د. إيمان الهاشمي

الغيرة نارٌ صامتة، تومض بعينٍ شامتة، لا تلتهم إلا القلب الذي أشعلها حسداً، وكأنما التهم صفاءه أسد، فما أجمل أن ترى النور في غيرك كما ترى وجهك! دون أن تطمس ملامحك أو تُطفئ وهجك، وما أروع أن تصفق لنجاح الآخرين دون أن تُسقط تاجك! كلما توثق اعتراضك غير المبرر أو تعلن احتجاجك، لأن القلوب التي تنظر إلى من سبقها بغيرة، تبقى دائماً ضئيلة واهنة وصغيرة، فهي تنسى أن في داخلها طريقا لا يشبه سواه، وأن الحقد ألم رهيبٌ... أواه ثم أواه!! فالزهرة تُزهِر كما خُلقت ولا تُقارن نفسها بالشجرة، والجبال تعلو كما أُمرت ولا تستصغر قوة الحجرة، ولذلك انظر إلى مرآتك لا إلى مرايا الناس، ثم زن خطواتك لا خطوات غيرك بلا مقياس؛ فالسُّموّ لا يُقاس بسبقِ أحد، كسباق النهوض صباح يوم الأحد، وإنما بأن ترتقي أنت عمّا كنت عليه بالأمس، وليس بالهمس واللمز والطمس، وبالتالي كن أنت الشمس، واصدح كالطير، وإن كنت لا تتقن الغناء، ولا تجرح الغير، وإن أتقنت العناء.
شيخٌ صالحٌ من ذاك الزمان، ومِن أحفظ خلق الله لكتاب الله، كثيف العبادات، كثير الصلوات، وُلد في مكة المكرَّمة «أشرف بقاع الأرض»، وعاش حياةً مُكرَّمة بالطول وبالعرض، حيث نشأ وكبر وترعرع، في عائلةٍ معروفة بالتقوى والورع، عربي الأصل، قُرَشي الفصل، تقي الوصل، بل في كل يوم جمعة يخرج للصلاة فجراً، ثم يصفّ قدميه إليه طُهراً، حتى تطلع الشمس ظهراً، فلا يصلّي الناس إلاّ وقد ختم المصحف كاملاً، وبعدها يعود إلى منزله مطمئناً مبتهجاً وآملاً.
أبو القاسم إسماعيل بن جامع أو (ابن جامع)، الملحن الرائع وعازف العود اللامع، والمغني المذهل الشامل الجامع، الذي أطرب المتحدّث والصامت والسامع، فتغنَّت معه الجوارح قبل المسامع، وهدأت به أوتار القلب الدامع، توفي والده عندما كان في أول عمره، فتزوجت والدته من وليّ أمره، وهو الغني عن التعريف «سياط» الموسيقي الكبير القدير، الذي يستحق التقدير، على حسنه في التدبير، وتعليم ابن زوجته بشكلٍ جدير، فقد جسّد له معاني الأبوة الحقيقية، وربّاه تربية إبداعية موسيقية، فأصبح بفضلها عَلَماً بشرياً من أعلام الفن، وربما أيضاً بين معشر الإنس والجن، لولا غيرته الشديدة من «إبراهيم الموصلي» الفنان المعروف، ونشوب حرب باردة بينهما وفقاً للظروف.

الأسم: ابن جامع
النشاط: موسيقي
الجنسية: الجزيرة العربية 
من أعماله: موسيقى من العصر العباسي
التاريخ: غير معروف