منوعات / الوسلية نيوز

180 مليار دولار لإنقاذ الاقتصاد المصري.. لا حلول تقليدية بعد اليوم

 

بقلم المهندس هيثم حسين:

مشروع “مستقبل الزراعي” ومدينة “مستقبل مصر الصناعية” لم يكونا مجرد ًا مؤجلًا، بل خطوة جريئة اتخذتها القيادة المصرية لتأسيس نموذج تنموي فعّال، يُعيد رسم الخريطة الاقتصادية للبلاد. تلك المشروعات، التي انطلقت برؤية واضحة من الرئيس عبدالفتاح وبقيادة واعية من جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة، تمثل نداءً وطنيًا لكل مصري للمشاركة الفاعلة في إعادة بناء الاقتصاد من القاعدة، لا من القمة.
مصر لا ينقصها الإمكانات. لدينا أرض خصبة، وشباب طموح، وعقول قادرة على الإدارة والإبداع، لكن الخلل الحقيقي ليس في الموارد، بل في النظرة إلى الاقتصاد باعتباره عبئًا تديره الدولة وحدها، لا مشروعًا وطنيًا يشارك فيه المواطنون، من فلاحين وتجار وصناع وشباب. الفجوة في الناتج المحلي ليست نقص التمويل، بل نتيجة فكر اقتصادي غائب لا يرى في المواطن ترسًا في ماكينة الإنتاج.
حين نعيد النظر في الأرقام، سنكتشف الحقيقة المؤلمة: الصناعة والزراعة – وهما أكثر قطاعين قدرة على جلب العملة الصعبة – لا يشاركان في الناتج المحلي بنسبة تتجاوز 10%. هذا يعني أن أكثر من 90% من الإنتاجية في المصانع والمزارع إما معطلة أو لا تعمل بكفاءتها الكاملة. هذه الأرقام وحدها كفيلة بتفسير ما نعيشه من أزمات، لكنها أيضًا تفتح باب الأمل لو عرفنا كيف نحولها إلى فرص.
لدينا واردات تتجاوز 96 مليار دولار سنويًا، بينما لا تتجاوز صادراتنا حاجز الـ40 مليار. هذه الفجوة – التي تقترب من 60 مليار دولار – يمكن ردمها فقط بضخ استثمارات مباشرة تقدر بـ180 مليار دولار، تُوجّه إلى خطوط الإنتاج، والماكينات، والخامات، ومصروفات التشغيل في الزراعة والصناعة. قد يبدو الرقم ضخمًا، لكنه ليس مستحيلاً إذا وُضعت خطة واقعية تمتد لأربع سنوات، وتُنفذ بإرادة وطنية، وبعقول مصرية تنفيذية لا استشارية فقط.
الرهان الحقيقي ليس في إعادة تدوير نفس السياسات التي أثبتت فشلها على مدار نصف قرن. الحلول التقليدية – من تعويم الجنيه، أو رفع أسعار المحروقات، أو تقليص الدعم – لم تنتج اقتصادًا، بل ساهمت في توسيع الهوة بين الإمكانات والنتائج. ما نحتاجه الآن هو قرارات غير نمطية، ورؤية تضع الإنتاج في قلب المعادلة، وتجعل من المواطن شريكًا حقيقيًا لا متلقيًا للقرارات.
مصر لم تكن يومًا فقيرة، العقول التي أنارت العالم لا تزال موجودة، لكنها بحاجة لمن يستثمرها في مواضع التنفيذ، لا في أوراق التقارير. العالم اليوم لا يرحم، والمنافسة لم تعد سياسية فقط، بل اقتصادية بالدرجة الأولى. ومن لا ينتج، لا يملك قراره.
المعركة القادمة اقتصادية بامتياز، وسلاحها الوحيد هو الإنتاج الحقيقي. وإذا لم نستثمر اليوم في الصناعة والزراعة، فلن يرحمنا الغد. الوقت لا ينتظر أحدًا، والأمل لا يصنعه الكلام، بل الفعل.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الوسلية نيوز ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الوسلية نيوز ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا