عرب وعالم / اليوم السابع

الصكوك الوقفية وأسهم البر سنة غائبة واقتصاد مفقود

حظ قليل لمن غابت عنه ثقافة الوقف وسنة الوقف، والتي بنت الاقتصاد ونقلتها دول متقدمة منا وواصلت فيها في وقت تخلينا عنها، فهناك أشكالا حديثة للوقف في العالم، ومنها وقفية جامعة هارفارد التي تعمل وفق منظومة الوقف العلمي، وتوجد فكرة الوقف بأشكال مختلفة، وأحدثها الودائع الوقفية، وكذلك تختلف مصارفه ومخصصات وأبوابه.

والوقف هو ونش الإنقاذ لاقتصاديات الدول، بأن تخصص الوقفيات كأصول للصرف على قطاعات مثل التعليم والسكن والبحث العلمي مثل الجامعة المذكورة أعلاه وما تحققه من نجاحات، وفي يبرز الأزهر كوقف علمي، وخريجوه كعقول موقوفة لصالح الأمة.
ولنا أن نسأل عن فلسفة الوقف، وفي مصر وقفيات عمرها 14 قرنا، وحاليا يوجد 4 مؤسسات وقفية كبرى، منها واحدة تعمل بشكل مدمج ومنظم منذ عام 1972 حينما قرر الرئيس السادات أن يجمع مال الوقف المتناثر في هيئة الأوقاف المصرية والتي توصف بالاقتصادية، والتي تدير 254 ألف فدان أطيان وجناين ووقفيات خديوية، وأسهم في ما يزيد عن 20 شركة وبنك ومصنع، وتتنازع ملكية وقيفات سيدي سالم الأشعري بكفر الشيخ، ووقفية عملاقة لمصطفى عبدالمنان ممتدة بـ 3 محافظات مساحتها 450 ألف فدان بالدقهلية ودمياط وكفر الشيخ والساحل الشمالي بمساحة 55 ألف فدان متميزة، وقدرت قيمته شامل 130 ألف وحدة عقارية بتقديرات ما قبل التعويم بـ تريليون و37 مليار جنيه، يتفرغ لإدارتها 6 آلاف موظف.

فتاريخ مصر في إدارة الوقف وامتلاكه كبير وسباق، إلا أن الكثير منا لا يفهم أن الوقف هو ربط رأس مال أو عقار أو أطيان أو أي مثمن للصرف من عائده على مخصصات وأبواب معينة، وتسمى وجوه البر في حالة عدم تحديد جهة للصرف عليها، وهو ما تستخدمه الدول في البنية العامة، أو التعليم، أو بناء مساكن وكافة الوجوه والمصارف شامل دور العبادة، ما يدعم اقتصاد وبنية الدولة والأفراد، وحفل التاريخ المصري بوقفيات وإحسان كثير، يتبرع به الموقفون ويحددون في شرط الواقف أين تصرف هذه الأموال، التي يعود جزء منها سنويا على رأس المال حتى لا تقل قيمته مع الزمن، وللواقف أو المتبرع أن يتبرع ويوقف لأبناءه وأحفاده وأقاربه مال يضمن لهم به حياة كريمة حتى لو بعد عشرات السنين، إما لتخوفه من التفريط في ماله بعد وفاته، أو لتخوفه من تغير ظروف الزمن.

وفي ظل تراجع عمليات التبرع، يمكن للدولة ممثلة في الأوقاف، أن تتيح عمليات التبرع الوقفي في شكل صكوك وأسهم وسندات للمتبرعين قد تبدأ قيمتها بـ100 أو 200 جنيه، ويكتب فيها المتبرع نوع الوقف، مثلا: وقف هذا المال لعلاج المرضى من عائده، أو للصرف على الطلاب من عائده، أو بناء دار عبادة من عائده، ويشتري إما صك كوديعة وقفية، أو سهم في شركة، أو سند وقفي لصالح أبناءه أو أحفاده حسب من يسمى منهم بأن يبقى لهم معظم العائد وجزء منه يضاف لـ هيئة الأوقاف مقابل الإدارة -هيئة الأوقاف تدير ولا تملك والمالك هو وزارة الأوقاف- وكل هذه المقترحات تمثل حلا في ظل تراجع حجم ملكيات الأفراد وعدم قدرتهم على التبرع بوقفيات وعقارات ذات ثمن، والآن يمكن العمل على نشر فكرة السند للأبناء والأحفاد والورثة، والصك للمرافق والخدمات العامة ودور العبادة -حسب اختيار المتبرع- إذ أن شرط الواقع كنص الشارع، أي أن شرط المتبرع في أن تصرف في جهة معينة لا يمكن تغيره طوال الزمن، زلا يمكن للوقف أن يتلاشى حتى لو لم يوجد له جهة احتياج.
ونشير إلى أن هناك وقفيات وأموال موقوفة في مصر منذ مئات السنين ومستمرة رغم غياب جهة الاحتياج، ومنها: وقف عتق الرقبة -أي دفع ثمن تحرير العبيد- وكذلك وقف الزبادي -ثمن سقوط الزبادي أو مشتريات الأسر من يد الخدم- وأيضا وقف القطط والعصافير والكلاب -لشراء طعام لها- ووقف تسبيل المقابر -تشجيرها ورشها بالماء تستغفر للميت- مع استمرار أوقاف الفقراء والسكن ومقابر الفقراء وطلاب العلم، وبناء المساجد والصرف عليها ورصف الطرق ألخ.

وقد بدأت بصمات الوقف الواضحة في عهد عمر بن الخطاب الذي تخوف على حق الأجيال المقبلة، فخصص الأراضي الفضاء لوقفها وبقيت إلى اليوم، ونرغب نحن أن نوقف صكوكا لخدمة البلاد، وسندات لمعاونة الأبناء والأحفاد، وبذلك نشارك الدولة في التزاماتها، ونعين المحتاج، وندعم الأبناء والذرية، ونبني المؤسسات، فهناك دولة بالشرق الأوسط، تخصص أراض سكنية بنظام المنفعة، تبنيها الأوقاف دون حصة أرض، وتأخذ الأوقاف ثمن التكلفة وقليل من ليحصل المواطن المحتاج على شقة مخفضة وبالتقسيط ليربح الجمع ويستمر العمل.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا