بين دفتي مكتبة والدها، وفي عتمة العزلة التي فرضها رحيل والدتها وهي لاتزال طفلة، تفتّحت موهبة الشاعرة والملحنة اليمنية جمانة جمال، التي سجّلت حضوراً لافتاً وغير مسبوق على الساحة الفنية العربية أخيراً، باعتبارها أول يمنية تقتحم مجال التلحين بمهنية عالية، وعين على الشعر، وأذن موسيقية تزن الإحساس بميزان الكلمة، ورغم الشهرة الكبيرة التي حققتها فإنها ترفض الظهور، ولا أحد يعرف شكلها من الجمهور.
في مرحلة مبكرة تزامنت مع العشرينات من عمرها، أدركت الشاعرة والملحنة جمانة أن الموسيقى ليست ملحقاً للكلمة، بل رئتها الثانية، معتبرة أن «الموسيقى عالم، والكتابة كذلك، وكل منهما يعيد صياغة الآخر داخل الروح»، لتختصر فلسفتها الفنية التي تجمع بين نضج فكري نادر، وتجربة عمر فني لا يتجاوز الخمس سنوات، استطاعت من خلاله أن تحجز لنفسها مكانة رفيعة وبصمة فريدة على الساحة الفنية العربية.
بدايات لافتة
منذ أن كانت في عامها الـ12 بدأت جمانة كتابة الشعر، وبادرت حينها بمجاراة قصيدة «مدرسة الحب» للشاعر السوري الراحل نزار قباني، ومنذ ذلك الحين انطلقت معها أول شرارة إبداعية في مسيرتها الناجحة في الشعر والكلمة، لتكتشف لاحقاً أن الكتابة ليست فعلاً جمالياً فحسب، بل تمكن حقيقي من التعبير والحفر في المعنى، والخروج من الذات إلى الآخر، فمن خلال هذا الوعي المبكر بالشعر، اقترنت موهبتها الأدبية بموهبة التلحين، فيما شجعها الملحن السعودي المعروف ياسر بوعلي على كتابة الشعر النبطي، وقدّمها إلى الساحة الفنية عبر ألبوم «سفينة نوح»، للفنان ناصر نايف. بعدها كتبت ولحّنت أغنيتيها «ما في اليد حيلة» و«بين معدنه».
لقاء «الكبار»
على صعيد متصل، لم تكن انطلاقة جمانة جمال مترددة، بل استهلت تجربتها بالتعامل مع نخبة من كبار نجوم الغناء العربي من أبرزهم الفنان الكويتي عبدالله الرويشد، الذي طلب منها أغنية بروح فن «المحضار»، الذي يمثل تراثاً أصيلاً في اليمن، فجاءت النتيجة «كل ما قلت ارتويت زادني وصلك عطش»، من كلماتها وألحانها، لتؤكد أنها لا تتقن تعدد اللهجات فحسب، بل تعرف كيف تُدخل روحها في كل تجربة لحنية.
إلى جانب ذلك، قدمت جمانة جمال لأصالة لحن أغنية «الكرسي» التي كتب كلماتها الشاعر خلف الخلف، أما مع نوال، فقدمت جمانة لحن أغنية «على مهلك»، واصفة النجمة نوال بأنها «مدرسة فنية تمنح الثقة دون أن تفرض حضورها».
أما التعاون المفصلي لها فكان مع النجم كاظم الساهر، الذي لحّن قصيدتها «مررتِ بصدري»، والتي بدأت بأربعة أبيات قبل أن تتبلور في ورشة عمل إبداعية، حيث وصفها قيصر الغناء العربي الساهر بصاحبة نضج يفوق عمرها، وأنها إضافة حقيقية لمسيرته، وهو ما تعتبره جمانة «ذروة اللقاء بين الشعر والموسيقى».
من جهة أخرى، شكل تعاونها الأخير مع فضل شاكر نقلة نوعية في تجربتها، وذلك بعد أن تولت كتابة وتلحين ألبومه الأخير كاملاً، بعد أن قدمت له أبرز أعماله «الشام فتح» باللهجة السورية، فيما ينتظر الجمهور أغنيته الأولى بالفصحى «قمري»، وإصداراً غنائياً جديداً مع عبدالمجيد عبدالله، فيما تحتفظ جمال بجعبة مشاريع قيد الإنجاز مع نخبة من الأصوات العربية الجديدة، مثل الفنانين: عايض، وليد الجيلاني، عبدالعزيز المعنى، صمد، بندر عبدالعزيز، مؤكدة في أحد لقاءاتها أن «إتقان اللهجات يمنحك أدوات إضافية لقول ما تشعر به بأكثر من لغة، فاللهجة ليست نطقاً فحسب، بل إيقاع وشحنة شعورية». فيما تؤمن بأن الموسيقى بوصفها ملاذ الشعوب، قادرة على مداواة الخسارات الكبرى، خصوصاً في بلدان مثل اليمن، حيث تصف التاريخ بـ«المرعب»، لكنها في المقابل ترى أن التغيير بدأ فعلياً مع تقبّل المجتمع موهبة المرأة، وتقدير صوتها المختلف.
قصيدة جديدة
تتحفظ جمانة جمال على الظهور الإعلامي، وترى أن الفن يجب أن يُقدم قبل أن يُعرف، وهي تؤمن بأن القيمة لا تستمد من الكاميرا، بل من صدق العمل وعمقه وأثره، لذلك تركز جهودها على تقديم فن محترم، ناضج، ينتمي إلى المدرسة التي توازن بين الإحساس والاحتراف، ففي وقت باتت فيه الأصوات النسائية العربية تحقق حضوراً لافتاً في مجالات الفنون، تقدم جمانة جمال نموذج الفنانة التي تتكئ على معرفة عميقة، وحس شعري مرهف، وتجربة ذاتية محملة بالألم والتحولات.
• كاظم الساهر لحّن قصيدتها «مررتِ بصدري»، ووصفها بصاحبة نضج يفوق عمرها، وبأنها إضافة حقيقية لمسيرته.
• شكّل تعاونها الأخير مع فضل شاكر نقلة نوعية في تجربتها، بعد أن تولت كتابة وتلحين ألبومه الأخير كاملاً.
• الفنان الكويتي عبدالله الرويشد طلب منها أغنية بروح فن «المحضار»، الذي يمثل تراثاً أصيلاً في اليمن.
جمانة جمال:
• إتقان اللهجات يمنحك أدوات إضافية لقول ما تشعر به بأكثر من لغة، فاللهجة ليست نطقاً فحسب، بل إيقاع وشحنة شعورية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.