اقتصاد / صحيفة الخليج

سطوة فرنسا في النظيفة

غافين ماغواير*

رفع منتجو في فرنسا إنتاجهم من الطاقة النظيفة إلى أعلى مستوياته في ست سنوات حتى الآن هذا العام، وولّدوا منها نحو 95% من إجمالي إمدادات الطاقة في البلاد، متجاوزين بكثير إنتاج الطاقة النظيفة في جميع الدول الأوروبية الأخرى.
وجاء هذا الارتفاع في إمدادات الطاقة النظيفة على الرغم من الانخفاضات السنوية في إنتاج طاقة الرياح والطاقة الكهرومائية، والتي قابلها توليد قياسي للطاقة الشمسية وأعلى إنتاج للنووية منذ عام 2019.
ومن الواضح أن قدرة شركات المرافق الفرنسية على الحفاظ على نمو الطاقة النظيفة على الرغم من انخفاض إنتاج الطاقة الكهرومائية والرياح، قد أظهر بشكل جليّ مرونة نظام الطاقة في فرنسا، وهو ما يتناقض مع الانخفاضات الأخيرة التي شهدها إنتاج الطاقة النظيفة في جميع أنحاء أوروبا ككل.
وأسفرت مستويات إنتاج الطاقة القوية في فرنسا عن بعض أدنى أسعار الجملة للكهرباء في جميع أنحاء قارة أوروبا، والتي كانت حتى الآن في عام 2025 أقل بمتوسط يتراوح بين 25% و35% عن الدول المنافسة، بما في ذلك ألمانيا وإيطاليا، وفقاً لبيانات مجموعة بورصة لندن.
ويُظهر هذا المزيج من النمو المُستدام للطاقة النظيفة وانخفاض أسعار الطاقة عن المتوسط أهمية قطاع الطاقة الفرنسي ضمن منظومة الطاقة المترابطة في أوروبا، حيث تلعب فرنسا دوراً حاسماً بوصفها مصدراً صافياً للطاقة.
في الوقت نفسه، يُشكل أسطول فرنسا النووي، الذي يضم أكثر من 50 مفاعلاً، العمود الفقري لنظام توليد الطاقة في البلاد، ويُمثل نحو 70% من إمدادات الكهرباء فيها.
ويتجاوز عمر بعض تلك المفاعلات 40 عاماً، وتتطلب صيانة دورية مُعقدة ومُكلفة. كما تأثرت مفاعلات أخرى بارتفاع درجات حرارة الأنهار خلال فصل الصيف، ما قد يحد من إمكانات إنتاج المحطة ويُشكل مخاطر تشغيلية في حال عدم توفر مياه تبريد كافية للتحكم في درجات حرارة قضبان الوقود.
ولتقليل اعتماد البلاد على قاعدة مفاعلاتها، عززت شركات الطاقة الفرنسية قدرة توليد مصادر طاقة أخرى، وأغلقت محطات نووية قديمة، ما أدى إلى انخفاض حصة الطاقة النووية من إجمالي قدرة التوليد العامة من 45% في عام 2019 إلى 39% في عام 2024، بحسب مركز أبحاث الطاقة «إمبر».
إلى ذلك، كانت مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أسرع مصادر الطاقة الجديدة نمواً في فرنسا، وتمثل حالياً قرابة 30% من قدرة التوليد. 16% لمحطات الطاقة الكهرومائية، و12% لمحطات الغاز، فيما شكلت محطات الطاقة الحيوية 2%.
وإضافة إلى تقليص القدرة النووية القديمة، خفّضت شركات الطاقة الفرنسية قدرة توليد الطاقة التي تعمل بالفحم إلى النصف تقريباً منذ عام 2019، مع الحفاظ على قدرة التوليد التي تعمل بالغاز ثابتة إلى حد كبير. كما ضاعفت تلك الشركات قدرة محطات الطاقة الحيوية تقريباً، ورفعت قدرة توليد الطاقة الكهرومائية بشكل طفيف على مدى السنوات الخمس الماضية، وفقاً لبيانات «إمبر» أيضاً. وساعد هذا التركيز الكبير على توسيع إمدادات الطاقة النظيفة غير النووية في الحفاظ على نظام الطاقة في فرنسا كواحد من أنظف الأنظمة بين جميع الاقتصادات الكبرى حتى مع تقليل اعتمادها على الطاقة النووية.
وولّد نظام الطاقة الفرنسي ما يقرب من 98% من كهربائه من مصادر الطاقة النظيفة في إبريل، وهي أعلى حصة شهرية من الطاقة النظيفة منذ منتصف عام 2024. وتُقارن هذه الحصة بنسبة 65% في المملكة المتحدة، و60% في ألمانيا، و64% في أوروبا ككل، ما يعني أن فرنسا تتصدر دول المنطقة في مجال الطاقة النظيفة بفارق كبير.
وأسهمت زيادة سعة الطاقة النظيفة، التي ارتفعت بنسبة 17% منذ عام 2019، في إبقاء تكاليف الطاقة في فرنسا من بين أدنى المعدلات في أوروبا. وحتى الآن في عام 2025، بلغ متوسط تكاليف الطاقة الأساسية الفورية بالجملة في البلاد نحو 73 يورو (82 دولاراً) لكل ميجاواط/ساعة، وفقاً لشركة LSEG. ويُقارن متوسط سعر الطاقة هذا بنحو 98 يورو/ميجاواط/ساعة في ألمانيا، و107 يورو/ميجاواط/ساعة في بولندا، و125 يورو/ميجاواط/ساعة في إيطاليا، بحسب «مجموعة بورصة لندن».
لقد منحت هذه الخصومات الكبيرة في أسعار الطاقة، مقارنة بشركات الطاقة الإقليمية، شركات الطاقة الفرنسية ميزة تنافسية رئيسية في الأسواق المترابطة ذات الصلة ضمن أوروبا، حيث تمكنت من تصدير فائض الطاقة بشكل مربح. وهذا بدوره يعني أن نفوذ فرنسا في مجال الطاقة النظيفة يمتد إلى ما وراء حدودها، ويضمن استفادة مستوردي الطاقة الذين يعتمدون بشكل رئيسي على الوقود الأحفوري لإنتاج الطاقة محلياً من قاعدة الطاقة الفرنسية التي تزداد نظافةً باستمرار.
*كاتب متخصص في أسواق السلع، الطاقة «رويترز»

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا