قد تضيف الأدوية الحديثة لمرض ألزهايمر سنوات من الاستقلالية إلى حياة المرضى، لكنها قد لا تنجح مع الجميع، إذ تشير تحليلات جديدة للبيانات السريرية إلى أن أدمغة النساء قد لا تستجيب لبعض هذه الأدوية كما تفعل أدمغة الرجال.
في تجربة سريرية من المرحلة الثالثة دامت 18 شهرًا، أبطأ دواء ليكانِماب (lecanemab) -الذي يُعطى عن طريق الوريد- من التدهور المعرفي بنسبة تصل إلى 27% مقارنةً بالعلاج الوهمي.
كانت النتائج واعدة بما يكفي لأن تُصدر إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) موافقتها على دواء ألزهايمر هذا في عام 2023. لكن الفرق في تأثير الدواء بين الجنسين بلغ 31%، ما دفع العلماء إلى التوقف عند هذا الفارق غير المتوقع.
لم تكن العينة في التجربة كافية للمقارنة الإحصائية المباشرة بين الذكور والإناث، لكن هذا التباين الأولي أثار القلق لدى بعض الباحثين. وللتحقق من هذه الفرضية، أجرى باحثون من كندا وإيطاليا 10,000 تجربة محاكاة بالاعتماد على بيانات التجربة الأصلية (CLARITY AD).
أظهرت النتائج أن الفارق بين الجنسين حدث صدفة في 12 تجربة فقط من أصل 10,000. ما يعني إن الاختلافات البيولوجية المعروفة بين الذكور والإناث في عملية شيخوخة الدماغ لم تفسّر سوى جزءًا صغيرًا من هذا التباين البالغ 31% في فعالية دواء ألزهايمر.
قال مؤلفو الدراسة بقيادة العالِم دانيال أندروز من جامعة مكغيل الكندية إنهم لا يستطيعون الجزم بأن دواء ليكانِماب غير فعّال سريريًا لدى النساء، لكن النتائج تشير إلى أنه «ليس له فعالية تُذكر أو فعاليته محدودة لدى الإناث».
وبما أن ثلثي مرضى ألزهايمر هم من النساء، فإن هذه النتائج تُضعف من الحماسة الأخيرة التي رافقت إطلاق دواء ليكانماب.
نتائج متباينة بين الذكور والإناثقدمت تجربة CLARITY AD بيانات فرعية على شكل مخطط غابي (Forest Plot) وهو عرض مرئي فقط. وأظهر المخطط أن الرجال الذين تناولوا دواء ألزهايمر ليكانِماب انخفضت لديهم وتيرة التدهور المعرفي بمعدل 43% وهو معدل ذو دلالة إحصائية. أما النساء، فكان الانخفاض بمعدل 12% فقط، ولم يكن ذا دلالة إحصائية.
انتقد بعض علماء الأعصاب هذه النتائج، نظرًا لأن حجم العينة لا يسمح بمقارنة قوية بين المجموعات الفرعية. وكتبت عالمة الأعصاب مارينا لينش من كلية ترينيتي في إيرلندا، في مراجعة لأدوية ألزهايمر عام 2024:
«حتى وقت قريب، لم تكن تجارب الأدوية تُعير أهمية كافية لتأثير الجنس في النتائج، وغالبًا لم تُفصَّل البيانات بحسب الجنس … المعرفة الحالية تؤكد على ضرورة إعطاء الأولوية لتقييم الفروق المرتبطة بالجنس في نتائج التجارب».
يتفق أندروز وزملاؤه مع هذا الرأي. ويقولون أن العمل المستقبلي يجب أن: «يفحص الروابط المحتملة بين آلية عمل الدواء والاختلافات بين الجنسين في إزالة بروتين الأميلويد والفعالية السريرية»
آلية عمل الدواء… وما لا نعرفه بعديستهدف دواء ألزهايمر ليكانِماب لويحات البروتين الأميلويد في الدماغ، وهي مرتبطة منذ عقود بمرض ألزهايمر. لكن آلية تأثير الدواء ما تزال غير مفهومة تمامًا. وأظهرت دراسات تشريحية مثلًا أن ثلث المرضى الذين شُخّصوا سريريًا بألزهايمر لا يحملون لويحات أميلويد في أدمغتهم بعد الوفاة!
فمع إن الأميلويد يرتبط بالخرف، أظهرت دراسات حديثة أن إزالته لا تمنع دائمًا التدهور المعرفي، ما يعني أن التركيز على الأميلويد وحده قد لا يكون كافيًا. وربما لهذا السبب لم تنجح معظم الأدوية المستهدفة للأميلويد في التجارب السريرية البشرية. ويُعد ليكانِماب من الأدوية القليلة التي أظهرت فعالية، لكن ربما تكون فعاليتها مرتبطة بنوع ألزهايمر أو بجنس المريض.
الفروق بين الجنسين: ما علاقتها؟تشير بعض الدراسات إلى أن الهرمونات الجنسية والكروموسومات الجنسية قد تؤثر في كيفية تشكّل لويحات الأميلويد والتخلص منها. وهذا ما دفع الباحثين إلى القول: «بعض أدوية ألزهايمر المستهدفة للأميلويد قد تعمل بشكل مختلف لدى النساء مقارنة بالرجال». وأوصوا بتسريع الأبحاث لفهم هذه الفروق من خلال مطالبة شركات الأدوية بمشاركة بيانات التجارب السريرية.
تجاهل الفروق له عواقبيختلف خطر الإصابة بمرض ألزهايمر وغيره من الأمراض الإدراكية اختلافًا كبيرًا بين الجنسين، ومع ذلك لم تتطرق سوى 5% فقط من دراسات علم الأعصاب أو الطب النفسي المنشورة في عام 2019 إلى تأثير الجنس.
مؤخرًا، حذر فريق دولي من الأطباء النفسيين وعلماء النفس وعلماء الأعصاب من أن التحيز الشديد للذكور في أبحاث شيخوخة الدماغ له عواقب وخيمة على الرفاهية ويضع عبئًا غير متناسب على صحة الإناث. وكلما طال تجاهلنا لهذه الاختلافات المحتملة بين الجنسين، طال الوقت الذي سنستغرقه لفهم سبب شيخوخة أدمغة الإناث بشكل مختلف وما يمكننا فعله حيال ذلك.
اقرأ أيضًا:
الزهايمر يهاجم الخلايا العصبية المسؤولة عن بقائك مستيقظًا
ترجمة: حسين الحسين
تدقيق: لين الشيخ عبيد
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة انا اصدق العلم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من انا اصدق العلم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.