الارشيف / عقارات / متر مربع

عبد المنعم سعيد واعتذار جيل كامل للرأسمالية الوطنية

  • 1/2
  • 2/2

د. سعد الدين إبراهيم
[email protected]
    الدكتور عبد المنعم سعيد هو من أبرز عُلماء السياسة في المُعاصرة، وهو من أبناء الطبقة الوسطى التي أبلت بلاءاً حسناً في حروب مصر خلال النصف قرن الأخير، هو وأخوته، سواء في ميادين القتال، أو مجالات الخدمة العامة المدنية.
    ورغم أنه مثل زُملائه من الجيل الأول لمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ظلوا أوفياء لثورة يوليو 1952، إلا أنه لا يتردد عن المراجعة الدائمة للسياسات العامة. وقد أكسبته دراساته العُليا في الغرب ذخيرة منهجية ومعرفية إضافية، جعلته دائم التبشير بما هو جديد، في الدراسات المستقبلية.
    من ذلك أنه على خُطى الجغرافي العبقري الراحل جمال حمدان، في التنظير لعبقرية المكان المصري، أدرك مُبكراً أهمية الخروج من النهر إلى البحر.
    ورغم أن آخرين، من مصريين وأجانب قد نوّهوا لخطورة التكدس السُكاني في الوادي والدلتا، للدرجة التي جعلت الكثافة السُكانية في مركز الباجور، محافظة المنوفية، في سبعينيات القرن العشرين، مقارنة للكثافة السُكانية لولاية نيويورك، في الولايات المتحدة -مع فارق أن متوسط الدخل الفردي كان في ذلك الوقت -من 1إلى 20، أي أن دخل الفرد في ولاية نيويورك، كان أكثر عشرين مرة. وهو الآن 2023، ربما أصبح ثلاثين مرة مثل متوسط دخل المواطن المصري في مركز الباجور.
    ومن تِلك الإيجابيات، النمو المتسارع لكل من المجمعات العمرانية، والجامعات الجديدة:
من ذلك إنشاء عاصمة جديدة للبلاد، في صحراء مصر الشرقية، بين منطقة قناة السويس في القاهرة. وهو المشروع الذي طال المطالبة به، منذ عشرينيات القرن العشرين، أي قبل مائة سنة. تخللتها محاولات نصف جادة -مثل مديرية التحرير في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، ومدينة السادات والعاشر من في عهد الرئيس أنور السادات، وتنمية وتعمير الساحل الشمالي، على البحر المتوسط -من غرب الإسكندرية، إلى مرسى مطروح والسلوم قرب الحدود الليبية.
ولكن الأكثر جدية، كانت خطة الحكومة، في عهد الرئيس عبد الفتاح على نقل عاصمة البلاد إلى الموقع الجديد، وبناء ثلاثين مدينة جديدة، موازية لعواصم المحافظات الحالية -مثل المنصورة الجديدة، ودمياط الجديدة، وأسوان الجديدة، وأسيوط الجديدة.
وقد واكبت ودعّمت ذلك التوجة العمراني الجديد، استحداث جامعات ومعاهد، ومراكز للتكنولوجيا المتقدمة، بدعوة استثمارات ومبادرات من البُلدان المتقدمة في الغرب والشرق الأقصى على السواء، في افتتاح فروع لجامعاتها العريقة. فكما كانت هناك جامعة أمريكية في قلب القاهرة، منذ 1919، فقد نشأت جامعات بريطانية، وفرنسية، وروسية، ويابانية، وكورية، وصينية.
وتوجي كتابات عبد المنعم سعيد أن مسيرة النمو الاقتصادي، كانت أفضل في ظل قيادة الرأسمالية الوطنية البازغة منذ عشرينيات القرن الماضي. فقد كان الجيل الذي رمز له طلعت حرب وميلاد بنك مصر، المظهر البارز لتلك الرأسمالية. ثم كانت الشركات والصناعات العديدة، التي أنشأها ذلك البنك العبقري، هي التي أعطت العصر الليبرالي (1922-1952)، قواعده وملامحه الاقتصادية.
أما ملامحه الأكثر شمولاً، فقد ظهرت في السينما والمسرح وبقية الفنون الإبداعية. فلم تكن صُدفة أن تتألق وجوه وأسماء، مثل يوسف وهبي، وأم كلثوم، وطه حسين، وتوفيق الحكيم. ثم تظهر وتتبلور جامعات فؤاد الأول (القاهرة الآن)، وفاروق الأول (الإسكندرية)، وإبراهيم باشا (عين شمس) الآن. ولم يكن الإعلام، بشتى صوره، بعيداً عن تِلك النهضة، بل واكبها وباركها، وكان حارساً لها، وناقضاً أميناً لمسيرتها.
للأسف، جاءت حركة الجيش المُباركة في يوليو 1952، لتصحح مسيرة ومثالب ذلك العصر، الذي لم يُسلط الضوء فيه إلا على كل ما هو فاسد وقبيح. فينشأ الجيلان التاليان (1952-1922)، لا يعرفان شيئاً، أو قليلاً عن العصر الليبرالي، ومآثر الرأسمالية الوطنية. وكان لا بُد من انتظار مرحلة الانفتاح الاقتصادي، التي أقدم عليها الرئيس الراحل أنور السادات، بعد حرب أكتوبر 1973.
    ورغم أن ذلك الانفتاح الاقتصادي شابته من السلبيات، ربما ما اتسم به من إيجابيات، إلا أنه في الأمد المتوسط، لنقل خلال العقود الثلاثة من القرن الحادي والعشرين (2000-2023)، جرى محاصرة معظم تِلك السلبيات، وتقليصها إلى حد كبير، مزيد من حرية التعبير، على نحو ما جرى في الصحافة اليومية، والبرامج الحوارية. والأهم هو ما نراه مواكباً لكتابة هذا المقال في مؤتمر الحوار الوطني (مايو 2023).
وربما يكون الأكثر أهمية استرتيجياً في تِلك النقلة العمرانية، هو وصولها إلى منطقتي قناة السويس، وشبه جزيرة سيناء، والتي تستحق مقالاً أو أكثر في حلقات قادمة.
وعلى الله قصد السبيل

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة متر مربع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من متر مربع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا