عرب وعالم / السعودية / عكاظ

المعايير الدولية للتقييم «IVS» والمعايير : بين العالمية والتوطين المهني

في سوقٍ تتقاطع فيه الأرقام مع القرار، وتُبنى فيه الثروات على أساس القيمة، تبرز مهنة التقييم كأحد أعمدة الشفافية الاقتصادية وأدوات الحوكمة الرشيدة.

وما بين معيار دولي يُصاغ في لندن أو نيويورك، وآخر سعودي وُلد من رحم المحلية، يقف المقيم أمام مفترق معرفي لا بد من إتقانه: أين نلتقي؟ وأين نختلف؟

حين نتحدث عن المعايير الدولية للتقييم (IVS)، فإننا نقصد منظومة عالمية تُستخدم لتقييم الأصول بمختلف أشكالها، بدءاً من العقارات، مروراً بالآلات والمعدات والبنية التحتية، ووصولاً إلى المعادن النفيسة والمنشآت الاقتصادية والمركبات والأصول الأخرى.

هذه المعايير تمثل القاموس الموحد الذي يتحدث به المقيمون حول العالم، بلغة مهنية تقوم على الحياد، والدقة، والشفافية.

أما المعايير للتقييم، فقد جاءت امتداداً لهذه المدرسة العالمية، لكنها لم تنقلها نصاً، بل أعادت صياغتها لتتلاءم مع خصوصية السوق ، ومع ما يفرضه العصر من نقلة نوعية نحو الذكاء الاصطناعي والثورة الرقمية، دون أن تغفل عن التشريعات والأنظمة والقوانين المنظمة لقطاعات السوق والخصوصية الاستثمارية المتجذرة.

رغم اختلاف البيئات التنظيمية والاقتصادية، إلا أن جوهر مهنة التقييم واحد. ففي كلا المعيارين نجد:

• النزاهة المهنية ليست خياراً، بل أساس الممارسة.

• أساليب التقييم الثلاث (المقارنة، الدخل، التكلفة) معتمدة ومستخدمة وفق ضوابط محددة.

• هيكل التقرير يخضع لنفس البنية المنهجية: الغرض، التاريخ، الفرضيات، وصف الأصل، أسس القيمة، المنهجية، والاستنتاج.

وكأن العالم، رغم تنوعه، قد اتفق على أبجدية واحدة حين يتعلق الأمر بالقيمة.

وكما أن اللهجات المحلية تعبّر عن ثقافة الشعوب، جاءت المعايير السعودية محمّلة بروح البيئة الاقتصادية في المملكة، التي تخطو بخطى واثقة نحو المراكز الأولى عالمياً، كعضو فاعل في مجموعة العشرين، ومحورٍ جاذب للاستثمار.

وقد تميزت هذه المعايير بـ:

1. مواءمة الأنظمة والتشريعات المحلية

إذ تأخذ في الحسبان تنظيمات مثل التسجيل العيني للعقار، رسوم الأراضي البيضاء، أنظمة التخطيط العمراني، وغيرها من المتغيرات الوطنية.

2. اللغة والتقرير

تُلزم المعايير السعودية بإعداد التقرير باللغة العربية، ضمن نموذج معتمد من الهيئة، بعكس (IVS) التي تتيح حرية اللغة حسب السياق الدولي.

3. الترخيص والاعتماد المهني

لا يُسمح بممارسة التقييم داخل المملكة إلا بعد اجتياز اختبارات الهيئة السعودية للمقيمين المعتمدين، والحصول على الترخيص المهني، وهو ما يضفي بعداً رقابياً يضمن الجودة.

4. تأطير بعض المفاهيم

كـ«القيمة السوقية» التي لا تُفسَّر فقط بناءً على العرض والطلب، بل تأخذ في الاعتبار ندرة البيانات، والتأثير البيئي، والنشاطات الاقتصادية المحيطة.

ما الذي يعنيه هذا للمقيم المحترف؟

يعني أن على المقيم المحترف أن يتقن لغتين:

• لغة السوق المحلي بكل تشريعاته، ديناميكيته، وتفاصيله الدقيقة.

• ولغة العالم، ليتمكن من مخاطبة البنوك الدولية، الجهات الرقابية، أو المستثمرين الأجانب بلغة احترافية موحدة.

فالمقيم لم يعد مجرد «مُقدّر قيمة»، بل أصبح أشبه بـ«مُفسّر اقتصادي»، يقرأ المؤشرات كما يقرأ الطبيب نتائج التحاليل، أو المحامي بنود القانون.

ختاماً: مهنة بين الأصالة والامتداد

في كل تقرير يُكتب، تمتزج المعايير الدولية بالحكمة المحلية، ليولد التقييم لا كرقم فحسب، بل كأداة قرار.

ولعل أعظم ما يقدمه المقيم المحترف في السوق السعودي اليوم هو ذلك التوازن النادر: أن يكون ابناً وفياً للسوق السعودي، وابناً مثقفاً للمدرسة العالمية في آنٍ معاً.

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا