بكل ما في الحزن من وجع، وبكل ما في الفقد من مرارة، نرثي اليوم أخًا عزيزًا، وأستاذًا نادرًا، ورجلًا لم يشبهه أحد في الكرم، والبسمة، والأدب. فقدت قرية المناشلة، وفقدت بني ظبيان، وفقدت الباحة، وفقدنا جميعًا رجلًا كان بحجم الوطن محبةً، وبحجم الجبل وقارًا، وبصفاء الغيم عطاءً... رحل عبدالرحيم بن مسفر رمزي، صاحب الابتسامة العذبة، والوجه البشوش، والقلب الأبيض الذي لم يعرف إلا الحب.
يا عبدالرحيم، لم تكن مجرد إنسان... كنت حالة من الصفاء تسير على الأرض، إذا استقبلك أحد استقبله الفرح، وإذا ودّعك ودّعه الأثر الطيب. لم يُمهلك قلبك الطاهر طويلًا، ذلك القلب الذي خضع ذات يوم لمشرط الجراح، وتعافى بدعوات محبيك، لتعود أكثر نقاءً، وأكثر بهجة، وكأنك جُعلت بيننا لتعلّمنا معنى السخاء بلا منّة، والكرم بلا ضجيج، والحب بلا شروط.
كنت بيتًا لكل ضيف، وموعدًا دائمًا لكل محب. كان منزلك في مكة كما في الباحة، ملتقى للجميع، وملاذًا دافئًا لأهل قريتك والقرى المجاورة. كنت حاتم غامد... بلا مزايدة ولا تصنّع.. تمدّ مائدتك لكل من مر، وتبتسم لكل من اقترب، وتُشعر الجميع أنهم أهلك وأحبابك.
وما غريبٌ أن تكون كذلك، وأنت من آل رمزي... بيت الكرم والجود، كيف لا، وهم من جمعوا في دمهم حكمة غامد وكرم زهران، من نسبٍ عريق، وقربى أصيلة، تجلّت في كل فعل وقول.
أخبار ذات صلة
واليوم، في الاثنين الثالث عشر من ذي الحجة، ترجل فارس الطيب، وغاب وجهٌ ما عرفنا غير النور فيه. غبت جسدًا، وبقيت في القلوب ما بقي الوفاء. لم نرك يومًا إلا وأنت تردد: "يا آل شبرق، يا أهل الريحان، أنتم على واجب عندي"، وكنا بالكاد نفلت من كرمك دون موعد جديد، دون وعد بلقاء قريب... ووعدنا الآن أن نلقاك في الجنة، ضاحكًا، مسرورًا، متكئًا على سرر موضونة، ومرافق مصفوفة.
رحمك الله يا عبدالرحيم، رحمةً تليق بنقائك، وأسكنك فسيح جناته، وجعل قبرك روضةً من رياضها.
وعزاؤنا لأهلك وذويك، ولإخوانك البررة، الأنقياء الأتقياء، ولأبنائك البررة الذين تخلقوا بخلقك، وساروا على خطاك... فما أشد الوجع، وما أقسى الفقد، حين يغيب من أحببنا خصاله قبل أن نحب ملامحه.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.