كشف تقرير اقتصادي، أن أسعار حبوب الكاكاو شهدت ارتفاعاً ملحوظاً على مدى العامين الماضيين، لتصل إلى مستويات قياسية غير مسبوقة خلال شهر مارس الماضي.
وبحسب التقرير قفزت العقود الآجلة لأكثر من 100% في غضون ثلاثة أشهر فقط، لتصل إلى ضعف السعر الذي كانت عليه سابقاً.
ووفقا للتقرير تعود جذور هذه الزيادة إلى تحديات تواجه صغار المزارعين في غرب إفريقيا، والذين يتعاملون مع تقلبات أسواق العقود الآجلة إلى جانب تأثيرات تغير المناخ على إنتاجهم.
وأشار التقرير إلى أن جزءا من ارتفاع الأسعار الحالي يعتبر مرتبطاً بالاضطرابات الاقتصادية التي تؤثر على أسواق السلع الأولية بشكل عام، والتي غالباً ما تكون مصحوبة بتقلبات كبيرة يصعب توقعها.

ديناميكيات سوق الكاكاو

ووفقا للتقرير تعد منطقة غرب إفريقيا، التي تساهم بما يقارب 80% من إجمالي إنتاج الكاكاو العالمي، من أكثر المناطق تأثراً بالظروف الجوية القاسية والأمراض التي تضرب المزارع. وتواجه ساحل العاج وغانا، أكبر دول منتجة للكاكاو في العالم، تحديات كبيرة بسبب الأمطار الغزيرة والجفاف وتفشي الأمراض، مما أدى إلى انخفاض كبير في قدرتهما الإنتاجية.
علاوة على ذلك، ساهمت ظاهرة النينيو الطبيعية التي عادت للظهور العام الماضي، والتي تتميز بارتفاع درجات حرارة سطح البحر في شرق المحيط الهادئ، في تفاقم الوضع.
ويؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة نشاط الأعاصير والجفاف، مما يؤثر سلباً على إنتاج الكاكاو ويساهم في النقص الحالي في المعروض. وفقاً لمنظمة الكاكاو الدولية، يُتوقع انخفاض إمدادات الكاكاو العالمية بنسبة تقل قليلاً عن 11% خلال موسم 2023/2024.

التأثير على صناعة الشوكولاتة

شهدت أسعار الكاكاو ارتفاعاً قياسياً، حيث وصل سعر العقود الآجلة في نيويورك إلى 10080 دولاراً للطن المتري الواحد في 26 مارس.
واستمرت الأسعار بعد ذلك بالارتفاع لتظل فوق حاجز 9500 دولار. وبالمثل، ارتفعت أسعار حبوب الكاكاو في لندن إلى حوالي 8000 جنيه إسترليني (10,000 دولار) للطن.
وبحسب التقرير، تأتي هذه الزيادة الحادة بعد فترة طويلة شهدت فيها الأسعار انخفاضاً عن 3500 دولار في نيويورك منذ الثمانينيات.
ويرجع سبب هذا الارتفاع المفاجئ إلى النقص الشديد في المعروض، إذ يواجه العالم حالياً عاماً ثالثاً على التوالي من إنتاج غير كافٍ للكاكاو.

الاتجاهات المستقبلية

وأضاف التقرير أن شح الكاكاو غير المسبوق أسهم بشكل كبير في الارتفاع الحاد لأسعار العقود الآجلة، فيما أثار الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار العقود الآجلة في نيويورك، والذي تجاوز 1000 دولار في جلستين فقط، تكهنات حول وجود عوامل مالية أخرى تؤثر على السوق.
ويلجأ التجار في سوق السلع الأساسية، إلى استخدام العقود الآجلة بشكل متكرر لتحوط أنفسهم من المخاطر المرتبطة بالسلع المادية.

مخزونات الكاكاو

ويهدف البائعون الذين لديهم مخزونات من الكاكاو إلى حماية أنفسهم من ارتفاع الأسعار المحتمل عن طريق أخذ مراكز قصيرة، والتي تحقق أرباحاً إذا انخفضت الأسعار.
وعلى العكس، إذا ارتفعت الأسعار، فإن أرباحهم من الحيازات المادية للكاكاو تفوق تكاليف المراكز القصيرة. أما في حال انخفاض الأسعار، فإن المراكز القصيرة تعوض الخسائر الناجمة عن الكاكاو المخزون.
ورغم فعالية استراتيجية التحوط في ظروف تقلبات السوق المعتدلة، إلا أنها تواجه تحديات جدية خلال فترات التقلبات السعرية الحادة والمستمرة.

صعوبات مالية

وتوقع التقرير أن يواجه التجار صعوبات مالية عند الارتفاع الكبير للأسعار، الأمر الذي يستلزم منهم تأمين ضمانات إضافية. وقد يضطرون لاحقا إلى إغلاق مراكزهم بشراء عقود كاكاو إضافية، مما يؤدي إلى ارتفاع أكبر للأسعار في حلقة تعزيز ذاتي.
وتابع التقرير: "حرصاً منها على استقرار السوق وضمان توزيع عادل لموارد الكاكاو، بادرت بورصة إنتركونتيننتال بخطوات استباقية منها خفض كمية الكاكاو التي يمكن للتجار شراؤها عبر بورصة لندن. فيما يتم تخفيض حد التسليم تدريجياً من 75,000 طن في مايو إلى 50,000 طن في يوليو، ليصل لاحقاً إلى 25,000 طن لعقود ديسمبر وما بعدها. تهدف هذه الإجراءات إلى تحقيق الاستقرار في السوق وضمان توزيع عادل لموارد الكاكاو".

مصانع الشوكولاتة

وأضاف: "لم تقف مصانع الشوكولاتة مكتوفة الأيدي إزاء التغييرات الجوهرية التي تشهدها الصناعة، حيث تتخذ من جانبها خطوات استراتيجية مدروسة للتعامل مع الارتفاع الحاد في أسعار الكاكاو".
وتتضمن هذه الخطوات رفع أسعار البيع بالتجزئة، وتقليل حجم المنتجات، وتعزيز الكفاءة التشغيلية، والترويج للمنتجات ذات محتوى الكاكاو الأقل.
ووفقا للتقرير الصادر عن "نور كابيتال"، تمثل هذه التعديلات الاستجابة الأولية فقط، إذ تلجأ شركات صناعة الشوكولاتة عادة إلى تأمين الإمدادات وتحوط الأسعار مقدماً.
من شأن هذا النهج الاستباقي أن يطمئن الجهات المعنية بقدرة الصناعة على مجابهة التحديات الراهنة. مع ذلك، لم ينعكس التأثير الكامل لأسعار العقود الآجلة غير المسبوقة بشكل كامل على رفوف المتاجر.
ومن المرجح أن تشهد شركات تصنيع الشوكولاتة ضغوط التضخم هذه خلال الأشهر الستة إلى الاثني عشر المقبلة. نتيجة لذلك، يمكن للمستهلكين توقع ارتفاع أسعار منتجات الشوكولاتة في المستقبل القريب.