مكة المكرمة - محمود عبد الراضي

في مشهد بات متكررًا ومألوفًا خلال موسم الحج، يحرص آلاف الحجاج على توثيق رحلتهم الروحانية بعدسات هواتفهم المحمولة، ملتقطين صورًا وفيديوهات في كل محطة من محطات الرحلة المقدسة.

فبين لحظة الوقوف بعرفات، والطواف حول الكعبة، والسعي بين الصفا والمروة، تتسابق الأيدي لالتقاط صور "السيلفي" ولقطات الفيديو التي تحمل ذكريات العمر.

توثيق رحلة العمر

لم تعد هذه الظاهرة مجرد رغبة في الاحتفاظ بالذكرى، بل تحولت إلى وسيلة للتواصل مع العائلة والأصدقاء، حيث يشارك الحاج لحظاته مباشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكأن العالم كله يرافقه في هذه الرحلة الإيمانية. بعض الحجاج يعدّون مدونات مرئية يومية، يوثقون فيها تفاصيل التجربة، من الاستعدادات قبل السفر، إلى التحديات التي يواجهونها، وحتى لحظة العودة.

ورغم الانتقادات التي يوجهها البعض لهذه الظاهرة، باعتبارها قد تشتت انتباه الحاج عن الأجواء الروحانية، يرى آخرون أن التكنولوجيا أصبحت جزءًا من حياتنا اليومية، ولا تعارض بين العبادة وتوثيق اللحظات إن تم ذلك بوعي واحترام للزمان والمكان.

أحد الحجاج يلتقط صورة شخصية لنفسه بملابس الإحرام

من جهة أخرى، سعت بعض الجهات الرسمية إلى تنظيم هذه الظاهرة، من خلال حملات توعوية تحث الحجاج على عدم التصوير في أماكن الزحام، أو أثناء أداء المناسك التي تتطلب تركيزًا وخشوعًا، حفاظًا على أمن وسلامة الجميع، واحترامًا لقدسية الشعائر.

وبين مؤيد ومعارض، تبقى صور الحجاج وفيديوهاتهم شاهدًا على تجربة لا تتكرر كثيرًا في العمر، تدمج بين الروح والإحساس، والتقنية والذاكرة.