قبل أن يشق “جيرالت” طريقه في الغابات الغامضة، أو تلمع نظارات “في” وسط أضواء “نايت سيتي”، أو تطلق “جينكس” ضحكاتها المجنونة، كانت “لارا كروفت” وحدها تفتح بوابة الخيال. لم تكن مجرد بطلة رقمية، بل أيقونة زرعت في جيلٍ بأكمله حبّ المغامرة، وكانت أول من علّمنا أن شاشة الألعاب قد تخفي وراءها عالماً لا يقل سحرًا عن كتب الأساطير. واليوم، تعود هذه الظاهرة من جديد لكن بالمقلوب؛ فبدلاً من أن تشتهر الشخصية في الألعاب ثم تنتقل إلى السينما، تُعيد الأفلام والمسلسلات الحياة لشخصيات الألعاب الكلاسيكية وتمنحها روحًا جديدة لتجد أمامها طريقًا مفتوحًا إلى صفحات الكتب وأرفف المتاجر وساحات المعارض من خلال المجسمات وأزياء الشخصيات.
لم تعد سلاسل الأنمي ومسلسلات الخيال العلمي المقتبسة عن ألعاب أو روايات مجرد وجباتٍ ترفيهية، بل أصبحت تجارب متكاملة تخاطب الحواس وتُشعل الحماس. ويبرز دور منصات البث المختلفة -مثل نتفلكس وغيرها- في هذا التحوّل، إذ أصبحت منصتها حاضنة لهذه الأعمال المحورية، يكفي أن تُعلن عن مسلسل جديد مستوحى من لعبة شهيرة، حتى نشهد ارتفاعًا لافتًا في أعداد اللاعبين. قد تختار أن تتجول في شوارع “نايت سيتي” مع أحد الأبطال الخارجين عن القانون، أو تحمل سيفك في “كاير مويرن”، فكل عرض ناجح بات مفتاحًا لعالم جديد ينتظرك أن تضغط زر “ابدأ اللعبة”.

من الشاشة إلى عصا اللعب
لم يكن نجاح الأعمال المقتبسة من الألعاب وليد الصدفة، فبعد عرض مسلسل “آركين” على نتفليكس المأخوذ من لعبة “League of Legends”، ازداد عدد لاعبيها حول العالم، وبدأت شخصيات مثل “جينكس” و”في” تعود إلى الواجهة بعد عرض الحلقات التي أظهرت أبعادًا إنسانية ومعقدة لهؤلاء الأبطال. وفي منطقتنا العربية، استقبل الجمهور هذا المسلسل بحفاوةٍ بالغة، وبدأنا نرى مهرجانات الثقافة الشعبية التي يرتدي فيها الأشخاص أزياء تنكرية لشخصيات الكرتون اليابانية (الأنمي)، والتي تعرف بثقافة الكوسبلاي، وسارعت مقاهي الألعاب إلى تنظيم فعاليات خاصة تتمحور حول المسلسل وشخصياته.
وهو ما حدث أيضًا مع ألعاب مثل Cyberpunk 2077، التي شهدت عودة قوية إلى الساحة بعد عرض الأنمي Edgerunners، ما دفع العديد من اللاعبين للعودة إلى “Night City” وعيش مغامرة جديدة في عالم مستقبلي مليء بالتحديات. أما لعبة The Witcher 3، فقد قفز عدد لاعبيها بنسبة تجاوزت 500% بعد عرض المسلسل، وعاد الجمهور العربي والعالمي لاستكشاف أسرار “جيرالت” من جديد.
عودة الكتب والمانجا إلى الواجهة
الاهتمام بالأنمي والخيال العلمي لم يتوقف عند الألعاب، بل تجاوزها إلى الكتب المصورة والروايات. عند إطلاق النسخة الواقعية من مسلسل “ون بيس” على نتفليكس، تهافت الجمهور العربي على شراء المانغا الأصلية، وضجت المكتبات بالزوار، وامتلأت صفحات التواصل الاجتماعي برسومات المعجبين واقتباساتهم المفضلة.
تحوُّل يجتاح الفعاليات والمشهد الثقافي
في المملكة العربية السعودية، شكّل هذا التفاعل جزءًا من المشهد الثقافي الأوسع، فقد استقبلت فعاليات مثل “كوميك كون الرياض” و”معرض الأنمي السعودي” في موسم الرياض عشرات الآلاف من الزوار، حيث اجتمع المعجبون، وشاركوا في ورش عمل، وتسوقوا لشراء منتجات أصلية، والتقطوا صورًا تذكارية بزي أبطالهم المفضلين. ويعد انتشار هذه الفعاليات شاهدًا على أن المملكة أصبحت واحدة من أبرز الأسواق الإقليمية التي تدعم هذه الصناعة وترعاها.
حين يتحول الشغف إلى هوية
لقد تحولت الهواية إلى وسيلة للتعبير عن الهوية، حيث أصبحنا نرى عشاق الأنمي يتجولون بالأزياء المستوحاة من الشخصيات التي يحبونها، ويبحثون عن المجسمات والملصقات والأكسسوارات الأصلية، وتشكّل سوق مزدهر للمنتجات المُستلهمة من قصص وشخصيات مسلسلات الأنمي والخيال العلمي يعبر عن الولاء والانتماء.
المنطقة تكتب مستقبل صناعة الترفيه
يمثل الشباب نسبة تفوق 60% من إجمالي السكان في معظم الدول العربية، وهو ما يُهيئ المنطقة لتكون مركزًا مؤثرًا في صناعة الترفيه التفاعلي، حيث يلتقي الشغف المحلي مع التأثيرات العالمية ليخلق جيلاً جديدًا من المعجبين اللذين لا يكتفون بالمشاهدة، بل يشاركون ويصممون ويضيفون لمستهم الخاصة بحماسهم واختياراتهم وجرأتهم على الحلم.

كاتب
محب للألعاب منذ الصغر، وشغوف بمتابعة آخر أخبارها ومستجدات الصناعةـ والكتابة حولها واحدة من أكثر الأشياء التي استمتع بها طوال الوقت.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة سعودي جيمر ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من سعودي جيمر ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.