10 مايو 2025, 3:16 مساءً
توصلت الجارتان النوويتان اللدودتان، باكستان والهند إلى اتفاق لوقف كامل وفوري لإطلاق النار، في خطوة حاسمة جاءت تتويجًا لمحادثات مكثفة بوساطة أمريكيةـ وهذا الاتفاق يمثل نقطة تحول مهمة بعد أسابيع عصيبة من التوتر العسكري غير المسبوق والاشتباكات العنيفة عبر الحدود المشتركة. تصاعدت حدة المواجهة بشكل لافت منذ الهجوم المسلح الذي استهدف سياحًا الشهر الماضي وتتبادل نيودلهي وإسلام آباد الاتهامات بشأنه، وهو ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى من المدنيين على الجانبين. لقد دفعت الخسائر البشرية والتصعيد المتواصل إلى تحركات دولية عاجلة لتجنب انجراف القوتين النوويتين نحو صراع أوسع نطاقًا.
ولعبت جهود الوساطة الأمريكية دورًا محوريًا في إقناع الطرفين بالجلوس إلى طاولة التفاوض والتوصل إلى هذا الاتفاق الذي ينهي أخطر مواجهة عسكرية مباشرة بين البلدين منذ عقود، ولم تقتصر الجهود على واشنطن، حيث أعلن وزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار على قناة "جيو نيوز" أن المملكة العربية السعودية وتركيا كان لهما دور مهم في تسهيل مسار التوصل إلى الهدنة.
بنود الاتفاق
وتأكدت الهدنة من أعلى المستويات، حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخبر أولاً عبر منصته "تروث سوشيال"، مهنئًا البلدين على "استخدام الحس السليم والذكاء العظيم". من جانب آخر، قدم سكرتير الشؤون الخارجية الهندي، فيكرام ميسري، تفاصيل إضافية حول طبيعة الاتفاق، مؤكداً أن رئيسي العمليات العسكرية في البلدين تحدثا بعد ظهر يوم السبت للتنسيق، وفقًا لـ"أسوشيتد برس".
واتفق القادة العسكريون على أن "يوقف الجانبان جميع عمليات إطلاق النار والعمليات العسكرية برًا وجوًا وبحرًا"، وقد صدرت تعليمات فورية على كلا الجانبين لضمان تنفيذ هذا التفاهم بشكل كامل، ومن المقرر أن يعقد القادة العسكريون الكبار اجتماعًا آخر في الثاني عشر من مايو لمتابعة التطورات وضمان استمرار الهدوء، في مؤشر على الرغبة في ترسيخ الاتفاق وعدم العودة إلى مربع التصعيد.
تصعيد قبل الهدوء
وجاء الإعلان عن وقف إطلاق النار في أعقاب تبادل كثيف للضربات لم يسبق له مثيل خلال الأيام القليلة الماضية، وزعمت الهند أنها استهدفت قواعد جوية باكستانية في وقت مبكر من يوم السبت، مدعيةً أن هذه العملية جاءت ردًا على إطلاق إسلام آباد صواريخ عالية السرعة على بنية تحتية عسكرية ومدنية في ولاية البنجاب الهندية، وفي المقابل، أكدت باكستان أنها اعترضت معظم الصواريخ الهندية المهاجمة وردت بضربات انتقامية استهدفت مواقع عسكرية هندية.
وفي مؤتمر صحفي عُقد في نيودلهي، صرحت العقيد الهندي صوفيا قريشي بأن باكستان استهدفت مرافق صحية ومدارس في ثلاث قواعد جوية هندية في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، وأن الرد الهندي كان "مناسبًا"، من جهة أخرى، قال المتحدث باسم الجيش الباكستاني اللفتنانت جنرال أحمد شريف : "إن بلاده استخدمت صواريخ فاتح متوسطة المدى لضرب منشأة تخزين صواريخ هندية وقواعد جوية في مدينتي باثانكوت وأودهامبور"، مؤكدًا أن أصول القوات الجوية الباكستانية لم تتضرر في الهجوم الهندي.
جهود الوساطة
وجهود الدبلوماسية كانت نشطة بشكل ملحوظ خلف الكواليس لدفع الجانبين نحو التهدئة، وكشف وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أنه ونائب الرئيس جيه دي فانس انخرطا بشكل مباشر مع كبار المسؤولين من باكستان والهند خلال الساعات الثماني والأربعين التي سبقت الإعلان عن الهدنة، وشملت هذه الاتصالات رؤساء الوزراء ناريندرا مودي وشهباز شريف، ووزير الشؤون الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار، ورئيس أركان الجيش الباكستاني عاصم منير.
وتشير هذه الاتصالات رفيعة المستوى إلى حجم الجهود المبذولة لتدارك الأزمة. وأعلن روبيو أن المحادثات لم تقتصر على وقف إطلاق النار فقط، بل شملت اتفاقًا بين الحكومتين على "بدء محادثات حول مجموعة واسعة من القضايا في موقع محايد"، مما يفتح الباب أمام معالجة التوترات الأساسية التي تغذي الصراع بين البلدين على المدى الطويل.
تأثيرات ميدانية
وعكست ردود الفعل على الأرض مدى التوتر الذي ساد قبل الاتفاق، ففي كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، تحدث السكان عن سماع انفجارات مدوية في عدة مواقع، بما في ذلك المدينتين الرئيسيتين سريناغار وجامو، وبلدة أودهامبور العسكرية، ووصف شيش بول فيد، المسؤول السابق بالشرطة، الوضع بأنه "يبدو وكأنه حرب"، مشيرًا إلى أن الانفجارات بدت مختلفة عن سابقاتها وأنها استهدفت على ما يبدو قواعد عسكرية. في المقابل، بحث القرويون وعمال الإنقاذ في كشمير الخاضعة للإدارة الباكستانية عن ناجين تحت أنقاض المنازل التي دمرها القصف الهندي ليلة الجمعة، في مشاهد مؤلمة عكست التكلفة البشرية للصراع.
وفي باكستان، ساد شعور عام بالارتياح والابتهاج بالهدنة، بعد أيام من القلق، ووصف الكثيرون الاتفاق بأنه لحظة فخر وطني، وعبّرت زبيدة بيبي في إسلام آباد عن سعادتها بعودة الهدوء قائلة : "الحرب لا تجلب سوى المعاناة... نحن سعداء بعودة الهدوء. أشعر وكأنها عيد بالنسبة لي. لقد انتصرنا". من الجانب الهندي، رحب المسؤول المنتخب الأبرز في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية عمر عبد الله، بالهدنة، معلقًا : "لو حدث ذلك قبل يومين أو ثلاثة أيام، ربما تجنبنا إراقة الدماء وفقدان الأرواح الثمينة".
ويمثل اتفاق وقف إطلاق النار خطوة ضرورية وحاسمة نحو احتواء التصعيد العسكري الخطير بين باكستان والهند، وعلى الرغم من أن التوترات الكامنة لا تزال قائمة، فإن التوصل إلى هذا التفاهم عبر قنوات دبلوماسية، وبوساطة دولية وإقليمية، يبعث برسالة أمل بإمكانية إدارة الخلافات عبر الحوار بدلاً من المواجهة العسكرية، فهل ستنجح المحادثات المستقبلية في بناء جسور الثقة ومعالجة جذور الصراع لتحقيق سلام مستدام؟
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.