثر فيهم ويُرسخ قيم التسامح والوسطية والنبل.

فمَن يتابع إحصاءات القراءة في العالم العربي يستغرب كثيرا أن الشباب المولود بعد رحيل أديب نوبل يُقبل على قراءة أعماله بحثا عن السحر والجمال والوعي. ذلك لأن الرجل لم يكن مجرد مبدع روائي يحكي الحكايات، وإنما كان ماكينة عصر وهضم للقيم الجمالية وإعادة بثها للأجيال القادمة في دأب وتفرد وزهد غريب.

أتذكر قبل أيام حوارا دار بيني وبين صديق فلسطيني، قلت له فيه إن فلسطين يكفيها عطاءا للعالم أنها أنجبت مفكرا عظيما مثل إدوارد سعيد، ومبدعا ساحرا مثل محمود درويش، فردَّ عليَ بأن مصر أيضا يكفيها أنها قدمت للعالم نجيب محفوظ. وقال لي الرجل الذي لا أشك في نباهته :إن كل الشخصيات العظيمة التي أنجبتها مصر من الزعماء والساسة والمفكرين والأدباء والفنانين في ضفة ونجيب محفوظ منفردا في ضفة أخرى ، لانه رجل استثنائي فريد.

وهو حاضر في كل زمن، ومتجدد في كل حدث. لا يمر عام في بلادي دون كتاب جديد عن سيرته، وعيه، فكره، أدبه ، وآثاره التي لا تزول. في العام الحالي سعدنا بكتاب طيب للناقد إيهاب الملاح بعنوان “رواة السيرة المحفوظية” والذي صدر عن دار “ريشة” ليقدم دليل استرشاديا لكل من كتب عن سيرة الرجل.

وفي الوقت ذاته صدر عن هيئة الكتاب للروائي روبير الفارس كتابا آخرا بعنوان”الفرحة المحفوظية” يتناول صدى فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل سنة 1988 في الصحافة المصرية والعربية.

وقبلها قرأنا لناقد متميز هو مصطفى بيومي أكثر من عشرين كتابا عن أدب نجيب محفوظ، بدءا من تحليل شخصياته، واستقراء تصوراته وآراءه، وصولا لتنبوءاته العامة عن العالم ومصر.

ولا شك عندي أن الرجل كان جميلا في كل شئ، فلم ينفصل جمال إبداعه عن جمال أخلاقه، وربما كانت الحكاية التي حكاها لي الروائي والمستشار أشرف العشماوي يوما تعد برهانا دامغا على ذلك. ففي يوم الجمعة 14 اكتوبر سنة 1994 كان نجيب محفوظ في عامه الثالث والثمانين، وكان أمام منزله يستعد للذهاب إلى أصدقاءه، عندما اقترب منه شاب مرتبك اسمه محمد ناجي مصطفى، فابتسم له ومد يده مصافحا، لكن الشاب أخرج بسرعة سكينا وطعنه في رقبته.

وجميعنا نعرف باقي الحكاية إذ نقل نجيب محفوظ لمستشفى الشرطة بالعجوزة وتم إنقاذه وقبض على القاتل، وتولى المستشار أشرف العشماوي التحقيق في القضية، وكان السؤال الأهم لديه هو ما يدعو إنسان ما إلى قتل رجل عظيم مثل نجيب محفوظ وهو في هذا السن، واكتشف أن القاتل يكفره لأنه صدق ما قيل له بأنه عدو للإسلام.

لكن المثير أن نجيب محفوظ سأل عن سبب أقدام إنسان ما على قتله، واستغرب أن يكون القاتل مقتنعا بكفره، لذا فقد قام بأغرب رد فعل تجاه قاتله، وهو أنه أحضر مجموعة من رواياته وأرسلها كهدية إليه في السجن.

ذلك الخُلق لا ينم سوى عن رجل فاق بأخلاقه حدود الكلام والوصف، وضرب بتسامحه مثالا عظيما، مؤكدا أن الجمال لا في الكتابة وحدها، وإنما في الفعل أيضا.

وهذا وغيره كثير وكثير جعلني أكتب يوما مقالا بعنوان ” مطار نجيب محفوظ” دعوت فيه إلي إطلاق اسم نجيب محفوظ على مطار القاهرة، ومازالت دعوتي قائمة، فبمثل نجيب نشرف وبسيرته وآثاره نفتخر.
والله أعلم

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة متر مربع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من متر مربع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا