منوعات / الوسلية نيوز

الشيخ يوسف محمد عتمان يكتب : قف أيها العقل عند منتهاك

 

 

 

يا له من مشهد مهيب! حيث التجلي الأعظم… لحظة فريدة في التاريخ الروحي، حيث تجلى نور الألوهية على جبل الطور، واخترق قلب النبي موسى عليه السلام بفيض من الجلال والجمال الإلهي ، لا يمكن للكلمات وحدها أن تحيط بهذا الحدث العظيم، لكن دعونا نحاول أن نستشعر بعض جوانبه الروحية .

تخيل معي أيها القارئ الكريم ، موسى الكليم، الذي اصطفاه الله ليكون رسوله إلى فرعون وقومه، يصعد إلى قمة جبل الطور. هذا الجبل الشامخ، الذي شهد همسات الأنبياء وصلوات المتعبدين عبر العصور، يستعد الآن لاستقبال نور لا مثيل له. الصمت يخيم على المكان، وكأن الطبيعة نفسها تحبس أنفاسها ترقبًا لما سيحدث.

في هذا العلو الروحاني، حيث تتلاشى حدود الأرض والسماء، يتوق قلب موسى لرؤية خالقه ، إنه الشوق الأزلي للروح البشرية للاتصال بمصدر وجودها، النبع الذي لا ينضب من الكمال والجمال ، والله سبحانه وتعالى في لطفه وكرمه، يستجيب لهذا الشوق العظيم، لكن بتجليات تتناسب مع قدرة البشر المحدودة.

فجأة يسطع نور عظيم يكاد يخطف الأبصار ويذهل العقول ، إنه ليس نور الشمس أو القمر، بل نور القدس، نور الجلال الإلهي الذي لا يمكن وصفه ، هذا النور يتجلى على الجبل، فيجعله دكًا، ويتلاشى كل شيء أمامه. حتى موسى الكليم، النبي الشجاع والقوي، يخر صعقًا أمام هذا المشهد المهيب.

ماذا رأى موسى في تلك اللحظة؟ هل رأى الذات الإلهية كاملة؟ لا يمكن لعقل بشري أن يستوعب ذلك ، لكنه بالتأكيد رأى من عظمة الله وجلاله ما جعله يدرك مدى ضعفه البشري أمام قوة الخالق المطلقة.

لقد تجلى له من الحقائق الإلهية ما غير حياته ومنحه قوة ونورًا ليحمل أعباء الرسالة العظيمة.

في هذا التجلي، تتجلى لنا أيضًا جوانب إنسانية عميقة ، منها شوق الإنسان للمعرفة المطلقة، ورغبته في الاتصال بالخالق، وحدود قدرته في إدراك عظمة الألوهية.

إنها دعوة للتواضع أمام عظمة الله، وإدراك أننا مهما بلغنا من العلم والمعرفة، فإننا لا نزال نقطة في بحر علمه اللامتناهي.

التجلي الأعظم ليس مجرد حدث تاريخي، بل هو رمز أبدي للتوق الروحي للإنسان، ولرحلة البحث عن الحقيقة المطلقة ، إنه يذكرنا بأن هناك دائمًا أبعادًا أعمق وأسمى تتجاوز حدود عالمنا المادي، وأن السعي نحو النور الإلهي هو جوهر وجودنا.

فلنتأمل هذا المشهد العظيم، ولنجعل من قلوبنا جبالًا تتوق للتجلي، وتسعى لنيل نفحات من النور الإلهي في كل لحظة من حياتنا ، عسى أن يضيء الله دروبنا بنوره، ويجعلنا من السائرين إليه بقلوب خاشعة ومحبة ، وختاما …أيها المشتاق إلى النظرة حينما يطرح هذا السؤال ، ما هو الفارق بين التجلي على القلب الموسوي وما بين التجلي على القلب المحمدي ؟ أقول لك كما قال أهل الله … نعل عرج ، ونعل خلع وما بينهما ما بين هذا وذاك لا تملك إلا أن تقول ( قف أيها العقل عن منتهاك )

الشيخ يوسف محمد عتمان

 

عضو الإدارة العامة للفتوى وبحوث الدعوة بديوان عام وزارة الأوقاف 

 

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الوسلية نيوز ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الوسلية نيوز ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا